سوق الهواتف الذكية تواجه أسوأ عام بعد عقد من الطفرة

يمر قطاع تصنيع أجهزة الهواتف الذكية بفترة صعبة لم يعهدها منذ عقد عندما كانت هناك طفرة كبيرة في الأعمال والطلب في الأسواق، وهو ما يجعل الشركات اليوم أمام اختبار حقيقي للتأقلم مع الأوضاع التي قد تحد من إيراداتها.

ويرى خبراء القطاع أن شحنات الهواتف الذكية العالمية تتجه إلى تسجيل أسوأ عام لها منذ 2013 مع تضرر الإنفاق الاستهلاكي بسبب الشكوك الاقتصادية المستمرة منذ فترة طويلة في الصين وخارجها.

ويعاني الاقتصاد العالمي وسلاسل الإمدادات من اضطرابات بعدما خلفت الحرب التي اندلعت في أوكرانيا أواخر فبراير العام الماضي ندوبا عميقة على المستهلكين الذين يكافحون واحدة من أسوأ ارتفاعات للأسعار والتكاليف في العصر الحديث.

وتقلصت جميع الأسواق الرئيسية للرقائق، وتشمل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر الشخصية ومراكز البيانات هذا العام، حيث قام عملاء الشركات والمستهلكون على حد السواء بخفض الإنفاق وسط ضعف الاقتصاد العالمي وارتفاع التضخم والفائدة.

ووفقا لأحدث تقديرات مؤسسة كاونتربوينت ريسيرش، فإنه من المتوقع انخفاض الشحنات بواقع 6 في المئة على أساس سنوي إلى 1.15 مليار هاتف خلال العام الجاري.

وكان أقل معدل من الشحنات تم تسجيله خلال العقد الماضي في 2013 حينما بلغ نحو مليار جهاز هاتف ذكي فقط.

وأرجعت كاونتربوينت السبب في ذلك إلى تدهور الاقتصاد الصيني الذي يعاني من الانكماش، بالإضافة إلى الطلب الأميركي المخيّب للتوقعات.

وأوضحت المؤسسة في تقرير أوردته وكالة بلومبرغ أن “آسيا تشكّل إحدى العقبات الرئيسية أمام نمو القطاع، حيث تعرقل الرياح المعاكسة التحول الاقتصادي المتوقع للصين”.

أما في أميركا الشمالية “فيتردد المستهلكون في ترقية هواتفهم الحالية، مما يدفع معدلات استبدالها بهواتف جديدة إلى مستويات قياسية على الصعيدين الأميركي والعالمي”.

وانخفضت شحنات الهواتف الذكية حول العالم بنسبة 11 في المئة على أساس سنوي خلال الربع الثاني من هذا العام مقابل 14 في المئة خلال الربع الأول.

وتم تسجيل هذه الرقم المخيب للآمال بعدما واصلت هذه السوق مواجهة رياح معاكسة متمثلة في تباطؤ الطلب من المستهلكين وسط عدم اليقين بشأن الاقتصاد الكلي في معظم الدول وخاصة ذات الدخل المرتفع.

وذكرت شركة أبحاث السوق كاناليس في تقرير الشهر الماضي أن الركود المستمر في الأسواق أثر على الشركات الرائدة، مثل سامسونغ وأبل اللتين اضطرتا إلى تقليل عمليات البيع إلى الموزعين أو الشحن إلى تجار التجزئة.

وتصدرت سامسونغ السوق بحصة بلغت 21 في المئة تليها أبل بنسبة 17 في المئة وشاومي بنسبة 13 في المئة وأوبو بنسبة عشرة في المئة، فيما ابتعدت هواوي عن المنافسة.

ومع ذلك رأت كاناليس أنه بينما انخفض النمو على أساس سنوي بدأت الأوضاع في التحسن مع ظهور علامات على نمو الاستثمارات وانخفاض المخزونات.

وقال لو شوان تشيو المحلل في كاناليس “ترسل سوق الهواتف الذكية إشارات مبكرة على الانتعاش بعد ستة أرباع متتالية من التراجع منذ عام 2022”.

وأضاف “بدأ مخزون الهواتف الذكية في التصفية حيث أعطى بائعو الهواتف الذكية الأولوية لخفض مخزون الطرز القديمة لإفساح المجال لإطلاقات جديدة”.

وتبدو سوق الهواتف الذكية مفتوحة لتحولات كبيرة بعد الصدمة، التي تعرضت لها هواوي ومحاولة عمالقة القطاع بما فيهم سامسونغ تخطي عقبات تباطؤ الأعمال بالتركيز على شرائح معينة من المستهلكين لزيادة المبيعات والإيرادات.

وتعتبر شركة أبل الأميركية في وضع جيد نسبيا لمواجهة الانكماش الاقتصادي، حيث يُتوقع جذبها للعملاء بفضل إدخال ترقيات كبيرة على هواتف آيفون في الشهور الأخيرة من العام الجاري.

ويأتي ذلك بينما تكافح العلامات التجارية الصينية مثل شاومي وأوبو لاستقطاب العملاء مع كل إصدار جديد، في الوقت الذي تكافح فيه سامسونغ للإفلات من فخ تراجع المبيعات.

وتقول سامسونغ وهاينكس، وهي ثاني شركة لصناعة الرقائق بعد الشركة الكورية، إن إعادة فتح الصين لم ترق إلى مستوى التوقعات بأنها ستحيي سوق الهواتف الذكية.

وأكد مسؤولو الشركتين الشهر الماضي أنهما ستوسعان تخفيضات إنتاج رقائق ذاكرة أن.أي.أن.دي المستخدمة على نطاق واسع في الهواتف الذكية لتخزين البيانات الرقمية.

وفي المقابل يتوقع أن تستفيد أبل من قاعدة عملائها التي تضم مئات الملايين من المستخدمين ممن يقومون بترقية هواتفهم ضمن النظام التقني المخصص الذي تشتهر به الشركة.

وقال جيف فيلدهاك مدير أبحاث أميركا الشمالية في شركة كاونتربوينت لبلومبرغ إنه “منذ بداية هذا العام حتى الآن شهدت الترقيات في جميع شركات الهواتف المحمولة انخفاضاً قياسيا”.

وأوضح أن إطلاق آيفون 15 سيسمح لشركة أبل بجذب العملاء المستعدين لدفع مبالغ كبيرة، وأنه مع وجود قاعدة كبيرة من عملاء آيفون 12 وتحديثاته المتتالية ستكون العروض الترويجية قوية، وستؤهل أبل لتحقيق مكاسب جيدة.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقة«بريكس»… كتلة ثقيلة بإجمالي ناتجها المحلي العالمي وتجارتها الدولية
المقالة القادمةلبنان ينشد استعادة الانتظام في تشريع قانون موازنة العام المقبل