عقد المؤتمر الثالث للاتحاد العربي للإنترنت والاتصالات ARISPA، صباح أمس الثلاثاء، في فندق موفنبيك، برعاية رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ممثلاً بوزير الاتصالات في حكومة تصريف الاعمال المهندس جوني قرم، تحت عنوان “تأمين مستقبل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني في العصر الرقمي Securing The Future AI & cybersecurity In The Digital Age”، بالتعاون مع الأمانة الفنيّة لمجلس الاتصالات والمعلومات العرب في جامعة الدول العربية، وشركة هواوي، ومن تنظيم جمعية المعلوماتية المهنية في لبنان PCA.
حضر المؤتمر الوزير المفوّض في جامعة الدول العربية خالد والي، مقرّر لجنة تكنولوجيا المعلومات في مجلس النواب النائب الياس حنكش، النائب نديم الجميل، شكري مكرزل ممثلا النائب رازي الحاج، رئيس الاتحاد العربي للأنترنت والاتصالات الدكتور فراس بكور، رئيس جمعية المعلوماتية المهنية في لبنان كميل مكرزل، المدير التنفيذي لشركة هواوي- لبنان إيدن لي Aiden Lee، كبير خبراء الآمن السيبراني الشرق الاوسط واسيا الوسطى الوسيوس تشيانج، مدير العلاقات العامة والحكومية في شركة هواوي- لبنان محمد شرارة، مسؤولة العلاقات العامة فاطمة الحشاش، اضافة الى ممثلين عن قادة الأجهزة العسكرية والأمنية وعدد من الخبراء والمتخصّصين ووسائل الإعلام.
بكور
إستُهلّ المؤتمر بالنشيد الوطني، ثم كلمة الدكتور بكور، الذي أكد “أن التطور السريع الذي نشهده في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، أصبح من أهم التحديات التي تواجهنا في العصر الحديث لما تشكله هذه التقنيات من تحديات جديدة ومخاطر متزايدة باتت تتطلب منا الابتكار في الحلول والمبادرات التي تستخدم هذه التقنيات بشكل آمن وفعال”.
أضاف: “لكن في الوقت نفسه تعدّ هذه التقنيات من أهم الفرص للتطوير والابتكار في العديد من المجالات في المنطقة العربية التي تشهد تزايداً كبيراً في استخدام التقنيات الحديثة في مجالات مختلفة”.
ورأى أنّ أهمّيّة المؤتمر تأتي “بتوقيته وبمستوى مشاركيه المتميز وبأوراق العمل التي ستقدّم ضمن محاوره اليوم، ما سيساعد في تسليط الضوء على التحديات والفرص التي تواجهنا في المنطقة العربية، وتبادل الخبرات والمعرفة بين المتخصّصين والمهتمين في هذا المجال. وسيساعد كذلك في إزالة العقبات والتحديات وجلاء الصورة أمام الكثير من الدول العربية التي تسعى للتحول إلى الخدمات الرقمية بأمان وتحقيق متطلبات الأمن السيبراني اللازمة فيها”، ودعا بكور إلى اتخاذ الخطوات الجدية والعملية وتضمين النقاط الاتية في الاستراتيجيات التي تتبناها الدول العربية في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؛ وهي:
1- العمل على تشجيع المبادرات في تصنيع وتطوير التكنولوجيا الرقمية وتسهيل تأسيس الشركات الصغيرة والمتوسطة القائمة عليها.
2- الاستثمار في بناء الكوادر البشرية القادرة والمؤهلة وتطويرها.
3- تشجيع الاستثمار في بناء مراكز البحث والتطوير ودعم هذه المراكز من قبل الحكومات.
