نلتقي يوميا بمواطنين في طرابلس يئنون، مرهقون مرضى لا يجدون الدواء، يحملون الوصفة الطبية، ويجولون بها من صيدلية الى اخرى دون جدوى في غالب الاحيان…
صحة المواطن وسلامته هي الاساس، وتأتي في المرتبة الاولى من مسؤوليات وزارة الصحة والحكومة…
كيف يستطيع مواطن دخله لا يتجاوز العشرين دولارا في الشهر، ان يشتري دواءه المرفوع عنه الدعم، والذي تصل فاتورته الى خمسة ملايين ليرة؟
رفع الدعم، وارتفاع اسعار الادوية، إحدى أهم الاسباب التي انعشت سوق تهريب الادوية من تركيا والاردن وسوريا ومصر، والاخطر انها انعشت انتشار الادوية المزورة التي تهدد حياة المرضى، وسجلت منذ اسابيع قليلة في طرابلس حالة وفاة جراء تناول المريض دواء مزوّر.
ويلاحظ ان مواقع التواصل الاجتماعي باتت حافلة باعلانات الادوية التركية التي يمكن طلبها وتصل «دليفري» الى العنوان.
وحسب الاوساط الصحية، ان واقع الادوية مأساوي ولا يمكن التساهل به، باعتباره يمس حياة الناس، وعلى وزارة الصحة بشكل خاص والحكومة مجتمعة، مسؤولية اعادة النظر بقرار رفع الدعم عن بعض الادوية الاساسية، وان تبادر الى تخفيض اسعار الادوية التي تنتجها معامل لبنانية، مع مراقبة الجودة والنوعية، وبخاصة ان اسواق طرابلس والشمال باتت ممتلئة بالادوية الرديئة، وباصناف غير ذي فائدة.
واشارت الاوساط الى ان الكثير من الصيدليات تعاني من انخفاض المبيعات لديها نتيجة ارتفاع الاسعار، وانتشار ادوية ذات منشأ تركي او سوري، بل زادت معاناة الصيادلة جراء عدم توفر كثير من الادوية للامراض المزمنة والمستعصية، في حين ان صيدليات تعمل على تأمين ادوية لزبائنها دون تأمينها للعموم.
تدابير اتخذت للحد من التهريب، لكنها لم تتمكن من محاصرة مافيات الادوية، التي تواصل انشطتها غير مكترثة بما تتسببه هذه الادوية غير المجدية، وسجل لنقيب الصيادلة محاولات ايضا من خلال دوريات تفتيش تشمل الصيدليات والمستوصفات خاصة في المناطق النائية، لكنها تدابير لم تصل الى النتيجة المرجوة، ولن تكون مجدية ما لم تضع وزارة الصحة يدها على شبكات التهريب. وبالتالي فان للحكومة دورا في ضبط اسعار الادوية والعمل على خفضها، وعدم المس بسعر الدواء لانه يمس صحة الناس وسلامتهم وحياتهم.