على الرغم من التوترات في لبنان والفراغ الرئاسي والشلل الحكومي، تبقى التحضيرات لصيف 2023 من الأولويات، خاصةً أن هذا الموسم يمكن أن ينعش لبنان وشعبه مادياًّ ومعنوياً ولو لأشهر قليلة. ولقد شهد لبنان في الآونة الاخيرة ورغم تفاقم الأزمة وانتشار الفقر، ظاهرة غريبة في المطاعم والمقاهي والملاهي حيث نراها مزدحمة في مناطق معينة. فكيف ستكون السياحة مع قدوم حوالى مليوني سائح وزائر إلى لبنان؟ وكيف تتحضر الفنادق لاستقبالهم؟
لا شك في أن جائحة كورونا أثرت في القطاع السياحي على المستوى العالمي، بما في ذلك قطاع الفنادق والنقل الجوي والشركات السياحية والمطاعم والمعالم السياحية. وقد تكبدت الشركات خسائر فادحة وفقدت العديد من فرص العمل. وإلى جانب الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان، شهد القطاع السياحي في لبنان تراجعاً ملحوظاً، وتغير الاتجاه العام الماضي حيث شهدت السياحة نمواً، نظراً لأعداد الوافدين إلى لبنان لا سيما خلال فصل الصيف وفترة الأعياد، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع نسبة الإشغال في فنادق لبنان في بيروت وخارجها. كما وهناك العديد من الفنادق التي عاودت عملها هذا الصيف بعدما كانت قد أغلقت أبوابها لفترة.
نسبة إشغال الفنادق في الفصل الأول من السنة
أظهرت الدراسة التي أجرتها شركة الاستشارات والتدقيق «إرنست آند يونغ» EY عن القطاع الفندقي في منطقة الشرق الأوسط، «أن نسبة إشغال الفنادق ذات الأربع والخمس نجوم في بيروت بلغت 36.9% في الفصل الأول من العام 2023، مقارنة بنسبة 43.6% في الفصل الأول من العام 2022، وبمتوسط نسبته 67.3% في 13 سوقاً عربياً. وسجّلت بيروت نسبة الإشغال الأدنى في المنطقة في الفصل الأول من العام 2023، في حين سجّلت النسبة الثالثة الأدنى في الفصل الأول من العام 2022. بلغت نسبة إشغال الفنادق في بيروت 36.8% في كانون الثاني، و35.6% في شباط، و38.2% في آذار 2023، مقارنة ﺒ34.7% في كانون الثاني، و43.8% في شباط، و52.7% في آذار 2022. انخفض معدل نسبة إشغال الفنادق في بيروت ﺒ6.7 نقطة مئوية في الفصل الأول من العام 2023 من الفترة ذاتها في العام 2022». اما المتوقع لهذا الصيف فيراوح بين 35 و80% حسب الفنادق ودرجتها والمناطق وحسب المعدل بين منتصف الاسبوع وعطلة نهايته، وبالتالي فان المتوسط المتوقع لهذا الصيف 55% تقريباً.
الأشقر: لا استثمارات جديدة في قطاع الفنادق
أصدر رئيس إتحاد النقابات السياحية ورئيس المجلس الوطني للسياحة بيار الأشقر بياناً أطلق فيه نداءً الى كل المكونات السياسية والمجتمعية في لبنان «لتوفير كل الظروف المؤاتية لموسم صيف جميل وواعد، وتجنيب البلد أي خضات أمنية وتحركات وإقفال طرق»، معتبراً أن «هذا الموسم يشكّل متنفّساً للبنان واللبنانيين ومن شأنه تدعيم القطاع السياحي وكل القطاعات الإقتصادية وكذلك تدعيم عائلات وشباب لبنان وشاباته»، مشيراً الى أن «عملية الخطف الأخيرة لم تؤثر على الموسم السياحي إذ تمكنت القوى الأمنية من تطويقها وتحرير المخطوف بسرعة قياسية».
ويشير الأشقر إلى أن «نسبة إشغال الفنادق اللبنانية لموسم صيف 2023 لم تتضح بعد، لا سيما أن 80 في المئة مِمَن سيزورون لبنان هم من المغتربين اللبنانيين الذين يمتلكون منازل ويمارسون السياحة الداخلية، وبالتالي هم لا يقومون بحجوزات قبل أشهر، لذلك لا يمكننا معرفة الأرقام الصحيحة للحجوزات في الفنادق الموجودة خارج بيروت، أما بالنسبة للأجانب فهم سيتجهون نحو الفنادق الموجودة في بيروت ويمكننا من هنا معرفة وجهة الحجوزات في العاصمة».
وأوضح أنه «إذا تكرّر سيناريو العام الماضي، فقد تبلغ نسبة الحجوزات في بيروت بين 60 و65 في المئة، وخارج بيروت خلال منتصف الأسبوع بين 25 و30 بالمئة. أما خلال العطل الأسبوعية فسترتفع نسبة الحجوزات الى ما بين 65 و80 في المئة»، متوقعاً ان «تسجل بيوت الضيافة والفنادق الصغيرة نسب إشغال 100 في المئة نظراً لكونها لا تحتاج إلى عدد زبائن كبير». ولفت إلى أنه «لا استثمارات جديدة في قطاع الفنادق. ولكن هناك بعض الفنادق التي كانت مقفلة قد عاودت عملها اليوم. ويمكن ملاحظة استثمارات في بيوت الضيافة التي يمكن أن تستوعب عدداً من الزوار، وهي تتألف من 7 إلى 15 غرفة وموزعة في بعض المناطق البعيدة وغير الموجودة على الخريطة السياحية، ووصلت هذه الاستثمارات إلى حوالى 160 مؤسسة خلال السنوات الخمس الماضية، إضافة إلى قطاع بيوت الـAirbnb المخصص للزوار الذين يتجهون نحو المغامرات».
