تحذر القطاعات الاقتصادية من انعكاس فرض المزيد من الضرائب كما جاء في مشروع موازنة الـ ٢٠٢٤ على المجتمع المدني المتهالك وعلى الاقتصاد الشرعي المتراجع وعلى ايرادات الدولة غير الواقعية رغم اعتماد سعر صيرفة لتحصيلها وتعتبر ان هذه الموازنات التي اقرت اخيرا ليست اصلاحية ولا تلبي طموحات الشعب اللبناني الذي يسعى الى النهوض الاقتصادي وتوسيع مرحلة النمو في الاقتصاد لكي يعود الاستثمار والفرش دولار الى لبنان مع العلم ان وزارة المالية لم نحدد ايرادات موازنة العام ٢٠٢٢ولا موازنة العام ٢٠٢٣ويتبيّن أن ايرادات مشروع الموازنة مرتبطة بافتراض إقرار مشروع موازنة العام 2023 التي لم تقر من مجلس النواب بعد وبالتالي لم تبين هذه الوزارة حجم الايرادات التي كانت تتوقعها والايرادات التي حصلتها .
وتقول مصادر مالية مطلعة انه بغياب اي رؤية اقتصادية او خطة للتعافي المالي والنقدي لا يمكن ان يوضع لبنان على سكة الاصلاحات وان الحكومة ما تزال تحضر موازناتها كما كانت تفعل في السابق :فرض مزيد من الضرائب وهي اسهل طريق للحصول على الايرادات بدل اللجوء الى تكبير حجم الاقتصاد لتحقيق النمو ودعم القطاعات الاقتصادية المنتجة .
وتضيف هذه المصادر ان الخطورة تكمن اليوم في ارتفاع حجم الاقتصاد الاسود اي غير الشرعي على حساب الاقتصاد الابيض اي الاقتصاد الشرعي وازدياد عمليات التهريب والتهرب الضريبي وذلك اولا بسبب غياب اي دور للقطاع المصرفي الذي كان الممول للقطاعات الاقتصادية والممر الالزامي لكل العمليات المالية وثانيا بسبب فرض المزيد من الضرائب على المجتمع المدني التي تثقل كاهل المواطنين والقطاع الخاص فيضطر الكثيرون الى اللجوء الى الاقتصاد غير الشرعي للحفاظ على ما تبقى من مؤسساته وثالثا اتساع عين مجموعة العمل المالي “المحمرة ” ضد لبنان وتحذير من عدم تمكن لبنان من ترتيب اوضاعه على هذا الصعيد وامكانية انتقاله من المنطقة الرمادية الى المنطقة السوداء حيث نكون قد فقدنا كل شىء في التعاطي مع المجتمع المالي الدولي خصوصا انه لغاية الان لم تبادر الحكومة او المجلس النيابي وحتى مصرف لبنان من اتخاذ الخطوات والاجراءات التي تحفض من حجم الاقتصاد غير الشرعي .
وقد كشف الخبير المصرفي جو سروع عن الخطر الكبير الذي يتهدد القطاع المالي وهو الإقتصاد النقدي و الذي يكبر يوماً بعد يوم (11 مليار دولار)،واعلن ان “اللجنة المنبثقة عن هيئة مكافحة تبييض الاموال ستعقد اجتماعاً في الأيام المقبلة ومن المتوقع وضع لبنان على اللائحة الرمادية بعد اعطائه فرصة في وقت سابق، لكن للأسف لبنان لم يقم بأي إجراء على هذا الصعيد”.
ووفقا لسرّوع “هناك احتمالات كبيرة بوضع لبنان على اللائحة الرمادية التي تهدد بتوقيف تعامل المصارف المراسلة مع لبنان”، مستبعدا ان “تتوقف كل المصارف المراسلة عن التعامل مع لبنان اذ ان هناك بعض المصارف المراسلة لها علاقة وخبرة منذ سنوات طويلة مع المصارف اللبنانية”.
واشار الى انه “في حال توقّفت المصارف المراسلة عن التعامل مع لبنان، فهذا يعني توقف التحاويل الى الخارج والى الداخل ولكن ليس كلياً بل سيتم وضع ضوابط على هذا النوع من التحاويل كالتدقيق فيها”.
و قال سرّوع: “حذّرنا من اكثر من سنتين من الاقتصاد النقدي الذي يهدد سمعة لبنان لا سيما لجهة تبييض الاموال، وأرى ان احتمال وضع لبنان على المنطقة الرمادية مرتفع إلا في حال انتخاب رئيس للجمهورية واعطاء فرصة اخرى للبنان، ولكن هذا صعب برأيي”.
واكد سروع انه “في حال وضع لبنان على المنطقة الرمادية سيتم التدقيق بالإمتثال بشكل كبير”، مشيراً الى ان “حجم الأعمال الى الخارج ليس كبيراً ومغرياً والشيء الوحيد المغري هو فاتورة التجارة الخارجية التي تبلغ حوالي 20 مليار بين استيراد و تصدير”.
وأسف سرّوع في الختام لأن لبنان لأول مرة يصل الى مرحلة وضعه على المنطقة الرمادية وذلك بسبب الاقتصاد النقدي.
مصرف لبنان لم يفعل اي شىء لتقليص حجم الاقتصاد غير الشرعي بانتظار منصة بلومبيرغ العالمية حيث ستكون العمليات المالية عبر المصارف وهذا ما يخفف من وطأة وكبر هذا الاقتصاد غير الشرعي كما ان الحكومة والمجلس النيابي لم يفعلا اي شىء لاقرار الاصلاحات وخصوصا في ما يتعلق باقرار مشروع قانون الكابيتال كونترول ومشروع قانون اعادة هيكلة القطاع المصرفي الذي في حال اتمامه تعود الثقة الى هذا القطاع ومن خلاله تعود العمليات المالية المنظمة بدل اللجوء الى الكاش وما ادراك ما هو الكاش في ظل تسرب موضوع تبييض الاموال ومكافحة الارهاب .
مهما يكن من امر فان الوضع المالي يعطي انطباعا وكان لبنان هو في المنطقة الرمادية في ظل الضيابية التي تسود كيقية التعاطي المالي والمصرفي وفي ظل تحويلات تصل الى 7 مليارات دولار اميركي من المغتربين اللبنانيين وبسبب الضغوط التي تمارسها المصارف المراسلة مع اي تحويل مصرفي وفي ظل الاعتماد على الاقتصاد الكاش الذ يبقى غير مراقب وغير مدقق به .