كان بإمكانكم الحفاظ على سمعة القطاع المصرفي وإبعاد تهمّة السرقة عنكم

عند كل محاولة لحلّ أزمة الودائع وإعادة الهيكلة للقطاع المصرفي، تعود الاتهامات المتبادلة بين المصارف والحكومة حول مسؤولية كل طرف عن الفضيحة المالية التي أوصلت اللبنانيين الى التعتير، فوجّه رئيس جمعية المصارف سليم صفير كتاباً الى رئيس الوزراء مطالباً بعدم تحميل المصارف المسؤولية لوحدها عمّا حصل.

ترتكبه ولا تحميلها القروض التي سُدّدت على الـ 1500 وغيرها، ولكن يجب تحميلها المسؤولية عمّا تبقّى من الودائع لديها، وعمّا حقّقته من ارباح عبر وسائل ملتوية قضمت من ودائع اللبنانيين.

ألم تقتنع المصارف بعد، انّ الوسيلة الوحيدة لحماية نفسها واستعادة الثقة هي «مصارحة اللبنانيين»، والمصارحة الحقيقية تكون ان يكشف كل مصرف على حدة وضعه المالي، كم كانت قيمة الودائع بذمته في 17 تشرين 2019، وهل أرجع المصرف المركزي منها شيئاً، وكيف تصرّف المصرف بما تبقّى من الودائع ؟ ألم يحن الوقت بعد كل ما حصل ان تتحقق هذه المصارحة، أليس حق الناس الذين ائتمنوا المصارف على اموالهم ان يحظوا بالحقيقة الكاملة؟

افتحوا دفاتركم واسمحوا بالتحقيق لتحديد المسؤولية بينكم وبين المصرف المركزي، عن القسم الذي ضاع في المصرف المركزي كما تدّعون، ولن تتمّ مطالبتكم بالمبالغ التي هدرها «المركزي» والدولة، بعد التأكّد من الأرقام وتحديد المسؤوليات الحقيقية عن القسم المفقود من الودائع. فكل طرف سيُطالَب بتحمّل مسؤولية ما اضاعه. فلا يتوهمنّ احد انّه سيتمّ السكوت عن أي جزء من هذه الودائع المتبقية او القسم الذي تمّ نهبه. فلعنة الودائع ستُلاحق اي شخص ساهم بنهب اموال الناس ولم يُرجعها.

وإذا اردتم أن تخففوا غضب الناس عليكم، بادروا حالاً الى إرجاع ما تبقّى لديكم من هذه الودائع لأصحابها بدل الاستمرار في تقليصها.

وهذه الخطوة كان من المفروض ان تقوموا بها حين وقعت الأزمة وعجز المركزي عن ارجاع ما أخذه من ودائع ، كان عليكم ان تخرجوا وتصارحوا الناس، وتقولوا لهم لقد اخذ المصرف المركزي منا مبلغاً وقدره X وتبقّى بعهدتنا مبلغ Y، واذا اعتبرنا انّ X تشكّل مثلاً 35% من قيمة الودائع، تُرجعون لكل مودع وديعته ناقص الـ35% ، وتشرحون للمودع انّ الدولة والمصرف المركزي أخذا نسبة الـ35%. كان هذا الموقف سيشكّل خلاصكم وكانت الناس ستحترمكم لشفافيتكم، وكانت ستقف بصفكم بوجه الحكومة والمصرف لإعادة ما أهدرته الدولة من ودائع الناس. لو قمتم بذلك كنتم ستحافظون على ثقة الناس في القطاع المصرفي وستبعدون عن انفسكم تهمة السرقة والتواطؤ. لو قمتم بذلك كنتم أنقذتم البلد ولم نصل الى ما وصلنا اليه اليوم.

اما ما قمتم به كان مغايراً لذلك، فاستمريتم بالتعاون مع المصرف المركزي على حساب الناس وقهرهم وجعلهم رهينة لأكثر من 4 سنوات، فقمتم عبر وسائل ملتوية بتقليص الودائع وتصفير بعضها عبر بيعها بأبخس الاسعار بشيكات، ووضع رسوم غير قانونية، والاستفادة من منصّة صيرفة والمشاركة بقوة في السوق السوداء، وعندنا ثقة انكم حققتم ارباحاً خلال هذه الفتره تفوق ما أخذه المركزي منكم، وهنا اكشفوا حساباتكم لتبرهنوا اننا على خطأ.

نعيد، لا يريد احد تحميلكم مسؤولية ما اخذته الدولة، ولكن يجب ان تتحمّلوا مسؤولية عن القسم الذي بقي في عهدتكم، هذا تتحمّلون مسؤوليته الى يوم الدين، وقد كنتم شركاء مع المصرف المركزي واستفدتم من هندسات مالية، وبدل ان يكون المصرف المركزي رقيباً عليكم، اصبحتم شركاء عمل، ولكننا لم نرَ احداً منكم عاجزاً عن دفع قسط مدرسة، او الخضوع للعلاج، بل على العكس نراكم انتم والمسؤولين السابقين عن الاموال، تعيشون في رفاهية.

ونعيد ونكرّر انّ باب الخلاص الوحيد هو إجراء مصارحة شاملة وإعادة ما تبقّى من الودائع لأصحابها.

وطبعاً، لو كانت الشفافية التي تكلمنا كثيراً عنها مطبّقة في ادارة القطاع العام، لكان واقعنا مغايراً عمّا هو الآن، وحتى لو تمّ تطبيق الشفافية في المصرف المركزي فقط لكنا تفادينا الكارثة التي وقعت.

 

مصدرالجمهورية - فادي عبود
المادة السابقةهيئة ادارة السير تعلن إنجاز معاملات جديدة بدءاً من الثلاثاء
المقالة القادمةطباعة الليرة بفئات كبيرة: تأكيد اقتصاد “الكاش” واستمرار الأزمة