جبهة غربية لتخفيف قبضة الصين على سوق المعادن النادرة

تخطط مجموعة من شركات التنقيب عن المعادن المهمة في كندا وألمانيا وأستراليا للحصول على أسعار متميزة للمعادن الرئيسية المستخدمة في السيارات الكهربائية، في مقابل تحويل الاعتماد بعيدا عن الصين، المنتج المهيمن ومحدد الأسعار.

وتسيطر الصين على 95 في المئة من إنتاج وتوريد المعادن الأرضية النادرة، التي تشكل جزءا من تصنيع مغناطيسات السيارات الكهربائية ومزارع الرياح، وسمح هذا الاحتكار للبلد بإملاء الأسعار وإثارة الاضطرابات بين المستخدمين من خلال ضوابط التصدير.

وأكد مسؤولون لرويترز أن شركات التعدين مثل أكلارا ريسورسز المدرجة في بورصة تورونتو الكندية (تي.أس.إكس) وشركة أيونك رار إيرثز الأسترالية تناقش الآن خططا قد تخفف قبضة الصين على سوق المعادن المهمة، وتتحرك نحو الأسعار التي تحددها السوق.

وبالتوازي مع ذلك، كشفت مصادر مطلعة على الأمر أن “شركة التعدين الكندية نيو بيرفارمونس ماتيريالز وشركة فاكومزشميلزيه الألمانية تناقشان أيضا خططا مماثلة”.

وقال رامون باروا كوستا، الرئيس التنفيذي لأكلارا، التي تقوم بتطوير مشروع للمعادن النادرة الثقيلة في تشيلي إن “الضوابط على المعادن الإستراتيجية (من قبل الصين) مستمرة في التصاعد، وليس من المستغرب أن تكون العناصر الأرضية النادرة هي التالية”.

وتتطلع الشركة الكندية إلى استخراج المعادن الأرضية النادرة الثقيلة، مثل الديسبروسيوم، وتجري محادثات مع الشركات المصنعة للمعدات الأصلية (أو.إي.أم.أس) للحصول على أسعار متميزة كجزء من صفقة شراء طويلة الأجل.

وتأتي الخطط التي لم يتم الإبلاغ عنها سابقا في الوقت الذي يسعى فيه عمال المناجم إلى الاستفادة من تحرك دول مجموعة السبع لتحفيز عمال المناجم وصانعي السيارات على إنتاج وشراء المعادن المهمة محليا أو من الدول الصديقة.

وفي المقابل، يتوقع القائمون بالتعدين أن يدفع المستخدمون النهائيون علاوة. ويجادلون بأن التوترات الجيوسياسية بين الغرب والصين تهدد إمدادات موثوقة من المعادن الأرضية النادرة.

ويقولون إن الصين إذا استمرت في فرض قيود على الصادرات، كما فعلت مع سلع مثل الجرمانيوم والغرافيت، فقد يتعرض العرض للمزيد من المخاطر.

وحظيت العناصر الفلزية النادرة، وهي مجموعة مكونة من 17 عنصرا تستخدم في منتجات مختلفة بما في ذلك السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح والإلكترونيات الاستهلاكية بسبب خصائصها المغناطيسية والإلكترونية، باهتمام متجدد مؤخرا.

وبرز هذا التحول بعدما أعلنت بكين الشهر الماضي عن متطلبات تصريح التصدير لبعض منتجات الجرافيت اعتبارا من ديسمبر المقبل لحماية “الأمن القومي”.

وعلى سبيل المثال، يتراوح السعر الحالي للنيوديميوم، المستخدم لصنع أقوى مغناطيس في العالم، بين 73 و520 دولارا للكيلوغرام الواحد، وتقول الشركات إن الأسعار خارج الصين يمكن أن تكون أعلى بنسبة 30 في المئة من السعر المعلن الحالي.

وقال باروا لرويترز إن “المعروض الغربي من العناصر الأرضية النادرة لن يتطور إذا كان يعتمد على الأسعار الصينية”.

وأضاف “سيكون الغرب قادرا على توفير أتربة نادرة مسؤولة بيئيا ويمكن تتبعها، لكن هيكل التكلفة يختلف عن الصينيين، وبالتالي فهو يأتي بسعر أعلى”.

ويعتقد قطاع المناجم أن الشركات المصنعة ستستوعب تكاليف إضافية بسبب التشريعات البيئية والاجتماعية والمتعلقة بالحوكمة الجديدة والحوافز الضريبية مثل قانون الحد من التضخم الأميركي.