4- الشراكة مع القطاع الخاص والمبنيّة على تحقيق المصلحة الوطنية هي وحدها التي يمكن أن تحقّق تغييراً فعلياً ونقلة حقيقية باتجاه توليد مبادرات شُجاعة تسعى إلى تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
حنكش
بدوره، تحدث النائب الياس حنكش في كلمته عن “الشباب اللبناني الذي لا يزال مؤمناً بمستقبل لبنان، على الرغم من الصور السوداوية التي رسمها المفسدون والمستفيدون من هذا الواقع الأليم”، مؤكّداً على “أنّ الطاقات البشرية التي يتمتع بها لبنان، تبقى الشمعة المضيئة في هذه العتمة”.
ورأى أن لبنان “فقد ما كان يتمتع به من أدوار في القطاعات المختلفة، من مستشفى الشرق ومصارف الشرق وتعليم الشرق وغيرها من المقوّمات، وما نتج من أثار بعد انفجار مرفأ بيروت”.
وشدّد حنكش على الدور الجديد المتاح، “الذي يمكن أن يلعبه لبنان على الخارطة العالمية، من خلال الاستفادة من طاقاته البشرية في مجال تكنولوجيا المعلومات، ونحن مصرون على أن نأخذ دورنا في العالم، وخصوصاً في ما يتعلّق بالأمن السيبرانيّ، في حين أن العديد من البلدان العربية قد سبقتنا بأشواط، وحقّقت إنجازاتٍ لافتةً في هذا المجال خلال فترة وجيزة، وحيث أن لبنان لم يأخذ دوره في الثورات الصناعية، إلّا أن فرصتنا اليوم للانخراط في المجتمع التكنولوجي العالمي، وسوف نعمل بكل جهودنا لتحقيق أحلام شبابنا والاستفادة من طاقاتهم لإعادة البناء في لبنان وبثّ روح النهضة في ربوعه. وهنا نعول على دور شركة هواوي التي ما زالت تؤمن بقدرات الشباب اللبناني”.
والي
من جهته، رأى الوزير والي في كلمته، “أن التطور التكنولوجي الذي شهده العالم خلال الأشهر القليلة الماضية، في مجال الذكاء الاصطناعيّ، ونجاح بعض التطبيقات والبرامج في محاكاة العقل البشري، سينعكس بأثر سلبيّ على سوق العمل العربي، حيث إن العديد من المهن مهددة بالاستبدال بتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ما قد يزيد من نسبة البطالة في الوطن العربي”.
وأشار والي إلى “أن جامعة الدول العربية بمنظّماتها، تعكف على الاعداد لاستراتيجيّة عربيّة للذكاء الاصطناعيّ لتوحيد الجهود العربيّة، وتكثيفها بما يُساهم في ارتفاعِ مُعدّلات النّمو الاقتصاديّ للدول العربية، وسيساعد على مواجهة مخاطر الذكاء الاصطناعيّ الّتي يُمكن حدوثها مستقبلاً، وتكوين موقفٍ عربيّ مشترك إزاء قضايا الذكاء الاصطناعي في المنظمات الدولية، لمواكبة التغيرات التكنولوجية، والاستفادة من الفرص الواعدة في تعزيز النمو الاقتصاديّ، ورفع مستوى أداء القطاعات الحيويّة المختلفة، وبناء القدرات وصقل المهارات اللازمة للنهوض عربياً والمنافسة عالمياً، وإيجاد مجموعة من المشاريع والمبادرات بما يخدم المصلحة المشتركة، وبما يعزز الاقتصاد الرقمي، ومد سوق العمل بفرص جديدة، وتحسين كفاءة وجودة الخدمات وخفض تكاليفها، بحيث تغطي جميع فئات المجتمع، وتيسير التعاون الاقليمي، وتوحيد الجهود على الساحة الدولية، وتوفير بيئة جاذبة للاستثمارات الخاصة بالذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تشجيع ريادة الأعمال وتحفيز الابتكار”.