فلوطي: أغلب الحجوزات تقتصر على جنسيات من دول عربية وأوروبية
بعد عامين من الإغلاق، عاود فندق «فينيسيا» نشاطه في شهر تشرين الأول 2022، بعد الأضرار التي أصابته من كارثة انفجار المرفأ، لاستقبال زبائنه الأوفياء. «وإعادة فتح فندق فينيسيا يعتبر مؤشراً إيجابياً في ظل الأجواء السلبية التي يمرّ بها لبنان، على الرغم من النقصّ في التمويل من قبل المعنيين بالقطاع السياحي وغياب التسويق للبنان في الخارج»، تقول مديرة قسم المبيعات والتسويق في فندق «فينيسيا» سنتيا فلوطي. وتشير فلوطي إلى أن «80 بالمئة هي نسبة الإشغال في الفندق لصيف 2023، وأغلب الحجوزات تقتصر على جنسيات من دول عربية وأوروبية، حيث أن 70 بالمئة من الحجوزات تعود لهم، و30 بالمئة تعود للمغتربين اللبنانيين. أما بالنسبة لمدة البقاء فهي تتراوح بين 3 و4 أيام». وأوضحت فلوطي أن «الأسعار لهذه السنة أصبحت تساوي تقريباً أسعار سنة 2019، ولكن أسعار الغرف ليست ثابتة ويمكننا حصر معدل الليلة الواحدة بـ 350 دولاراً زائد 11 بالمئة VAT».
عرموني: أغلبية الحجوزات تعود للمغتربين اللبنانيين
ويشير المدير العام لفندق ريجنسي بالاس وليد عرموني إلى «أن أغلبية الحجوزات تعود للمغتربين اللبنانيين القادمين من البرازيل وأميركا الجنوبية وكندا بالإضافة إلى اللبنانيين العاملين في أفريقيا والخليج، وما يميز هذا الموسم هو ارتفاع نسبة السياح من العرب والأوروبيين، واللبنانيين القادمين من قارات بعيدة مع عائلاتهم وهم اشخاص هاجروا ولم يعد لديهم بيوت في لبنان لتمضية العطلة أو أنها ليست جاهزة ويفضلون البقاء في الفنادق على إعادة فتحها من جديد، وتكون مدة بقائهم بين 12 و 20 يوماً، وهي مدة طويلة للغاية. كما ويمكننا ملاحظة حجوزات لها علاقة بالأعراس حيث إزدادت أعداد الغرف المحجوزة لمدة قصيرة ليومين أو أكثر في موسم الأعراس. ويؤكد عرموني أن «هذه الظاهرة ليست جديدة وإنما كانت موجودة قبل بدء الأزمة وانتشار وباء كورونا.»
أرناؤوط: صعوبة إيجاد يد عاملة متخصصة وذات خبرة
«إن صيف 2023 سيكون أفضل من صيف 2022»، يقول مديرعام مجموعة فنادق لانكستر بلال أرناؤوط، «وذلك لأن الوضع الأمني في لبنان مستقر على الرغم من الفراغ الرئاسي والحكومي. ولذلك إن نسبة الإشغال في الفنادق ستكون 80 بالمئة ابتدأً من عيد الأضحى وخلال فصل الصيف، ولكن بالرغم من ارتفاع هذه النسبة، لن تعود السياحة في لبنان إلى حجمها الطبيعي مثلما كانت قبل الأزمة. وتنحصر مدة البقاء بين 3 و5 أيام، كما أن الاسعار تتراوح بين 180 و300 دولار (فندق 5 نجوم) و بين 90 و 130 دولاراً (فندق 4 نجوم)». ويشير أرناؤوط «إلى واحدة من المشاكل التي تعاني منها الفنادق، وهي صعوبة إيجاد يد عاملة متخصصة وذات خبرة، فهناك تفاوت بين الطلب على اليد العاملة من قبل الفنادق من جهة والراغبين بالعمل من جهة أخرى، ويعود ذلك لهجرة عدد كبير منهم إلى الخارج بحثاً عن رواتب أفضل، مع العلم أنه تمّ تعديل الرواتب في هذا القطاع، ولكن تبقى المشكلة بوضع البلد ككل».
6.5 مليارات دولار… هل ممكن؟
وتقدر العائدات وفق المعنيين بالقطاع السياحي بنحو 6 مليارات ونصف المليار لسنة 2023، مستندين إلى حجم الإنفاق للوافدين بمعدل وسطي 3 آلاف دولار. فهل سيقطف لبنان هذه المرة هذا الموسم الواعد؟ لقد سبق وشهد لبنان السيناريو نفسه في السنوات الماضية حتى ولو لم تكن الحركة بكثافة هذه السنة. ففي العام الماضي، لم نشهد أي تحسن في الوضع النقدي بالرغم من زيارة عدد من السياح. أما بالنسبة لدولارات الوافدين فهي من دون جدوى وستخسر مفعولها بعد فترة زمنية قصيرة بغياب أي خطة نقدية واضحة لتوظيفها.