فؤاد رجل أعمال لبناني ذكي جدّاً، هاجر الى أميركا في الثمانينات، وتمكّن بعمله الشاق من تأسيس شركة جمع من خلالها ثروة تناهز 200 مليون دولار. وكان كلّ سنة يأتي الى لبنان لقضاء عطلته الصيفية برفقة عائلته، كونه يحبّ لبنان. التقى أحد أصحاب المصارف، فقام الأخير بإغرائه ليودع أمواله في مصرفه بفائدة سنوية 21%. فغلبت عليه عاطفته وفكّر بأنه لم يبق لديه سوى سنوات قليلة للعيش، فاتخذ القرار بجلب أمواله من أميركا الى لبنان، ويتقاعد بين الأشرفية وفقرا.
فقد فؤاد أمواله، لأنه أوّلاً استعمل عاطفته لاتخاذ قرار مالي بدون أي استشارة مالية. وثانياً لأنّ المصرف الذي أودع ماله فيه قام بنصب أمواله وتهريبها على شكل رواتب وعلاوات وأرباح وهمية.
في الهندسات المالية أموال منهوبة قدّرها تقرير «ألفاريز ومارسال» بـ 76 مليار دولار. أي أكبر بمرتين من حجم الاقتصاد. وهي أموال جاءت من مغتربين من الخارج وأودعتها المصارف في مصرف لبنان بفائدة وصلت الى 31%، ثم استدانت هذه المبالغ من مصرف لبنان بفائدة 2%.
وكانت المصارف في هذه الفترة تسجّل أرباحاً خيالية قامت بتوزيعها على المساهمين والمدراء على شكل أرباح وعلاوات ورواتب خيالية. فأودع هؤلاء هذه الاموال في الخارج واشتروا بها عقارات وقصوراً وشركات ومصارف، ولم يعيدوا منها للمودعين سوى بضعة مئات من الدولارات بحسب التعميم 158 الذي أصدره الفاسد رياض سلامه لتغطية جرائمه مع المصرفيين الأكثر منه فساداً… باختصار، هذه الأموال الموزعة كأرباح هي أموال المغتربين.
القضاء اليوم معطّل وأكثر من 100 قاضٍ اعتكفوا عن العمل بسبب ضحالة الرواتب وعدم قدرتهم على الطبابة.
هؤلاء القضاة بدل أن يعتكفوا عليهم ان يذهبوا الى المحاكم ويفتحوا الملفات ويقوموا بإصدار مذكرات توقيف لكلّ من رياض سلامه واعضاء جمعية المصارف وكلّ سياسي فاسد وكلّ من استفاد من الهندسات المالية ومن أموال مصرف لبنان ومن أموال الدعم.
صدر تقرير «ألفاريز» ولم يتحرّك أي قاضٍ لاعتبار التقرير كإخبار ويقوم بإصدار مذكرة توقيف واحدة بحقّ أي مستفيد من الهندسات أو من بيع السندات السيادية! أين أنتم يا قضاة لبنان الأوادم؟ لماذا لم تتحرّكوا؟ مم انتم خائفون؟
كونوا شجعاناً وواجهوا الفاسدين.
قد يصل كلامي اليكم ولا من يسمع. سأقولها كما هي «أموالكم وحقوقكم وأموال الشعب لن تعود الا اذا قمتم بمحاسبة الفاسدين… والويل لقاضي الأرض من قاضي السماء «!