تعرضت علامات تجارية شهيرة في عدد من البلدان العربية لحملة مقاطعة شعبية عفوية إلى حد كبير بسبب الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة منذ هجوم حماس في مطلع الشهر الماضي.
وفي إحدى الأمسيات مؤخرا في القاهرة قام عامل بتنظيف الطاولات في مطعم ماكدونالدز الخالي، كما بدت فروع سلاسل الوجبات السريعة الغربية الأخرى في العاصمة المصرية مهجورة.
وتشعر العلامات التجارية الغربية بالتأثير في مصر والأردن، وهناك دلائل على انتشار الحملة في بعض الدول العربية الأخرى بما في ذلك الكويت والمغرب. وكانت المشاركة متفاوتة ولم تظهر سوى تأثيرات طفيفة في السعودية والإمارات وتونس.
ويُنظر إلى بعض الشركات التي تستهدفها الحملة على أنها اتخذت مواقف مؤيدة لإسرائيل، ويُزعم أن بعضها له علاقات مالية معها أو استثمارات هناك.
ومع بدء انتشار الحملة اتسعت دعوات المقاطعة المتداولة على الشبكات الاجتماعية لتشمل عشرات الشركات والمنتجات، مما دفع المتسوقين إلى التحول إلى البدائل المحلية.
وفي مصر، حيث هناك فرصة ضئيلة لنزول الناس إلى الشوارع بسبب القيود الأمنية، يرى البعض أن المقاطعة هي الطريقة الفضلى أو الوحيدة لإسماع صوته.
وقالت الثلاثينية ريهام حامد، التي تقاطع سلاسل الوجبات السريعة الأميركية وبعض منتجات التنظيف، لرويترز “أشعر بأنه حتى لو كنت أعلم أن هذا لن يكون له تأثير كبير على الحرب، فهذا أقل ما يمكننا القيام به كمواطنين من دول مختلفة حتى لا نشعر بأن أيدينا ملطخة بالدماء”.
وفي الأردن يدخل السكان المؤيدون للمقاطعة أحيانا إلى فروع ماكدونالدز وستاربكس لتشجيع العملاء القلائل على نقل أعمالهم إلى أماكن أخرى.
وانتشرت مقاطع فيديو لما يبدو أنه جنود إسرائيليون يغسلون ملابس بماركات منظفات معروفة، ما حث المشاهدين على مقاطعتها.
وقال أحمد الزرو، أمين الصندوق في سوبرماركت كبير بالعاصمة عمّان حيث كان الزبائن يختارون العلامات التجارية المحلية بدلا من الغربية، “لا أحد يشتري هذه المنتجات”.
وبينما بدت سبعة فروع لستاربكس وماكدونالدز وكنتاكي فرايد تشيكن في العاصمة الكويتية فارغة تقريبا الثلاثاء الماضي، قال عامل في فرع ستاربكس بالرباط إن “عدد الزبائن انخفض بشكل ملحوظ هذا الأسبوع”. ولم يقدم العامل والشركة أي أرقام.
وقالت ماكدونالدز في بيان الشهر الماضي إنها “تشعر بالفزع” من المعلومات المضللة بشأن موقفها من الصراع، وإن أبوابها مفتوحة للجميع.
وأكد فرعها المصري المملوك لرجل الأعمال ياسين منصور أنه تعهد بتقديم 20 مليون جنيه (650 ألف دولار) كمساعدات لغزة.
وأكدت ستاربكس في بيان على موقعها في الإنترنت حول عملياتها في الشرق الأوسط، والذي تم تحديثه في أكتوبر الماضي، أنها شركة غير سياسية ونفت شائعات تفيد بأنها قدمت الدعم إلى حكومة بنيامين نتنياهو أو الجيش الإسرائيلي.
وقالت ستاربكس، التي أعلنت في وقت سابق من هذا الشهر عن إيرادات قياسية للربع الرابع، “ليس لدي ما أشاركه في أعمالي”.
