الاستقرار النقدي مستمر رغم التوترات الامنية والاعتداءات في الجنوب

منذ آذار الماضي يستمر استقرار سعر صرف الدولار بالرغم من الهزّات السياسية.

واستمرار الشغور الرئاسي وعدم الاستقرار على مختلف الأصعدة وليس فقط عدم الاستقرار السياسي وليس آخرها ما نشهده من توترات أمنية في الجنوب اللبناني وتزايد الخوف من وقوع حرب لا يمكن للبنان أن يتحملها .

فمنذ عدة أشهر يواصل سعر صرف الدولار بالسوق السوداء في لبنان استقراره على 89 ألف ليرة ، على الرغم من الهزّات السياسية والمالية التي شهدتها البلاد في الفترة الأخيرة، ويعزو خبراء اقتصاديون أسباب الاستقرار إلى عوامل عديدة، منها ضخ كميات كبيرة من الدولارات في السوق خلال الأشهر الماضية، ولا سيما في فترة الصيف التي شهدت موسماً سياحياً هو الأكثر ازدهاراً منذ بداية الأزمة، أواخر عام 2019، مع قدوم أكثر من 1.5 مليون وافد، ما أعاد الحياة بشكل لافت إلى المؤسسات والقطاعات السياحية التي عاود الكثير منها فتح أبوابه هذا العام بعدما اضطر قسراً إلى الإقفال بفعل الانهيار النقدي، في حين سجّلت عودة لافتة جداً للمهرجانات التي شارك فيها نجوم صفّ أول، عرب وعالميون، بعدما كانت قد غابت في الفترة الماضية عن المشهد.

هذا وقد ساهمت الإيرادات السياحية التي قٌدرت بستة مليارات دولار هذا العام، كما التحويلات المالية من الخارج، في ترسيخ نوع من الاستقرار في سعر الصرف، بعدما انتعش السوق بالعملة الخضراء، علماً أن هذه المبالغ الضخمة لم تدخل القطاع المصرفي، في ظلّ استمرار انعدام الثقة بالمصارف، التي لا تزال تحتجز ودائع الناس.

ولكن مع انتهاء الموسم السياحي استمر الاستقرار في سعر الصرف على عكس ما توقع بعض الخبراء وذلك يعود لأن الدولار بات موجوداً في السوق بكثرة، نتيجة الدولرة التي شملت جميع الخدمات والقطاعات، وقد أصبح التعامل بالدولار متبادلاً بين الناس، وهو ما لم يكن سائداً في الفترة السابقة.

كما أن “معظم المؤسسات والشركات الخاصة باتت تدفع رواتب موظفيها إما بالدولار كاملةً، أو جزء منها بالدولار، وحتى موظفو القطاع العام الذين رواتبهم بالدولار وإن كان على سعر صيرفة كما ان كل شيء في لبنان اصبح مدولرا وبالكاد يتم التسعير بالليرة اللبنانية حتى مصرف لبنان بات يغطي رواتب موظفي القطاع العام على سعر صيرفة كما ان نسبة الدولرة باتت تشكل ما نسبته حوالى 85 في المئة من الاقتصاد العام.

وهذا الأمر أدى إلى أن يدفع هؤلاء ثمن مشترياتهم أيضاً بالدولار كما أن البعض بات يفضّل الدفع بالدولار ليُردّ له بالدولار، أو باللبناني وفق سعر أعلى من الصرافين، باعتبار أن السعر المعتمد للدولار من قبل الصرافين بات أقل من ذلك المسعَّر في المقهى أو المطعم أو المحال التجارية، وهو ما أدى إلى تراجع الحركة عند الصرّافين أيضاً”.

كما أن “الإقبال عند الصرّافين تراجع بشكل لافت، خصوصاً أن الصراف مثلاً يسعّر الدولار بـ 89 ألف ليرة تقريباً، بينما أصحاب المحال التجارية والمؤسسات السياحية يسعّرون سلعهم وبضائعهم بأرقام تتخطى الـ 92 ألف ليرة، الأمر الذي يدفع بالزبون إلى تفضيل الدفع مباشرة بالدولار، عدا أن الطلب على الدولار تراجع بعدما باتت الرواتب تدفع بالدولار بنسبة لا بأس بها.

هل كل ما ذكرنا كافٍ لاستقرار سعر صرف الدولار أم هناك أسباب أخرى وإلى متى سيستمر هذا الاستقرار؟ الباحث الاقتصادي والمالي الدكتور محمود جباعي رأى أن الاستقرار النقدي سببه حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري الذي وضع آالية واضحة وخطة ممنهجة لضبط الليرة اللبنانية وعدم فلتان الكتلة النقدية بالليرة في السوق.

ويقول جباعي في حديث للديار: عمليات مصرف لبنان مدروسة منذ أن بدأت من حوالى ثلاثة أشهر تقريباً حيث لا يجري شراء للدولار بشكل عشوائي، وبالتالي الأمور مضبوطة مشيراً إلى أن هناك كميات معينة من الليرة التي يسمح بها مصرف لبنان في السوق ويتم شراء الدولارات بهذه الليرات بأرقام محددة وبذلك يتم الحفاظ على سعر الصرف ، لافتاً إلى أنه حتى لو طلبت الدولة اللبنانية عبر وزارة المالية الليرات من مصرف لبنان فهي ليرات محدودة وبأرقام محددة فلن يكون هناك فلتان بالليرة .

وإذ رأى جباعي أن حاكم مصرف لبنان يدير اللعبة بشكل صحيح، توقع من الناحية العلمية والمنطقية أن يستمر الاستقرار في سعر الصرف وألا يحصل ارتفاع ما دامت الأمور ستسير بهذه الطريقة التي يتبعها مصرف لبنان، هذا إذا لم تحصل مضاربات أو إذا لم نشهد المزيد من عدم الاستقرار والتفلت السياسي أو وقعت الحرب فعندئذ لا نعرف كيف ستسير الأمور.

 

مصدرالديار - أميمة شمس الدين
المادة السابقةهل يبقى الوضع النقدي تحت السيطرة في حالة الحرب؟
المقالة القادمةمصرف لبنان يستعدّ للأسوأ: ضمان استقرار النقد وتمويل الدولة