ينشغل لبنان، بمناطقه المختلفة ومؤسّساته، بالموسم السياحي وعائداته المتوقّعة على الاقتصاد، وتحسب عكّار حصّتها من هذا الموسم لتجد أنها أقلّ المناطق استفادة من الموسم على الرغم من وجود الكثير من المقوّمات السياحية فيها، والتي لا تقلّ قيمة عن مثيلاتها في أي منطقة، غير أنّ الإهمال ملازمٌ لهذه المحافظة، ويبدأ من عدم إدراج هذه المقوّمات، من غابات وأنهار ومحميّات طبيعية وغيرها، على خريطة وزارة السياحة ليتعرّف إليها الزائر أو المغترب، ولا ينتهي عند معاناة هذه المحافظة المزمنة مع الإنماء المتوازن، الذي لم يطبّق على أراضيها.
ثمّة من يرى أنّ الإنماء الحقيقي يتحقّق في عكار بمجرّد تشغيل مطار الشهيد رنيه معوّض في القليعات، وتحسين وضع شبكة الطرق الداخلية بين القرى والبلدات، أو تلك التي تربط عكار بباقي المحافظات، ولا سيّما أوتوستراد المنية، وهو منفذ عكار إلى طرابلس وبيروت، ويحتاج إلى توسعة وأعمال صيانة وتأمين شروط السلامة العامة للسيارات المارّة عليه ضمن المواصفات العالمية، وفق مبدأ أنّ طريق الإنماء يبدأ من إنماء الطريق. المواقع السياحية في عكّار لا تحصى ولا تُعدّ، لكنّ القطاع اليوم يعتمد بشكل أساسي على سياحة الجبال والمساحات الطبيعية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
– القموعة في فنيدق، وهي مساحة طبيعية تظلّلها الجبال والأشجار وهي مناسبة للسياحتين الصيفية والشتوية. غابة العذر التي تتميّز بسحرها الطبيعي الجميل وأشجارها ونباتاتها المتنوّعة، مثل أشجار السنديان والعرعر والأرز والسرو وغيرها، وتُعدّ مقصداً للسيّاح والمغامرين الباحثين عن عيش تجربة طبيعية مثيرة، تتخلّلها مسارات طويلة للسير، ومواقع مخصّصة للتخييم.
– شلالات عيون السمك الواقعة بين قضاءي عكّار والضنّية، وتُعدّ منطقة اصطياف بامتياز لما تحويه من مناظر جمالية طبيعية خلابة.
– وادي جهنم، وكرم شباط، وشلالات عكار العتيقة وبقرزلا ومشمش وغابات وأديرة في القبيات ومنجز.
– متحف الطيور والفراشات في القبيات الذي يضمّ أكثر من 150 نوعاً من الطيور وعدداً كبيراً من الحيوانات المحنّطة عثر عليها الآباء خلال رحلاتهم المختلفة في المناطق اللبنانية.
– بالإضافة إلى معالم أيضاً كالقصور التاريخية القديمة والأبنية الحجرية والقرميدية كالتي تمتاز بها بلدة بينو، وغيرها من المساجد والكنائس، إلى جانب الأنهار كالنهر الكبير ونهر أسطوان، والبحيرات، وإلى جانبها عدد من الفنادق والمطاعم والبيوت الخشبية التي دخلت إلى الواقع السياحي في السنوات الأخيرة.
يقول بلال البعريني متحدّثاً باسم أصحاب المطاعم والبيوت الخشبية في منطقة القموعة – فنيدق لـ»نداء الوطن»: «نحن جاهزون دائماً للموسم السياحي بشقّيه الصيفي والشتوي، لأنّ منطقتنا تصلح للسياحة الصيفية والشتوية. لدينا الخدمة والنوعية مع مراعاة بالأسعار، وأملنا كبير في المغتربين والسيّاح للمجيء إلى القموعة في فنيدق، فالصيف في أوّله، والوضع الأمني جيّد من خلال وجود الجيش اللبناني والقوى الأمنية، والصيف في عكّار رائع والحمد لله الأمور جيدة، لكننا نعوّل أكثر على المغتربين والسيّاح، كما يجب أن تكون هناك التفاتة أكبر من الدولة ومن وزارة السياحة إلى عكّار».
من جهته، يؤكّد مدير مركز «جيل الأمل السياحي» في فنيدق علي صلاح الدين أهمية إدراج المؤسّسات والأماكن السياحية في عكار على خريطة الوزارة وذلك لإعطاء السياحة في عكار بعدها الوطني. ويقول: «من الضروري بمجرّد دخول السائح أو المغترب أرض لبنان ومطاره، أن تكون الأماكن السياحية العكارية وفي مقدّمها القموعة- فنيدق على الخريطة. هناك الكثير من المؤسسات في منطقتنا تقدّمت بطلب الإدراج، لكنها لا تزال تنتظر ونأمل بتّ الأمر سريعاً».
حتى الآن يبقى اعتماد السياحة ومؤسساتها في عكار على أبناء المنطقة وبعض القادمين من مناطق لبنانية أخرى من هواة السياحة الداخلية، وبعض المغتربين من أبناء المنطقة أيضاً. ويقول أصحاب الفنادق الكبيرة في عكار: «في وقت تزخر فيه الفنادق في بيروت وجبل لبنان بالحجوزات إلى أقصاها، فإنّ نسبة الحجوزات في فنادق عكار ضعيفة مقارنة مع فنادق بيروت والمناطق الأخرى، لأن السياحة في المنطقة تعتمد بشكل أساسي على أبنائها الذين لا يحتاجون بطبيعة الحال إلى فنادق وحجوزات».
ولن ننسى بالطبع وجود شاطئ بحري في عكّار يمتدّ من نهر البارد حتى العريضة الحدودية مع سوريا بطول يزيد على 17 كلم، وهو بجزء منه ملك أشخاص وبجزء آخر ملك الدولة. هذا الشاطئ متروك من دون استثمار، فلا منتجعات ولا سواها، ولو تمّ استثماره لأمكن توفير مئات فرص العمل لشباب المنطقة، بالإضافة الى إحياء السياحة البحرية فيها التي تقتصر حالياً على بعض الأنهار والبحيرات.