ويجادل المسؤولون في القطاع بأن ثمة ما يبرر سعرا ممتازا للأتربة النادرة الموثوقة والمستدامة المصدر والتي تعتبر أساسية للانتقال إلى طاقة أنظف.

وبالنسبة لأي مصنع لتصنيع المعدات الأصلية، فإن مأزق التسعير التفاضلي يتعلق بالقدرة على الحكم على القيمة القابلة للقياس التي يجلبها دفع سعر أعلى.

وقال بادريناث فيلوري، كبير المتخصصين في شركة غراندفوز الدنماركية المصنعة لمضخات المياه التي تستخدم مغناطيسات أرضية نادرة، “ما نريده كمصنعي المعدات الأصلية هو توفير فرص متكافئة، وهذا يعني الحصول على أسعار شفافة ومستدامة وموثوقة”.

وأضاف أنه “إذا ادعى أي مورد أنه يحقق قيمة من خلال فرض أسعار أعلى، فهو يريد أن يرى المزايا المحددة لهذا الادعاء”.

وأوضح أن سعر أي معدن من الأتربة النادرة أو غيرها يأتي من الصين أو من الدول الغربية له نفس السعر، “فلماذا يجب أن يكون سعر الأتربة النادرة مختلفا؟”.

وأكد فيلوري، الذي يشغل أيضا منصب رئيس المنظمة العالمية التي تضم شركاء يمثلون سلسلة القيمة الأرضية النادرة بأكملها، أن المناقشات حول التسعير تُطرح كثيرا في جمعية صناعة الأرض النادرة.

ولم تعلق شركة أم.بي ماتريالز الأميركية وشركة ليناس الأسترالية، وهما أكبر شركتين للأتربة النادرة في العالم خارج الصين، حتى الآن على الخطوة.

ويرى خبراء أن تطوير مشاريع تعدين الأتربة النادرة قد يستغرق عقودا، حيث أدى نفور المستثمرين من المخاطرة إلى عرقلة جدوى بعض المشاريع خارج الصين. وفي حين تقدم فيتنام وماليزيا وميانمار بدائل لبكين، فإن إنتاجها النهائي يظل بعيد المنال.

واقترحت شركات القطاع بدائل تسعيرية مثل بيع مركزات الأتربة النادرة بنصف تكلفة إنتاجها بالإضافة إلى تكلفة رأس المال، مما يضمن بقاء المناجم مربحة.

وهناك خيار آخر يتمثل في تحديد سقف للأسعار عند تلك التي يقدمها صانعو العناصر الأرضية النادرة في الصين، مما يحمي مصنعي المعدات الأصلية من التقلبات الجذرية في الأسعار.

ويتمثل الخيار الثالث في أخذ السعر الذي يقدمه صانعو الأتربة النادرة الصينيون في الاعتبار ووضع حد أقصى له، لذلك حتى لو كانت هناك قفزة بنسبة 100 في المئة في الأسعار، فإن الشركات المصنعة للمعدات الأصلية لا تدفع في نهاية المطاف ثمن هذه التقلبات.

ويمكن لهذه الآليات أن تزيد تكلفة السيارة الكهربائية، التي تستخدم مغناطيسات أرضية نادرة في محركها، بنسبة لا تقل عن 30 إلى 50 في المئة.

وقال تيم هاريسون، المدير الإداري لشركة أيونك رار إيرثز، إن “كل شيء في نهاية المطاف يتعلق بالمقايضة”.

وأضاف “إذا كنت تريد منتجا مرتبطا بمقاييس الاستدامة، وتقليل آثار الكربون وما إلى ذلك، فمن الواضح أنه يتم تسليمه بتكلفة ويجب أن ينعكس ذلك في السعر الذي تكون سلسلة التوريد مستعدة لدفعه”.

وقال فلافيو فولبي، رئيس رابطة مصنعي قطع غيار السيارات، وهي مجموعة الضغط التي تمثل منتجي المعدات الأصلية في كندا، إن “من المحتمل ألا يدفع مصنعو المعدات الأصلية سعرا أعلى مقابل الأشياء التي يشترونها بكميات كبيرة، مثل الليثيوم”.

ولكنه رأى أن بالنسبة لأشياء مثل الكوبالت أو النحاس أو المعادن الأرضية النادرة، هناك لعبة إستراتيجية جيدة يمكن العثور عليها مع شريك التعدين.

Thumbnail
مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةمنتدى أفريقي يناقش في مراكش مستقبل الاستثمار
المقالة القادمةعودة غامضة لخدمات “النافعة” ولجنة تقصّي الحقائق “تنبش الماضي”