وانتشرت حملات المقاطعة في البلدان التي كانت فيها المشاعر المؤيدة للفلسطينيين قوية تقليديا. وأبرمت مصر والأردن اتفاقيتيْ سلام مع إسرائيل قبل عقود، لكن ذلك لم يؤد إلى تقارب شعبي.
وكان لحملات المقاطعة السابقة في مصر، أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان، تأثير أقل، بما في ذلك تلك التي دعت إليها حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات التي يقودها الفلسطينيون.
وقال حسام محمود، عضو حركة المقاطعة في مصر، إن “حجم العدوان على قطاع غزة غير مسبوق. وبالتالي فإن رد الفعل، سواء في الشارع العربي أو حتى الدولي، غير مسبوق”.
وخص بعض النشطاء ستاربكس بمقاضاة نقابة عمالها بسبب مقال عن الصراع بين إسرائيل وحماس، وشركة ماكدونالدز بعد أن ذكر فرعها في إسرائيل أنه يقدم وجبات مجانية لأفراد الجيش الإسرائيلي.
وقال موظف بمكاتب ماكدونالدز – مصر، طلب عدم ذكر اسمه، لرويترز إن مبيعات السلسلة في شهري أكتوبر ونوفمبر “انخفضت بنسبة 70 في المئة على الأقل بمقارنة سنوية”. وأضاف “نكافح لتغطية نفقاتنا خلال هذا الوقت”.
ولاحظ سامح السادات، وهو سياسي مصري ومؤسس مشارك لشركة تي.بي.أس هوليدنغ الموردة لستاربكس وماكدونالدز، انخفاضا أو تباطؤا بنحو 50 في المئة في الطلب من زبائنه.
ورغم الجهود التي تبذلها العلامات التجارية المستهدفة للدفاع عن نفسها والاحتفاظ بالأعمال التجارية عبر العروض الخاصة، استمرت حملات المقاطعة في الانتشار، وفي بعض الحالات يكون ذلك خارج الأسواق العربية.
وفي ماليزيا ذات الأغلبية المسلمة قال عامل في مطعم ماكدونالدز ببوتراجايا، العاصمة الإدارية لماليزيا، إن “الفرع يستقبل عددًا أقل من الزبائن بنسبة 20 في المئة”، وهو رقم لم تتمكن رويترز من التحقق منه على الفور.
وواجه تطبيق غراب لطلب سيارات الأجرة أيضا دعوات للمقاطعة في ماليزيا بعد أن قالت كلوي تونغ زوجة الرئيس التنفيذي للشركة إنها وقعت “في حب إسرائيل تماما” خلال زياراتها هناك، لكنها أكدت لاحقا أن المنشورات أُخرجت من سياقها.
وقالت شركتا غراب وماكدونالدز الماليزيتان بعد دعوات المقاطعة إنهما “ستتبرعان بالمساعدات للفلسطينيين”.
وفي وقت سابق هذا الشهر أزال البرلمان التركي منتجات كوكا كولا ونستله من مطاعمه، حيث أشار مصدر برلماني إلى “غضب عام” ضد العلامات التجارية رغم عدم قيام أي شركة تركية كبيرة أو وكالة حكومية بقطع العلاقات مع إسرائيل.
وكانت عمليات المقاطعة متفاوتة، مع عدم وجود تأثير كبير في بعض البلدان بما في ذلك السعودية والإمارات وتونس. وحتى عندما تكون للمقاطعة قاعدة أوسع من المتابعين، فإن بعض الناس يشككون في إمكانية إحداثها تأثيرًا كبيرًا.
وقال عصام أبوشلبي، وهو صاحب كشك في القاهرة، “إذا كنا نريد حقا مقاطعة ودعم هؤلاء الناس (الفلسطينيين)، فإننا نحمل السلاح ونقاتل معهم… وإلا فلا”.