مصارف تتهرّب من فتح الحسابات: أهلاً بالودائع “الكبيرة” فقط

تقوم بعض المصارف بممارسات غير عادلة، تميّز بموجبها بين أصحاب الأموال والمدّخرات، فترفض فتح حسابات جديدة أو تقبلها، وفق معايير استنسابية لا سند قانونياً لها ولا أخلاقياً. فلم يعد متاحاً لأي كان فتح حساب مصرفي جديد في عدد كبير من المصارف.

تمييز بين الحسابات

تميّز العديد من المصارف بين طالبي فتح الحسابات المصرفية الجدد. فتطلب من طالب فتح الحساب التقدّم بطلب لديها لتقوم بدراسته وتحديد ما إذا كانت ستوافق على الطلب أو ترفضه. ومن بين المصارف التي “تقنِّن فتح الحسابات”، إذا صح التعبير، وتميّز بين العملاء، بنك بيروت وبنك بيروت والبلاد العربية BBAC وبنك بيبلوس وسواها.

وحسب المعلومات، فإن دراسة المصرف لطلب فتح الحساب، قبل الموافقة عليه أو الرفض، له أسباب عدة. أولها أن المصارف لم تعد مهتمة بزيادة عدد عملائها الصغار، أي اولئك الذين لا ودائع جديدة لديهم، ويحتاجون إلى فتح حسابات جديدة بغية تلقي حوالات مالية ضئيلة من الخارج. هذه الفئة تحديداً هي مَن تتهرّب منها المصارف.
ويقول مصدر مصرفي إن الموارد البشرية للمصارف باتت شحيحة، بعد صرف آلاف الموظفين وإغلاق عشرات الفروع. وبالتالي، فلا قدرة لدى الموظفين الفعليين على تلبية حاجات وخدمات العملاء الجدد، لا سيما أصحاب الحسابات الصغيرة.

أما السبب الثاني، فلا ينم سوى عن جشع المصارف وأصحابها. فبالنسبة إليها، الحسابات “الفريش” الجديدة التي تتلقى التحويلات الضئيلة لا تحقق منها المصارف، حسب المصدر، سوى الفتات. بمعنى أن تكلفة خدمتها تفوق ما يمكن أن يحققه المصرف منها كأرباح.

فئتان فقط تهتم بعض المصارف اليوم بفتح حسابات لها. الفئة الأولى هي: حاملو الدولارات الكاش كودائع، أو متلقّو التحويلات المالية الكبيرة. والفئة الثانية هي أولئك الذين يملكون حسابات مصرفية قديمة بالليرة أو الدولار المصرفي (اللولار). وذلك في سبيل استفادتهم من بعض التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان، لاسيما التعميم رقم 158.

ولا تسري تلك الإجراءات غير العادلة على المصارف كافة. فالبعض منها كبنك لبنان والمهجر BLOM Bank على سبيل المثال، يستمر بفتح حسابات مصرفية جديدة “فريش” لكل من يطلب ذلك من دون قيد أو شرط، لكن مع اقتطاع عمولات كبيرة كباقي المصارف.

عمولات خيالية

تشكو بعض المصارف من تكلفة الحسابات المصرفية ذات التحويلات الضئيلة، وتدّعي تفوّق تكلفة خدمتها على العمولات المحصّلة منها. وهذا أمر غير دقيق. فالعمولات التي تحققها المصارف من الحسابات “الفريش” غير واقعية، ومجحفة جداً بحق أصحاب الحسابات، خصوصاً أن العمولات والرسوم يتم اقتطاعها من دون أي مقابل، من تقديمات أو خدمات أو فوائد.

وتختلف العمولات بين المصارف، وتتفاوت في ما بينها. لكنها تفوق بمجملها أضعاف تلك التي كانت تُفرض في سنوات ما قبل أزمة العام 2019. وترفع المصارف قيمة الرسوم والعمولات الشهرية بشكل شبه دوري. فتتغير كل شهر تقريباً وتتنوع بين عمولات ورسوم، بعضها غير واضح لجهة الغاية منه، سوى الرغبة باقتطاع الأموال من الحسابات.
وتفرض المصارف رسوماً شهرية على كل حساب، وعمولة الحساب ورسوم صيانة الحساب ورسوم كشف حساب ورسوم توطين.. وغيرها الكثير من التسميات. وتتراوح بين 3 و9 دولارات فريش لكل نوع اقتطاع وكل فئة من أصحاب الحسابات.

باختصار، وبعيداً من تفاصيل الحسابات والاقتطاعات، تبلغ قيمة المقتطعات من حساب يتلقى حوالة شهرية بقيمة 500 دولار على سبيل المثال، 57 دولاراً، تتنوع بين تسميات مختلفة للرسوم والعمولات. كما تقتطع المصارف من الرواتب الموطنة لديها عمولات مرتفعة أيضاً تصل إلى 10 دولارات من الرواتب الفريش، وأكثر من 150 ألف ليرة للرواتب بالليرة اللبنانية.

مصدرالمدن - عزة الحاج حسن
المادة السابقةمن يتحمّل مسؤولية العتمة؟
المقالة القادمةجلسة الـ”كابيتال كونترول” سقطت: قانون لحماية المصارف لا المودعين