شهد اليوم الثاني والأخير من «مؤتمر التعدين الدولي»، امس الخميس، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، جلسات حوارية مكثفة تضع الحلول أمام التحديات التي تواجه المنظومة، إلى جانب أهمية تلبية الطلبات المتزايدة على المعادن الاستراتيجية.
وقال وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف، مع ختام أعمال المؤتمر، إن الحدث أصبح يشكل منصة ثرية للنهوض بالصناعة على مستوى العالم، مؤكداً أن المقترحات المقدمة في الجلسات من قبل المتحدثين سيتم متابعتها والتأكيد على تنفيذها للوصول إلى المستهدفات المرسومة.
وبيّن الوزير الخريف، أن التعدين في السعودية شهد حراكاً متسارعاً في أقل من 3 أعوام بدعم من الحكومة، والهدف المستقبلي يكمن في جعل القطاع ذات أثر حقيقي على الحياة الاجتماعية، وكذلك من الناحية الاقتصادية.
وسلطت جلسات اليوم الثاني من فعاليات «مؤتمر التعدين الدولي»، الضوء على ضرورة تعزيز الابتكارات التكنولوجية المستمرة، وأهمية توفير الإمدادات المستقرة من البطاريات لإعادة تدويرها، وذلك للنهوض بالصناعة وتحقيق مستهدفاتها على المدى البعيد، وكذلك ضرورة الحاجة إلى المعادن الحرجة لتحقيق التحول في الطاقة.
وشهد اليوم الثاني من مؤتمر التعدين الدولي، الخميس، حضوراً كثيفاً من القادة والمسؤولين في القطاعين العام والخاص، وانعقاد عدد من الجلسات المهمة التي تسلط الضوء على القطاع، وأهمية النهوض بالصناعة في المرحلة المقبلة.
تحقيق الاستدامة
وشدد القادة والمسؤولون في القطاع على ضرورة بذل جهود موازية مع توسيع نطاق الصناعة والقيام بذلك بطريقة مستقلة جيوسياسياً، مؤكدين على الدور المحوري الذي تلعبه الصناعة بيئياً واجتماعياً. وركّز نائب الرئيس التنفيذي الأول لشركة «ساندستورم روياليتيز»، ديفيد أورام، على التحدي المتمثل في العثور على الإدارة الجيدة لشركات التعدين في سبيل تحقيق الاستدامة.
ودعا عضو مجلس الإدارة ونائب رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لشركة «هويو كوبالت» جورج كيو فانغ، إلى بناء فلسفة عمل مختلفة في مواجهة تحديات الصناعة المتطورة، مما يشير إلى أن العمل مع الشريك المناسب لإضافة القيمة هو أمر أساسي.
من جانبه، رأى نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون الصناعة السعودي، المهندس خليل بن سلمة، أن العنصر البشري من أهم العناصر التي لا بد التركيز عليها، وهو المستهدف الأول في التهيئة والتدريب لتأسيس سلاسل إمداد ذات قيمة.
بدوره، أوضح الرئيس التنفيذي للشركة السعودية لخدمات التعدين «إسناد» إبراهيم النصار، أن الاستراتيجية الوطنية لتطوير قطاع التعدين تركز على توفير بيئة عمل تستقطب المستثمرين، على اعتبار أن ذلك هدف للقطاع الذي يمثل الركيزة الثالثة للصناعة الوطنية وفق «رؤية 2030».
وذكر مدير عام «إم كلاين آند كومباني» سايروس هيرامانيك، أن أعمال شركات التعدين تفرض عليها علاقة طويلة الأجل مع المجتمعات المحيطة بمشاريعها لتطويره كما تفعل شركة «معادن» السعودية.
الموارد الهيدروكربونية
أما المهندس صالح الصالح من شركة «أرامكو» السعودية، فقد أفاد «فهمنا للموارد الهيدروكربونية كان ضرورياً لتطوير استراتيجية طويلة المدى للاستفادة من هذه الموارد وتوفير الطاقة للعالم».
واستطرد الشريك الإداري في «إنوفيشن أركيتيكس» روبي ستانسل: «في كل مرحلة من مراحل الاستكشاف تزداد التكلفة مما يحد من تحفيز القطاع الخاص للمشاركة في هذه المراحل، وبالتالي لا بد من إيجاد توازن من خلال الإنفاق العام كما هي الحال في المملكة».
