يسأل أحد الخبثاء عن معنى احالة اللجان النيابية المشتركة خطة الطوارئ الحكومية الى اللجان المختصة لمنقاشتها والاطلاع على تفاصيلها، وليس لدراستها كما أوضح نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب لـ»نداء الوطن»، وذلك في هذا الظرف الدقيق والتطورات المتسارعة التي تحصل بدل البحث الجدي عن كيفية تمويلها وبأسرع وقت ممكن. فاللجان غالباً مقبرة الخطط والمشاريع أو وسيلة للهروب من اعطاء أجوبة شافية، خصوصاً أن الحكومة اللبنانية لا تملك خيارات كثيرة لتأمين الاموال، في ظل اصرار المصرف المركزي على عدم المس بما تبقى من أموال الاحتياطي الالزامي لديه، وبعد نفاد اموال السحب الخاصة التي حصل عليها لبنان من صندوق النقد الدولي.
اذاً لا تصور صريحاً لدى الحكومة ولا المجلس النيابي حول كيفية تمويل هذه الخطة، وكل طرف يرمي المسؤولية على الاخر. والدليل أن 94 نائباً تراشقوا بالكلام حول جرّ لبنان الى الحرب وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وفي نهاية الجلسة بات عددهم 11 نائباً فقط مضوا في حال سبيلهم، وأعلن نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب باسمهم جميعاً شكره للحكومة على وضعها هذه الخطة التي ستحال الى اللجان النيابية لكي يناقش كل جزء منها مع الوزير المختص.
يقرأ مصدر مطلع مقاربة الحكومة والمجلس النيابي للخطة، بأنها «دليل عجز وتخبط لأنها لم تقارب كيفية تأمين الاموال لتنفيذها»، لافتا لـ»نداء الوطن» الى أن «كلفتها تتوقف بحسب طريقة دخول لبنان الحرب. فاذا انزلق الى المعركة الدائرة في المنطقة فان كلفتها كبيرة على لبنان، وفي حال تجنب الانزلاق فان الكلفة تكون قابلة للاستيعاب».
يضيف: «الانزلاق في المعركة يعني أن هناك كلفة كبيرة على لبنان تأمينها، بدءاً من الفاتورة الصحية ومعالجة الجرحى مروراً باصلاح البنية التحتية التي قد تدمر. ومصادر التمويل في حال انزلق في المعركة غير متوفرة، وفي حال لم ينزلق فان مصادر التمويل قابلة للتحديد»، مشيراً الى أن «أي أعباء مالية جديدة على الحكومة تعني اقرار قوانين جديدة في مجلس النواب لفتح اعتمادات جديدة لها، أي طبع عملة جديدة أي مزيد من التدهور في سعر صرف الليرة».
ويختم: «المجتمع الدولي لن يكون متجاوباً بتقديم المساعدات على غرار ما حصل في العام 2006، أي منح قروض وهبات لأن الهم الدولي اليوم سيكون متجهاً نحو الجانب الفلسطيني حيث ستكون له الاولوية على لبنان». واضاف: اذا دخل لبنان الحرب بقرار من «حزب الله « فليس اكيداً ان نحصل على مساعدات اغاثية دولية هذه الضبابية حول التمويل أشار اليها عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي حسن خليل لـ»نداء الوطن»، لافتاً الى أن «كلام الحكومة عن تمويل الخطة غير مشجع وسمعنا نائب رئيس الحكومة منذ يومين يراهن على ان هذه الخطة يمكن تمويلها من المؤسسات الدولية والبنك الدولي، ولا ادري كم هذا الكلام صالح للترجمة في الوقت الحالي، لأن المسألة أكثر تعقيداً بكثير».
وختم: «بكل الاحوال اذا لم تقترن الخطة بتأمين تمويل تفقد كل أهميتها».
على ضفة الحكومة يشرح مستشار رئيس الحكومة النائب السابق نقولا نحاس لـ»نداء الوطن» أنه «لا يمكن تحديد كلفة الخطة الا بعد وقوع العدوان ومعرفة حجمه ومدى توسعه. وخطة الحكومة وضعت آليات للتحرك في حال حصول اي اعتداء على لبنان أو أزمة كبيرة «.
يضيف: «الخطة وضعت سيناريوات محتملة لأي عدوان وكيفية تجهيز المشافي والمدارس والمتطلبات لهذه الخطة. لا شك أن الحكومة يمكنها تأمين جزء من هذه المتطلبات، لكن عليها في الوقت نفسه طرق أبواب المؤسسات الدولية»، مشدداً على أن «الخطة هي باب لمطالبة المجتمع الدولي بالدعم والاعانة، وعند تنفيذها يمكن تحديد كلفتها اليومية والشهرية، وعندها يمكن للحكومة أن تحدد الجزء الذي يمكن تأمينه من موازنتها والجزء الاخر يكون عبر الطلب من المؤسسات الدولية». ويختم: «بالتأكيد تحديد كلفة الازمة مرتبط بالمدة التي ستستغرقها ومدى توسعها».