ينتظر العالم سنوياً يوم الـ«بلاك فرايداي»، حيث تفتح المتاجر أبوابها مبكراً، وأحياناً في منتصف الليل، لجذب المتسوقين. وتشهد المتاجر التقليدية والإلكترونية ازدحاماً كبيراً، إذ يسعى المتسوقون للحصول على أفضل الصفقات. كما يساهم هذا اليوم في زيادة المبيعات بشكل كبير بالنسبة لتجار التجزئة، حيث قدرت المبيعات في الولايات المتحدة عام 2022 بنحو 10 مليارات دولار، صعوداً من 6.6 مليار دولار في 2021، وفقاً لتحليل لشركة «أدوبي أناليتكس».
هذا العام، يستعد تجار التجزئة في الولايات المتحدة لما يأملون أن يكون موجة تسوق عالمية قياسية أخرى في يوم الـ«بلاك فرايداي»، الجمعة الرابعة من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي يوافق يوم الجمعة 24 نوفمبر. ويتدفق المتسوقون إلى المتاجر للاستفادة من الخصومات الهائلة خلال الساعات الأولى بعد عيد الشكر الأميركي. وعادة ما يمثل الـ«بلاك فرايداي» البداية غير الرسمية لموسم التسوق في عيد الميلاد. وسيحاول تجار التجزئة في الولايات المتحدة وأوروبا والعديد من البلدان من الاستفادة من ضجيج وميزات هذا اليوم، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء.
لماذا يطلق عليه «بلاك فرايداي»؟
بدءاً من ستينات وأوائل سبعينات القرن الماضي، استخدمت الشرطة وسائقو الحافلات في فيلادلفيا مصطلح «بلاك فرايداي» للإشارة إلى الفوضى التي أحدثها تدفق الناس إلى المدينة قبل عطلة نهاية الأسبوع في عيد الشكر. كان الزوار يتجولون في المتاجر في فيلادلفيا يوم الجمعة مع قوائم عيد الميلاد الخاصة بهم بحثاً عن الهدايا، وتلا ذلك مخالفات سرقة المتاجر ومواقف السيارات.
وعلى الرغم من أن المتاجر الكبرى أعادت تسمية المصطلح إلى «الجمعة الكبيرة» لإضفاء طابع أكثر إيجابية عليه، فإن الاسم لم يستمر لفترة طويلة. فمنذ الثمانينات، بدأ تجار التجزئة في وصف «بلاك فرايداي» على أنه اليوم الذي يُزعم فيه أن دفاتر التجزئة الخاصة بهم في حالة سيئة باللون الأسود أو أنها تعمل على تحقيق الربح.
ما هي خطط تجار التجزئة هذا العام؟
يطلق تجار التجزئة بما في ذلك «بست باي» و «إتش أند إم» وتجار التجزئة الإلكترونية «شي إن» و «تيمو»، عروض «بلاك فرايداي» المبكرة، حيث تقدم خصومات تصل إلى 30 في المائة على بعض البضائع المحدودة عبر الإنترنت وفي المتاجر. وتهدف هذه الخطوة إلى قياس طلب المتسوقين وتجنب نقص المنتجات، الذي قد يكون بمثابة مشكلة كبيرة هذا العام نتيجة انخفاض مستويات المياه في قناة بنما، وهي شريان شحن رئيسي، بسبب الجفاف الشديد، مما أدى إلى انخفاض عدد السفن التي تحمل البضائع عبرها. بالإضافة إلى ذلك، قام العديد من تجار التجزئة في الولايات المتحدة بتجاهل خطط التوظيف أثناء العطلات عن عمد. ويشكل نقص العمالة أيضاً تحدياً لتجار التجزئة في أوروبا، مما يعني أن المتسوقين قد يجدون عدداً أقل من الموظفين لمساعدتهم.
هل حشود الـ«بلاك فرايداي» محتملة هذا العام؟
يخطط نحو 130.7 مليون شخص للتسوق يوم «بلاك فرايداي» هذا العام في الولايات المتحدة، وفقاً لبيانات الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة. فعطلة نهاية الأسبوع لعيد الشكر، التي تشمل الـ«بلاك فرايداي» و«اثنين الإنترنت»، يوم الاثنين الذي يلي عيد الشكر، هي عادةً فترة التسوق الأكثر ازدحاماً في الولايات المتحدة.
وبحسب «بلومبرغ»، يخطط المستهلكون لإنفاق ما متوسطه 567 دولاراً خلال فعاليات التسوق الخاصة بالـ«بلاك فرايداي» و«اثنين الإنترنت»، أي بزيادة 13 في المائة عن العام الماضي، حيث يبحثون عن أفضل الصفقات بينما يواجهون ضغوطاً اقتصادية مثل ارتفاع الأسعار وارتفاع أسعار الفائدة.
لكن الرئيس التنفيذي لمجموعة «تيلسي» الاستشارية، دانا تيلسي، قالت إن الـ«بلاك فرايداي» نفسها لن تكون بنفس الأهمية هذا العام. وقالت، في وقت سابق من هذا الأسبوع، إنه مع حلول عيد الميلاد يوم الاثنين، «يصبح عامل المماطلة أكبر لأن المتسوقين يمكنهم الانتظار حتى السبت أو الأحد» قبل عيد الميلاد للحصول على الهدايا.