من ناحية أخرى، حصلت شركة «معادن»، الذي يمتلك «صندوق الاستثمارات العامة» جزءاً كبيراً من أسهمها، على شهادة اعتماد عالمية لإنتاجها 614 كيلو طن من الأمونيا ذات الانبعاثات المنخفضة، وهو ما يمثل نقطة تحول جديدة للمستقبل.
وبين الرئيس التنفيذي لـ«معادن» روبرت ويلت، أن الشركة لديها أكبر برنامج استكشافي في العالم، وحددت 18 مشروعاً لزيادة وتيرة العمل في المجال وتحقيق الاستدامة.
كما وقّع برنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجيستية «ندلب»، اتفاقية مع «نيولاب» على إنشاء مقر إقليمي في السعودية، وذلك على هامش «مؤتمر التعدين الدولي»، تلاها مجموعة اتفاقيات للقطاعين العام والخاص مع «نيولاب السعودية»، تمهيداً لخلق آفاق مستدامة في مستقبل مشرق.
جذب الاستثمارات
من ناحية أخرى، عزّزت الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية «مدن» نشاط الصناعات التحويلية التعدينية باستقطاب استثمارات أجنبية قيمتها 255 مليون ريال (68 مليون دولار)، عبر تخصيص أراضٍ مُطورة مساحتها 87,547 ألف متر مربع في المدينة الصناعية بالخرج (وسط المملكة).جاء ذلك خلال مشاركتها في النسخة الثالثة من «مؤتمر التعدين الدولي»، وتضمنت الاستثمارات الجديدة توقيع عقدي تخصيص لشركتين صينية ومصرية بغرض إنشاء مصنعين أحدهما على مساحة 58,800 متر مربع لإنتاج مصنوعات الحديد الأولية، والثاني على مساحة 28,747 مترا مربعا لإنتاج ترابيع الرخام والجرانيت.
وأبرمت «مدن» خلال المؤتمر مذكرتي تفاهم، الأولى مع هيئة المساحة الجيولوجية السعودية لتنفيذ مشروعات بحثية ودراسات مشتركة في المجالات ذات الاهتمام المشترك من بينها: «توطين التقنية، ودعم المحتوى المحلي، وتنمية رأس المال البشري».
ووقعت المذكرة الثانية مع شركة «معادن» للتعاون في مجالات دعم المحتوى المحلي، ورفع كفاءة الخبرات الوطنية وزيادة التوظيف، إضافة إلى دعم الاقتصاد المناطقي وإطلاق الفرص الاستثمارية في مجالات التعدين عبر برنامج «ثروة» الذي أطلقته «معادن» نهاية عام 2022.
وشاركت «مدن» خلال المؤتمر بجلسة نقاشية حول دعم استقرار سلاسل توريد الصناعات التعدينية، حيث استعرض نائب الرئيس التنفيذي لـ«مدن لتطوير الأعمال» المهندس علي العمير دور الهيئة في دعم وتوريد الصناعات المعدنية، وتحقيق استدامة إمدادات المعادن في مدنها الصناعية. واستطاعت «مدن» تحقيق ارتفاع نسبته 4.36 في المائة بعدد المصانع التحويلية التعدينية لتصل إلى 1,629 مصنعاً خلال عام 2023، يتركز أغلبها في المدن الصناعية بالرياض وجدة والدمام والخرج، ما يُسهم في تحقيق إيرادات قياسية لقطاع التعدين بالمملكة.
وتعمل الهيئة على تنويع القاعدة الإنتاجية ودعم قطاع التعدين، تماشياً مع مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للصناعة التي خطَّت مسارات واسعة للتنمية الصناعية بمضاعفة القيمة المضافة، وزيادة نسبة المنتجات المصنعة ذات القاعدة التقنية، ورفع معدل الصادرات الوطنية بالمواءمة مع تطلعات «رؤية 2030». وتُسهم المدن الصناعية الواقعة تحت إشراف الهيئة في تعزيز المحتوى المحلي بعدد من الصناعات النوعية ذات العلاقة من بينها: صناعة الكابلات، والزجاج والحجر والرخام والجرانيت، إضافة إلى الحديد والصلب وصفائح الألمنيوم، والخزفيات، وكذلك الخرسانة الجاهزة ومواد البناء كالتروبية والمواد اللاصقة.