يتوسع النقاش القانوني والمالي حول طرح يتداول في أروقة حاكمية مصرف لبنان، حول فرض ضريبة على أصحاب القروض الذين قاموا بتسديدها بعد 17 تشرين الاول 2019 على سعر 1500 للدولار، أو عبر الشيكات المصرفية أو «اللولار». سبب هذا الاهتمام ليس فقط لأنه سيعيد للمودعين نحو 7.5 مليارات (رقم تقريبي)، بل لأنه أيضا يرفع القليل من المظلومية عن مودعين رأوا بأم أعينهم ودائعهم تذوب كالملح، بفضل اجرام منظومة سياسية – مصرفية سببت الانهيار، وبفضل تعاميم وقرارات «استنسابية وعشوائية» لحاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة.
من الناحية القانونية هذه الضريبة ممكنة ولا حاجة لتشريعات قانونية جديدة (كما شرح الدكتور كريم ضاهر لـ»نداء الوطن» في مقال سابق)، أما من الناحية المصرفية والمالية فهناك قراءة مختلفة يشرحها رئيس مجلس إدارة I&C Bank جان رياشي لـ»نداء الوطن» فيقول: «هناك 4 انواع من المقترضين سددوا قروضهم منذ بداية الازمة في تشرين 2019، بعد أن حصل كابيتال كونترول استنسابي، وبعد ان توقفت المصارف عن اعطاء الدولار للمودعين من حساباتهم وباتت هناك قيود على السحب والحوالات»، لافتاً الى أنه «بعد هذا التاريخ حصل تسديد لقروض بالدولار داخل لبنان ومن خلال مقاصة مصرف لبنان سواء عبر حوالة او شيك.
الفئة الأولى
ومن هنا يمكن تصنيف المقترضين الى أربع فئات، الفئة الاولى تضم كل من كان يقبض الاموال من خلال مقاصة المركزي سواء عبر شيك او حوالة، هذا يعني أنه كان يقبض أمواله من عمله الخاص (تجارة مثلاً) وسدّد قروضه، وهذه الفئة لم تحقق اي ربح ولم تخالف منطق الكابيتال كونترول الذي تمّ تعميمه، ولم تؤثر سلباً على اموال المودعين لأن القرض الذي تمّ تسديده يوازي قيمة الوديعة التي انخفضت».
الفئة الثانية
يضيف: «الفئة الثانية هي المقترضون الذين سددوا قروضهم بالليرة على سعر دولار 1500 ليرة. هذه الفئة حققت ارباحا بالتأكيد لأن سعر الليرة في ذلك الوقت (وفقا للتعميم 151) كان أعلى من 1500 ليرة، والربح الذي حققه هو الفرق بين سعر 1500 للدولار والسعر الذي حدده مصرف لبنان تباعاً ( 3900/8000/ 15000)، والضريبة يجب أن تحتسب على حسب سعر الدولار الذي على أساسه تم تسديد القرض»، مبدياً تحفظه ومتسائلاً: «هل من المنطق فرض ضريبة على هذه الفئة، طالما أن القرار بتسديد قروض التجزئة اخذه مصرف لبنان وأجبر المصارف على القبول بالتسديد على دولار 1500؟ كما أن القضاء اللبناني أصدر أحكاما تجبر المصارف على قبول التسديد على 1500، علما أن تأثير تسديد هذه الفئة على عموم المودعين، هو أنه خفّض من قيمة موجودات المصرف من دون أن يخفض من قيمة مطلوباته من الودائع وهذا أمر سلبي على المودعين».
الفئة الثالثة
يوضح رياشي أن «الفئة الثالثة من المقترضين، هم الذين سددوا قروضهم بشيكات اشتروها من مودعين آخرين بدولار فريش مع هيركات على قيمتها وصل أحيانا الى 80 و90 بالمئة. هذا المقترض حقق ربحاً بالتأكيد لكن الخاسر في هذه الحالة هو المودع الذي باع وديعته بسعر بخس»، لافتاً أنه «محاسبياً انخفضت قيمة موجودات المصارف بنفس القدر الذي انخفضت فيه مطلوباتها، هذا المقترض ربح لكن علينا احتساب قيمة الوديعة التي اشتراها بنسبة 15 بالمئة من قيمتها الحقيقية وهذا موضوع صعب. ولفرض ضريبة عليه علينا ايجاد معادلة بين قيمة الدولار وفقا للتعميم 151 وقيمة الدولار على سعر صيرفة، لأننا لا نملك معطيات دقيقة كم كان سعر الدولار في السوق السوداء، وعلينا اعتبار أن الربح الذي حققه المقترض هو الفرق بين قيمة الدولار وفقاً لتعميم 151 وبين قيمته على صيرفة».
الفئة الرابعة
يشدد رياشي على أن»الفئة الرابعة من المقترضين هي الاخطر على المودعين والودائع»، كيف؟ يجيب: «حين أصدر سلامة التعميم 154 وطلب من خلاله من المصارف تكوين سيولة 3 بالمئة في الخارج وزيادة رأسمالها 20 بالمئة باللولار، هذا التعميم أعطى انطباعاً للمصارف بأن تقدير استمراريتها وشطبها سيكون وفقا لتطبيق هذا التعميم، ما دفعها الى جذب «لولار» من المودعين لادخالها برأسمال المصارف، لأن نسبة 20 بالمئة المطلوبة كانت تحصل باللولار وليس بالدولار الفريش».
يضيف: «هكذا استطاعت المصارف اقناع المقترضين بتسديد قروضهم باللولار، اما في ما يتعلق بتأمين 3 بالمئة بالفريش دولار في الخارج، فعمدت اما الى بيع سندات اليوروبوندز التي تملكها في الخارج، أو بيع مساهمات يملكونها في مصارف في الخارج»، واشار الى أن «الطريقة الاخطر وهي أن المصارف عرضت على مقترضين أن يسددوا 30 بالمئة من قيمة قروضهم بالدولار الفريش اي ثلث قيمة القرض مقابل شطبه بالكامل. هذه الطريقة شكلت خسارة للمصرف وأثّرت بشكل سلبي جداً ومباشر على المودعين».
ويختم: «بعدها عمد مصرف لبنان الى منع استعمال هذه الطريقة لأنها تضر بالمودعين من دون ان تخفض قيمة الودائع. أما احتساب الضريبة لهذه الفئة التي ربحت ثلثي القرض باللولار، فيكون على اساس قيمة الدولار وقت تسديد القرض وقيمة الدولار الفريش وفقاً لسعر صيرفة».