ومن المتوقع أن تنخفض حركة المرور داخل المتاجر بشكل طفيف هذا العام، حيث تنخفض بنسبة 3.5 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وفقاً لشركة تحليلات البيع بالتجزئة «سنسورماتيك سوليوشنز».
ففي العام الماضي، أعاق الطقس الرطب حركة المرور داخل المتاجر في بعض أجزاء الولايات المتحدة صباح الـ«بلاك فرايداي».
وعلى الرغم من أن معظم المتاجر الأميركية ستغلق أبوابها في عيد الشكر مرة أخرى هذا العام، وستفتح للمتسوقين في الساعة 5 صباحاً أو 6 صباحاً يوم الجمعة، فإن بعض تجار التجزئة يعلنون عن خصومات عبر الإنترنت تبدأ في الساعة 12:01 صباحاً في عيد الشكر.
ويروج تجار التجزئة الكبار والصغار للطلب عبر الإنترنت والتسلُّم من الرصيف هذا العام لراحة المتسوقين الذين يرغبون في تجنب المتاجر. وفي العقد الماضي، تضاعفت مشتريات الأميركيين عبر الإنترنت في يوم «بلاك فرايداي» بأكثر من ثلاثة أضعاف، لتصل إلى 9.12 مليار دولار في نفس اليوم من العام الماضي، وفقاً لبيانات شركة «أدوبي أناليتيكس»، التي أشارت إلى أن الخصومات عبر الإنترنت من المتوقع أن تصل إلى 35 في المائة على الألعاب، و24 في المائة على السلع الرياضية، و19 في المائة على الأثاث. ومن المتوقع أن تستمر هذه الزيادة في السنوات القادمة، حيث يواصل المزيد من المستهلكين التسوق عبر الإنترنت.
ما هو المبلغ المتوقع أن ينفقه المتسوقون؟
من المتوقع أن ترتفع مبيعات العطلات عبر الإنترنت وفي المتاجر الأميركية بنسبة تتراوح بين 3 و4 في المائة خلال شهري نوفمبر وديسمبر (كانون الأول)، وهي أبطأ وتيرة لها منذ خمس سنوات، وفقاً لتوقعات الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة. ومن المتوقع أن يرتفع الإنفاق عبر الإنترنت خلال يوم «بلاك فرايداي» بنسبة 5.7 في المائة إلى ما يقرب من 9.6 مليار دولار، وفقًا لشركة «أدوبي».
وفي المملكة المتحدة، من المتوقع أن يرتفع الإنفاق عبر الإنترنت خلال هذا اليوم بنسبة 4.5 في المائة ليصل إلى 1.05 مليار جنيه إسترليني (1.30 مليار دولار)، مع وصول إجمالي المبيعات خلال عطلة نهاية الأسبوع السيبرانية إلى 3.8 مليار جنيه إسترليني، وفقاً لتوقعات لشركة «أدوبي» أيضاً.
الـ«بلاك فرايداي» في العالم العربي
بدأ الـ «بلاك فرايداي» في الانتشار في الدول العربية في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث كانت المتاجر الكبرى في هذه الدول تروج لعروضها الترويجية في هذا اليوم على أنها الـ«وايت فرايداي»، ومع مرور الوقت، أصبح هذا المصطلح يحل محل الـ«بلاك فرايداي» في العديد من الدول العربية، حيث ينتظر المواطنون موجة التخفيضات الكبيرة التي تقدمها المحلات التجارية الكبرى بحلول شهر نوفمبر من كل عام.
ففي السعودية تُقام الـ«وايت فرايداي» في آخر يوم جمعة من شهر نوفمبر من كل عام. وتشهد الأسواق في المملكة حالياً إطلاق عروض وتخفيضات مغرية من قبل العلامات التجارية المتنوعة، حيث قد تصل نسب التخفيضات على بعض المنتجات إلى نحو 80 في المائة تقريباً.
وفي مصر، حققت حملة الـ«بلاك فرايداي» التي أطلقتها منصة التجارة الإلكترونية، جوميا، في الثالث من نوفمبر الحالي، التي تمتد حتى 30 نوفمبر 2023 أرقاماً قياسية خلال الأيام الأولى من بداية انطلاقها. ويشارك في هذه الحملة أكثر من 100 علامة تجارية تعرض أكثر من 20 ألف منتج. ورصدت «جوميا» إقبالاً منقطع النظير من جانب العملاء لشراء المنتجات والسلع المحلية الصنع بعد زيادة الإقبال على صفحة «صنع في مصر» بنسبة 1000 في المائة.
أما في الإمارات، فتبدأ عروض الـ«بلاك فرايداي» يوم الجمعة في 24 نوفمبر الحالي وتنتهي مع نهاية الشهر، حيث ستتاح فرصة للمتسوقين للاستفادة من تخفيضات وعروض حصرية على مختلف المنتجات والخدمات. ويعدُّ من أهم الفعاليات التجارية في الإمارات، حيث يقدم تخفيضات هائلة على العديد من المنتجات والماركات الشهيرة.
وفي قطر أيضاً، بدأت العديد من مواقع التسوق تقديم عروض «الجمعة البيضاء»، التي وصلت نسبتها إلى 90 في المائة منذ بداية الشهر الحالي، مما يمنح المتسوقين عبر الإنترنت فرصة استثنائية للشراء والتسوق.