الاقتصاد “يُحتضر “سواء اكان على لائحة الانتظار او الانزلاق في الحرب

سواء بقي الاقتصاد الوطني في دائرة الانتظار او انزلق في الحرب الدائرة في الجنوب وعمت كل المناطق اللبنانية فإنه دخل في مرحلة الاحتضار بعد ان بدت ملامح انتفاضة اقتصادية في الصيف الذي انعش القطاع السياحي خصوصا والقطاعات الاقتصادية المختلفة عموما وبالتالي لا يمكن لهذا الاقتصاد ان يتحسن ويتطور ما دام وضع في سكة الانتظار او دخل عمليا مرحلة الحرب .اما بالنسبة للارقام التي اعلن عنها رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير فإنها عرضة للتغيير في كل يوم من الانتظار لكن من المؤكد انها ارقام متراجعة ويقف المعنيون ولسان حالهم يقول “ليس باليد حيلة “خصوصا بالنسبة للقطاع السياحي الذي تدهور سريعا بعد ان كان يمني النفس بالعودة السريعة الى التحسن والتقدم حيث تحول اهم فندق في بيروت الى نسبة تشغيل تعادل صفرا في المئة بعد ان هجره نزلاؤه بناء على دعوات بلدانهم او تحسبا لحرب لا ناقة لهم ولا جمل فيها، ومن يزر هذا الفندق يلاحظ التراجع الدراماتيكي بعد ان كانت تسبة التشغيل تتعدى ال ٤٠ في المئة بسبب المجموعات الاوروبية التي كانت تقضي فصل الخريف في لبنان ويقول رئيس احاد النقابات السياحية بيار الاشقر أن “نسب الحجوزات التي كانت متوقعة في فنادق لبنان، قبل عملية “طوفان الأقصى” وما رافقها من توترات على الجبهة الجنوبية في لبنان، كانت تتراوح بين 30 و 40%، بينما هي اليوم تتراوح بين 0 و 10%”، كاشفاً عن انه “حتى فنادق العاصمة بيروت تعاني من نسبة أشغال تصل إلى 0%، بمعنى انها خالية كليا من النزلاء”. واعلن الأشقر أن ” الحجوزات لموسم الأعياد قد الغيت، علماً ان هذا الموسم لم يعد كالسابق، بل يمتد فقط لمدة 10 أيام يقضيها البعض في منازله في عيد الميلاد، بينما يقوم في عيد رأس السنه ببعض السياحة”.

حتى ان الحجوزات لاقامة المعارض والمؤتمرات الغيت او تأجلت الى ظروف امنية افضل .

هذه الصورة المأسوية التي سببتها “اسرائيل” مرشحة لمزيد من الخسائر التي سيتعرض لها القطاع السياحي وما حققه من ارباح في فصل الصيف من المؤكد انه خسره واضاف اليه خسائر جديدة في فصل الخريف .

وما ينطبق على قطاع الفنادق يمكن ان ينطبق ايضا على قطاع المطاعم والشقق المفروشة وحتى قطاع تأجير السيارات الذي وصلت نسبة تشغيله الى ٥ في المئة واحيانا كثيرة الى صفر في المئة في الوقت الذي يقف وزير السياحة في حكومة تصريف الاعمال وليد نصار حائرا لاننا “نمر بأزمة غير مسبوقة بالنسبة للأحداث التي تحصل في غزة”، حيث لم يجد سوى القول ان القرارات التي اتخذناها في المملكة العربية السعودية خلال زيارته الاخيرة لها والتي تتعلق بمشاركة لبنان في المشاريع الانمائية الحاصلة في المملكة وسيكون للبنان دور مهم فيها في المستقبل”.

ويقول احد الخبراء في المجال السياحي ان اول ما يحتاج اليه القطاع السياحي هو الاستقرار وبالتالي لا يمكن ان يعتاش القطاع مع الحرب او انتظار الحرب لانهما لا يلتقيان ابدا ونحن لا نعرف ان القطاع السياحي اثبت انه العصب الاساسي للاقتصاد اللبناني وانه يمكن ان يعود ويمثل ٢٥ في المئة من الناتج القومي .

وما ينطبق على القطاع السياحي ينطبق ايضا على القطاع الصناعي حيث يؤكد نائب رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين زياد بكداش ان ما يجري اليوم في غزة والجنوب اللبناني اثر بشكل مباشر في القطاع الصناعي حيث الغيت “طلبيات” لزبائن في الداخل والخارج كما تراجع الطلب على “طلبيات” جديدة تحسبا وتخوفا من اندلاع الحرب حتى ان البضائع المستوردة الى لبنان زاد تأمينها مما يعني زيادة الكلفة التشغيلية على السلعة التي يتحملها المستهلك وحده دون غيره وبالتالي بدأ الصناعيون يفكرون في ال plan b لتصريف انتاجهم في حال وقعت الحرب في لبنان وقد كان الاجتماع الذي عقده وزير الصناعة في حكومة تصريف الانتاج جورج بوشكيان ناجحا وهو يجمع المعنيين بالقطاع الصناعي ومنهم جمعية الصناعيين اللبنانيين الذين تدارسوا خطة طوارىء صناعية تؤمن متطلبات القطاع الأساسية، وتمكينه من الاستمرار في الانتاج لتأمين حاجات اللبنانيين وضمان وفاء الصناعيين بالتزاماتهم التصديرية.

اما بالنسبة للقطاع التجاري، فصحيح ان قطاع المواد الغذائية والسلع التموينية يشهد اقبالا الا ان بقية القطاعات تعاني كثيرا وخصوصا قطاع الكماليات الذي تراجع كثيرا بنسبة ٥٠ الى ٧٠ في المئة ،لان المستهلك اللبناني يفضل في هذه الظروف التركيز على تأمين لقمة عيشه قبل اي شيء اخر .

ولعل الصورة التي ترمز الى هذا التراجع في الاقتصاد الوطني ما يشهده مطار رفيق الحريري الدولي من تراجع في عدد المسافرين والوافدين والغاء عدد كبير من الرحلات حيث تمثل نسبة المغادرين ضعف عدد الوافدين .

وسواء دخل لبنان في الحرب او بقي ينتظرها فان تداعيات ذلك ستكون كارثية على الاقتصاد الوطني.

الجدير ذكره ان الاقتصاد يعاني منذ اربع سنوات من ازمة مصرفية نقدية مالية لم يشهد لها مثيلا منذ تاريخ انشاء لبنان، ورغم ذلك لم يحاول السياسيون تحسين الوضع الاقتصادي بل اصروا على ربطه بالواقع السياسي في ظل عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة وتطبيق الاصلاحات التي ينادي بها صندوق النقد الدولي

الاقتصاديون يحملون السياسيين ما الت اليه الاوضاع الاقتصادية والسياسيون غير مبالين همهم مصالحهم فقط لا غير ولذلك وصل الاقتصاد الى ما وصل اليه من تداعيات كارثية بفضلهم .

 

مصدرالديار - حوزف فرح
المادة السابقةمخزون لبنان من المحروقات بحال الحرب: من سيلجم الجشع؟
المقالة القادمةمُعدّلات شراء المواد الغذائيّة تضاعفت… تحسباً للحرب!