تشيانج
وتحدث الوسيوس تشيانج، كبير خبراء الامن السيبراني Huawei في الشرق الاوسط وآسيا الوسطى في شركة هواوي، فرأى “أن الأمن السيبراني هو رياضة جماعيّة، بعد النظام البيئي المفتوح والتعاون الذي تقوده الصناعة، والمبنيّ على أساس الثقة، وهو خطوة ضرورية نحو تنظيم جهد تآزري في شراكة القطاعَين العام والخاص، بين الحكومة والقطاع الخاص، وسوف يمكن ذلك من إنشاء هذه المدينة كمركز رقمي موثوق به لمنطقة المشرق العربي، والذي سيعيد إنشاء بيروت رقمياً، كمحرك جديد للنمو الاقتصادي”.
أضاف: “إنّ التزام الشركة بدعم مسيرة التحول الرقمي لدول الشرق الأوسط من خلال التعاون المفتوح والعمل المشترك لبناء نظم إيكولوجية لتقنية المعلومات والاتصالات مدعومة ببرامج مخصصة للتعامل مع تحديات ومخاطر الأمن السيبراني التي تزايدت على ضوء تسارع الرقمنة والاعتماد على التقنيات الحديثة. ومن شأن هذه النُّظم أن تساهم في تحقيق تقدم ملموس على طريق التنمية الاجتماعية والاقتصادية لدول المنطقة وإنجاز أهداف البرامج والمبادرات الوطنية بشكل أسرع خلال الأعوام المقبلة”.
القرم
ثم القى الوزير القرم الكلمة الآتية: “أشكركم على إعطائي الفرصة للتحدث اليوم عن الموضوع الهام للدور الذي يجب أن تلعبه وزارة الاتصالات في لبنان في مساعدة المجتمع على الانتقال إلى عالم الذكاء الاصطناعي. فبينما نقف على أعتاب عصر تحركه هذه الثورة العلمية، بات من الضروري أن نتخذ الخيارات الصحيحة وأن نرسي أساساً متيناً لمستقبل يعود بالفائدة على الجميع، ولا سيما بلدنا لبنان العظيم.
إنّ صعود الذكاء الاصطناعي يعِدُ بتقدمٍ غير مسبوق في الكفاءة والإنتاجية والابتكار. ومع ذلك، يثير أيضاً مخاوف بشأن القضاء على الوظائف والأمان والمسائل الأخلاقية المتعلقة بالآلات المتحكمة بشكل متزايد. وفي هذا المجال، من مسؤولية وزارة الاتصالات أن تضمن انتقالاً سلساً وعادلاً إلى هذا العالم الجديد والمبتكر.
أولاً، وقبل كل شيء، يجب على الوزارة أن تستثمر في التعليم وتطوير القوى العاملة، لا سيما في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فمع تغيّر سوق العمل بفعل الذكاء الاصطناعي والتشغيل الآلي، ستتطور الأدوار التقليدية لناحية إعادة تشكيل سوق العمل، ومن هنا يجب على الوزارة التعاون مع المؤسسات التعليمية لإنشاء مناهج تعليمية تعزّز القدرة على التكيّف والإبداع.. فمن خلال التركيز على التعلّم المستمرّ وتطوير المهارات، يُمكننا تجهيزُ مواطنينا للنجاح في بيئة تتغيّر بسرعة كبيرة ليتأقلموا معها… بالإضافة إلى ذلك، يجب أن توفر الوزارة الدعم المالي والحوافز للعمال لإعادة تطوير مهاراتهم وتدريبهم في المجالات الناشئة التي يلعب فيها الذكاء الاصطناعي دوراً تكميلياً بدلاً من أن يحلّ محلّهم.
