في الوقت الذي يتواجه فيه المودعون المحتجون على ممارسات المصارف اللبنانية المُختلسة لأموالهم مع عناصر القوى الأمنية، ثمة من يتمادى أكثر فأكثر على أموال اللبنانيين، بمن فيهم موظفو القطاع العام، ومنهم القوى الأمنية.
وفي ممارسات تعكس يأس المودعين، يحاول عدد منهم الثأر من المصارف، من خلال توجيه التحركات المطلبية إلى مواجهة شرسة تقوم على تكسير واجهات المصارف وتحطيم ممتلكاتها. ويأتي هذا التحوّل في خطط المواجهة مع المصارف بعد تعرّض الكثير من المودعين لخيبة أمل من إحقاق حقهم من قبل القضاء اللبناني، وسوء إدارة الأزمة المصرفية من قبل السلطة النقدية والسياسية في البلد. ويرى البعض منهم بأن لا أمل باسترجاع الحقوق إلا بإلحاق الضرر المباشر بالمصارف والضغط المباشر عليها.
وفي مقابل هؤلاء، تصرّ شريحة واسعة من المودعين على سلوك المسار القانوني في مواجهة المصارف لاسترجاع الودائع. ويرى هؤلاء أن في التحركات العنيفة في مواجهة المصارف تداعيات سلبية على المودعين.
المواجهات العنيفة
وقد أقدم اليوم الخميس عدد من المودعين على تحطيم الواجهات الزجاجية لبنك بيبلوس وبنك عودة وبنك بيروت بفرعيه في منطقة سن الفيل، وأشعلوا الإطارات عند مداخلها. كما حاول المحتجون قطع الطريق، ما استدعى تدخلاً سريعاً من الجيش، فوقعت مواجهات وتدافع بين الطرفين سرعان ما انتهت بإبعاد المحتجين عن أبواب المصارف وإفساح المجال أمامهم لتنفيذ تحركاتهم الاعتراضية في الشارع.
وتزامناً مع تحرك المودعين في منطقة سن الفيل وتحطيم واجهات المصارف، تجمّع عدد آخر من المودعين تلبية لدعوة جمعية صرخة المودعين، أمام مسجد الأمين في وسط بيروت، رافعين شعارات مندّدة بالممارسات المجحفة بحق المودعين، ومؤكدين استهداف كافة المصارف وأصحابها وعائلاتهم أينما تواجدوا.
وليست هذه المواجهات الأولى من نوعها. فقد سبق للمودعين وبدعوة من جمعية صرخة المودعين أن نفذوا تحركات احتجاجية على الأرض في مواجهة المصارف أكثر من مرة، كان آخرها في وسط بيروت وقبلها في منطقة بدارو.
كما لن يكون تحرك اليوم الأخير. إذ تؤكد الجمعية بأن المودعين لن يوفّروا فرصة لمواجهة المصارف و”الإنتقام منها إن على مستوى مقراتها وفروعها أو على مستوى مدرائها وعائلاتهم بصفة شخصية”.
ويحذر البعض من أن تتجه التحركات إلى التصعيد المتعمّد بوجه المصارف وتوفير ذريعة لها بالإغلاق خوفاً على أمنها، مع بدء العد العكسي لانتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وهو ما يمكن ان يمهّد لمسألة التمديد لسلامة لفترة زمنية جديدة، خصوصاً في ظل عدم التوافق على اسم حاكم جديد بين الأفرقاء السياسيين.
وحسب المعلومات، يعمل عدد من المودعين على التحضير لمواجهة مقبلة مع المصارف أكثر شراسة من سابقاتها، من المتوقع أن تسقط معها كل الاعتبارات. وذلك في محاولة لرفع مستوى المواجهة بما يتلاءم وحجم الجريمة التي ترتكبها المصارف بحق المودعين واختلاس أموالهم واستنزافهم يومياً، على ما يقول أحد المودعين العازمين على التصعيد بالمواجهة مع المصارف. ويستشهد بشعار جمعية صرخة المودعين الذي رفعه اليوم المحتجون أمام المصارف في سن الفيل “سنواجه النار بالنار”.
تسلل المصارف
وفي موازاة تحرّك المودعين ومواجهاتهم مع عناصر الجيش والقوى الأمنية، تقوم بعض المصارف بوضع ضوابط جديدة “اعتباطية” لتقليص عدد المستفيدين من منصة صيرفة، ومنهم الموظفون. وقد عمّم بنك بيروت على سبيل المثال، الضوابط الجديدة المُعتمدة في عمليات منصة صيرفة.
ومن الشروط المُعتمدة بدءاً من يوم أمس، 14 حزيران، في بنك بيروت، حصر المستفيدين من منصة صيرفة بمن لديهم في حساباتهم المصرفية 50 ألف دولار بالحد الأدنى أو 750 مليون ليرة، بما في ذلك حسابات الموظفين، مع الإبقاء على استفادة الشركات من منصة صيرفة على حالها.
تلك الإجراءات قد تحدّ كثيراً من استفادة الموظفين من منصة صيرفة، وتتيح في المقابل المجال أمام المحظيين وكبار التجار والشركات لشراء الدولارات عبر منصة صيرفة بسقوف عالية، تصل إلى حدود المليار ليرة شهرياً، وللشركات لغاية 10 مليارات ليرة.