لا شكّ أن ما ينتظر لبنان كبير، وعندما يقوم أي مواطن بجولة في الأسواق يلاحظ عملياً إرتفاع الأسعار بشكل كبير، وليس بالشكل الذي هو عليه عملياً أو المتوقّع في حال إندلعت الحرب في باب المندب بين الولايات المتحدة واليمن، إذ يكفي التهديد والغارات على الحوثيين لتثير القلق والريبة من عدم الأمان للسفن المبحرة أن تغيّر مسارها فتشتعل أسعار التأمين على البضائع ليتصاعد معها تسعير السلع عالميًّا. وعندما يُسأل التجّار عن الأمر يكون الجواب، كما في كل مرة، أن ارتفاع الأسعار لن يكون بالشكل الذي يتحدثون عنه، وأنه يتمّ تضخيم الأمور، ولكن الكلام شيء والواقع شيء آخر.
التجارب الماضية مع التجّار، أظهرت أن هناك استفادة من أيّ عامل من العوامل لزيادة الأرباح، والدليل هو الارتفاع غير المبرّر في الأسعار، مع العلم أن الدولار مستقرّ منذ مدّة على سعر معيّن، وأتت الحرب في المنطقة لتزيد “الطين بلّة”، وكلّما توسّعت كلما كان تأثيرها أكبر.
عملياً يستورد لبنان من الصين مواد غذائية ومن الهند اللحوم الحمّص والسكّر، اضافة إلى مواد أخرى، ومن ماليزيا الزيوت وزيت النخيل، ومن تايلاند الذرة والأرز والشاي، ومن الامارات تصل بعض المنتجات، وبعد اندلاع الحرب قررت العديد من شركات الشحن العالمية أن تغيّر المسار الذي كانت تتبعه من البحر الأحمر، وتحديداً قناة السويس، إلى معبر رأس الرجاء الصالح في أسفل أفريقيا.
“الشحن من الخارج إلى لبنان لا يزال مستمراً، ولكن بوتيرة أقلّ من تلك التي كانت عليه سابقاً”. هذا ما أكدته مصادر مطلعة لـ”النشرة”، شارحةً أن “الكونتينر” الذي كان يأتي من الصين، على سبيل المثال، كان يكلّف 2500 دولار أميركي، أما اليوم بعد وقوع الحرب أصبح يكلّف بحدود 8000 دولار، أي أكثر من ثلاثة أضعاف عما قبل حرب “7 تشرين الأول الفائت”، في حين أن “الكونتينر” الذي كان يكلّف 8000 دولار أصبحت كافته حالياً بحدود 12000 دولار، الأمر الذي سينعكس حكماً على أسعار السلع التي سترتفع بشكل كبير نتيجة إرتفاع التأمين وتكلفة الشحن.
وتذهب المصادر أبعد من ذلك لتتحدث عن كيفية إنتقال الباخرة في البحر، لافتة إلى أنه “لتخفيف التكلفة وزيادة الأرباح يعتمد كبار التجار أساليب أخرى في الشحن”، إذ تشرح أن “التاجر الموجود في لبنان يطلب البضاعة من الصين ويقوم بكل المعاملات وتبدأ رحلة الشحن، إلا أنه وسعياً لتخفيف الأكلاف فإن الباخرة تصل من الصين إلى الإمارات، على سبيل المثال، ومن هناك يتم نقل البضاعة عبر البرّ وليس عبر البحر إلى بيروت، رُغم الحديث عن أن النقل البرّي متوقّف”، مؤكدةً أن “هذا الأسلوب بات يستعمله العديد من التجّار، وهو يخفّف الكلفة ويؤدي إلى زيادة الأرباح في ظلّ ارتفاع الأسعار”.
إذاً، عديدة هي الأساليب التي تستعمل لشحن البضائع، وحتماً ما يحدث في المنطقة وكلّ التوترات أثّرت بشكل كبير وكان لها إنعكاساتها على كلّ شيء، والحقيقة أنه في لبنان عند كل أزمة يكون المستفيد الأول منها التاجر، بينما من يدفع الثمن هو المواطن اللبناني!.