ثانياً، تحتاج وزارة الاتصالات إلى وضع أطر قانونّية وأخلاقيّة شاملة لتوجيه وتطوير الذكاء الاصطناعي ونشره. ويجب أن تحمي هذه الأطر الخصوصية الفردية، وتضمن أمن البيانات، وتمنع إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض ضارّة أو مشبوهة، وذلك من خلال العمل مع الشركاء الدوليين والوزارات الأخرى. كما ويُمكن للوزارة تطوير معايير تعزز الشفافية والمساءلة والإنصاف في النظام البيئي للذكاء الاصطناعي. وسيساعد هذا النهج التعاوني في منع مشهد مجزأ يمكن أن يحدّ الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي في لبنان”.
أضاف: “بعد ذلك، يجب على الوزارة إعطاء الأولوية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مواجهة التحديات المجتمعية الملحة، فمثلا يمكن الاستفادة منه في تحسين البنية التحتية للاتصالات، وتوسيع الوصول إلى الإنترنت، وتعزيز الاقتصاد الرقمي. ومن خلال الاستثمار في الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي لهذه المشكلات، يمكننا تسخير قوة التكنولوجيا من أجل الصالح العام.
على سبيل المثال، يمكن أن يُساعد الذّكاء الاصطناعيّ في تحسين إدارة الشبكة وتوزيعها، مما يؤدي إلى تحسين الاتصال وتقليل التكاليف. أما في الاقتصاد الرقمي، فيمكن للذكاء الاصطناعي تمكين الخدمات الشخصية، وتعزيز رضا العملاء ودفع النمو من خلال توجيه الأموال والموارد العامة نحو هذه المجالات، كما يمكن للوزارة ضمان مساهمة فوائد الذكاء الاصطناعي في تحسين نوعية الحياة لجميع المواطنين اللبنانيين”.
تابع: “يجب على وزارة الاتصالات تعزيز التعاون بين القطاعَين العام والخاصّ في تطوير الذكاء الاصطناعي. فمن خلال تعزيز الشراكات بين الجامعات والمؤسسات البحثية والشركات يمكننا دفع الابتكار والتأكد من أن التقنيات الناتجة في متناول الجميع. كما يمكن للوزارة أن تلعب دوراً حاسماً في تمويل البحوث الأساسية، وخلق حوافزَ للاستثمار الخاص في الذكاء الاصطناعي، وتوفير البنية التحتية اللازمة لدعم هذا التعاون”.
وختم بالقول: “تلعب وزارة الاتصالات في لبنان دوراً حيوياً في توجيه الانتقال إلى عالم الذكاء الاصطناعي. فمن خلال الاستثمار في التعليم وتطوير القوى العاملة، وإنشاء الأطر القانونية والأخلاقية، وإعطاء الأولوية للحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي للتحديات المجتمعية، وتعزيز الشراكات بين القطاعَين العام والخاص، يمكننا ضمان مشاركة الجميع في مزايا الذكاء الاصطناعي والاستفادة منه، إذ يمكننا تشكيل مستقبل لا يكون فيه الذكاء الاصطناعي مجرد قوة للنمو الاقتصادي، ولكن أيضاً فرصة للتقدم الاجتماعي ورفاهية للإنسان”.
وفي نهاية المؤتمر، تمّ تجديدُ اتفاقيّة التفاهم بين شركة هواوي Huawei و Arispa.
توصيات
وفي الختام صدر عن المؤتمرين التوصيات الاتية:
1- ضرورة تعزيز المجتمع العربي الرقمي على الانترنت والتأكد من توثيقها حتّى تكون مرجعاً موثوقاً به لأنظمة الذّكاء الاصطناعي.
2- الانسان هو صانع التكنولوجيا وهو الغاية منها، لذلك من المهم الاهتمام بتأهيل وتشجيع جيل الشباب على الاستخدام السليم للتكنولوجيا.
3 – ضرورة تأهيل الموظفين في مختلف القطاعات على التعامل مع حوادث الهجمات السيبرانية وذلك بالاستفادة من شركة هواوي في مجال الامن السيبراني.
4- الذكاء لاصطناعي هو أداة التطوير، ولكن يجب تحديد طريقة استخدامه.