من المقرّر أن تبتّ لجنة المال والموازنة البرلمانية يوم الإثنين المقبل، الصيغة النهائية لاقتراح قانون الصندوق السيادي الذي أنجزته اللجنة الفرعية التي كانت انبثقت عن لجنة المال وشارك فيها نوّاب من مختلف الكتل والقوى، إضافة إلى ممثّلين عن هيئة قطاع البترول.
وتوصّلت اللجنة الفرعية إلى دمج 4 اقتراحات مقدّمة من كلّ من تكتل «لبنان القوي» و»اللقاء الديموقراطي» وكتلة «التنمية والتحرير» وتكتل «الجمهورية القوية»، وخلصت إلى صيغة واحدة، على أن يتولّى رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان إعداد تقرير حول ما تمّ التوصل إليه ورفعه إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، ليصبح الاقتراح جاهزاً، إلى جانب الاقتراح الذي سبق وأقرّته اللجنة والمتعلّق بالطاقة المتجدّدة، لعرضهما على أي جلسة تشريعية مرتقبة.
وعلمت «نداء الوطن» أنّ الحيثيات التي استند إليها هذا الإقتراح إنطلقت من المادة 3 من قانون الموارد البترولية في المياه البحرية رقم 132/ 2010، والتي تنصّ على إيداع العائدات المحصّلة من قبل الدولة الناتجة عن الأنشطة البترولية أو الحقوق البترولية في صندوق سيادي، يحدّد نظامه كيفية إستثمارالعائدات وتوظيفها واستعمالها بموجب قانون خاص بالإستناد إلى مبادئ وأسس واضحة وشفافة للتوظيف والإستعمال، تحتفظ من خلالها الدولة برأس المال وبجزء بمثابة صندوق إستثماري للأجيال المقبلة، وتصرف الجزء الآخر وفقاً لمعايير تضمن حقوق الدولة، بما يجنّب الإقتصاد أية إنعكاسات سلبية محتملة على المديين القصير والطويل.
ويأتي هذا التشريع أو النص المقترح بعدما استكمل معظم مراحل المنظومة التشريعية الخاصة بقطاع البترول، لا سيّما مع اختتام دورة التراخيص الأولى في المياه البحرية اللبنانية التي أفضت إلى تلزيم الرقعتين 4 و9 إلى إئتلاف شركات بترولية، تتمتّع بالمواصفات التأهيلية العالمية الأمر الذي سيتمّ معه البدء بأعمال الحفر وتليها مرحلة الإنتاج وبالتالي تحقيق عائدات للدولة من الأنشطة البترولية.
ويستند الإقتراح إلى مبادئ الشفافية والمساءلة والحكومة الرشيدة وفقاً للمعايير الدولية المطبّقة في هذا الشأن والمبادئ العالمية المعمول بها لا سيّما تلك الصادرة عن مؤتمر سنتياغو في العام 2008. كما أنه يأتي بعدما جرى حديثاً الإتفاق على ترسيم الحدود البحرية في الجنوب بما يسهّل عمليات المسح والتنقيب واستخراج الثروة البترولية بغية معالجتها وبيعها بواسطة شركات بترولية عالمية.
ويعالج الإقتراح كيفية تكوين الصندوق وهيكليته الإدارية والوحدات التي يتألف منها بجعله شخصاً من أشخاص القانون العام مستقلاً إدارياً ومالياً، يخضع فقط لأنظمته الخاصة ويدار من قبل مجلس إدارة يتمّ اختيار أعضائه من قبل مؤسسة توظيف دولية ومدير تنفيذي، على أن يقوم الصندوق بتنفيذ مهامه بالتنسيق مع مجلس الوزراء إستناداً إلى تفويض استثمار يصادق عليه مجلس النواب ويحدد فيه المبادئ والمعايير التي تخضع لها عمليات توظيف الأموال والعائدات المترتبة عن الأنشطة البترولية أو أي موارد طبيعية أخرى، كما يبيّن القانون طرق الرقابة المالية على أعمال الصندوق بواسطة ديوان المحاسبة والتدقيق الخارجي من قبل شركتين عالميتين انطلاقاً من معايير دولية، إضافة إلى تحديد القواعد المالية التي ترعى عمليات الإيداع والسحب بما يضمن تكوين رأس مال إحتياطي والحفاظ على الأموال كثروة للأجيال الحالية والقادمة.
وقد وصف النائب إبراهيم كنعان «هذا العمل بالمهم جداً لأنه يحدد بالمرحلة المقبلة عملياً قدرة لبنان على المستوى التشريعي والقانوني بمعايير دولية وبشفافية مطلقة وباستقلالية وحيادية لا يحدّها سوى مسألة الملك العام وعلاقة هذا الصندوق بالدولة، والتي لها طابع الملكية». ولفت إلى أن «الإيرادات والواردات بنسبة 80% هي في محفظة ادّخار واستثمار، أما الـ20% الأخرى من عائدات الصندوق فتخصّص للتنمية الداخلية بمشاريع مستدامة واستثمارية تعود بالمداخيل للدولة اللبنانية».
وأكد كنعان أن «هذه المشاريع تتمتّع بصفة إصلاحية ومالية دولية كبيرة، إذ نتحدث عن عائدات بمليارات الدولارات، وبتوظيفات مالية بقطاعات منتجة بلبنان، وهي من الشروط والمواصفات الدولية لاستعادة لبنان مكانته على المستوى الدولي».
وعن تحصين القانون قال كنعان: «عندما تكون لهذا الصندوق موازنته، ولا يغطي لا الديون ولا المصاريف اليومية ولا النفقات التشغيلية للدولة اللبنانية، فهذا يعني أنه جرى تحصينه بأفضل المواصفات، وجرى تأمين المعايير المطلوبة للاستقلالية والشفافية، وتمّ الفصل مع الدولة، ولا يمكن القيام بأكثرمن ذلك تشريعياً».
يبقى السؤال الأهمّ بعد إنجاز هذا التشريع ومواكبته التنقيب عن الثروة النفطية: هل ستكون هناك دولة مؤسسات بعيداً عن المحاصصة والمحسوبيات لكي تستفيد الأجيال القادمة من هذه الثروة؟