لا شيء يوحي أن دورة العمل في هيئة ادارة السير بكل مراكزها ستعود الى حالتها الطبيعية، ذلك بالرغم من صدور قرار بأن مراكز «النافعة» ستفتح أبوابها لاستقبال معاملات المواطنين كل ثلاثاء وأربعاء وخميس من كل أسبوع. فمقاطع الفيديو التي انتشرت أمس على مواقع التواصل الاجتماعي، أظهرت زحمة مواطنين هائلة وتدافع وفوضى عارمة أمام مركز النافعة في الدكوانة. وذلك بعدما توجّه المئات لتسجيل سيّاراتهم، إثر صدور قرار يخوّلهم ذلك من دون الحاجة الى تسجيل موعد عبر المنصة. لكنّ مصدراً متابعاً قال لـ»نداء الوطن» أن «عدد المعاملات المنجزة لم يتجاوز الـ60 معاملة على الاكثر، وتم فتح قسم السيارات السياحية وليس كل الاقسام، بسبب نقص في خبرة عناصر القوى الامنية الذين يتولون انجاز المعاملات بدلاً من الموظفين الاصيلين، كون هؤلاء الموظفين لا يزالون مضربين عن العمل بسبب عدم تسوية أوضاعهم المالية».
يضيف: «في باقي مراكز النافعة الوضع ليس أفضل. فالنافعة في الاوزاعي وعاليه جونية مقفلة، ونافعة النبطية انجزت 200 معاملة يوم الخميس. فالموظفون لم يقبضوا معاشاتهم ولا حلول حقيقية لهذه القضية المطلبية، ولذلك ما نشهده من ازدحام في النافعة سببه عدم وجود موظفين بالشكل الكافي»، موضحاً أنه «حالياً يتم تجديد دفاتر سواقة من خلال استمارة تعطى للمواطن، وليس دفتر سواقة كما هو مطلوب بسبب الخلاف الذي لا يزال قائماً بين شركة «انكربت» (التي تؤمن مستلزمات العمل من دفاتر سوق ولوحات) والدولة اللبنانية. وعلى الارض لا معطيات حقيقية حول اعادة دورة العمل الطبيعية الى النافعة». يؤكد المصدر أن «لا أحد يعرف كيف ستنتهي هذه الازمة، فالموظفون لم يقبضوا معاشاتهم ولا بدل نقل حتى. هناك وعود بالحل من قبل مدير المصلحة والمدير العام لهيئة ادارة السير والمحافظ مروان عبود (مدير عام هيئة إدارة السير والآليات والمركبات بالوكالة)، لكن الاجراءات في الدولة تستغرق وقتاً، وصرف المعاشات للموظفين مرتبط بوضع البلد ككل».
ويختم: «الوضع في النافعة لا يقل سوءاً عما هو في الدوائر العقارية، بالاضافة الى أن هناك لجنة منبثقة عن لجنة الاشغال النيابية تحقق في ملف هيئة ادارة السير، ما يعني أن انتظام العمل في مراكزها ليس بالامر السهل». تجدر الاشارة الى أن الكباش لا يزال قائماً بين الدولة اللبنانية وشركة «انكربت» التي كانت المسؤولة عن تشغيل مراكز النافعة في لبنان. إذ سبق للقاضي فوزي خميس أن ادعى على رئيس مجلس إدارة شركة «إنكريبت» هشام عيتاني، و«كل من يظهره التحقيق فاعلاً أو شريكاً» مع الاحالة إلى النيابة العامة التمييزية، لملاحقتهم جزائياً عما «ارتكبته الشركة بحق» مصلحة «النافعة»، كون «إنكريبت» هي الشركة المشغّلة المسؤولة عن البرامج الإلكترونية لهيئة إدارة السير، وتأمين دفاتر المركبات ودفاتر السوق واللوحات الآمنة واللاصقات الإلكترونية. وأوصت، النيابة العامة لديوان المحاسبة بأن تتخذ هيئة إدارة السير ووزارة الداخلية كلّ التدابير المناسبة بحق الشركة «الناكلة عن تنفيذ التزاماتها التعاقدية، وتطبيق الجزاءات المنصوص عنها في دفتر الشروط، ومصادرة الكفالة المالية عند اللزوم، وغيرها من الإجراءات التي تضمن تحصيل قيمة العطل والضرر اللاحقيْن بالنافعة، والمبالغ التي حُرمت منها خزينة الدولة طيلة الفترة التي تعطّل فيها سير المرفق العام (النافعة) بفعل الشركة».
خواجة: لا نزال في طور التحقيقات
في الموازاة تقوم لجنة منبثقة عن لجنة الاشغال النيابية حالياً بتحقيقاتها حول هذا الموضوع، لكن مشوار «تقصي الحقائق» الذي تسعى اليه اللجنة لا يزال في أوله. إذ يوضح عضو اللجنة النائب محمد خواجة لـ»نداء الوطن»، «حصول مجموعة جلسات من قبل اللجنة، تمّ الاتفاق فيها على منهجية العمل في حضور اعضاء من ديوان المحاسبة والقاضي عبود، ورئيس هيئة الشراء العام جان علية»، مشدداً على أن «هناك ثغرات تبدأ من تركيبة العقد، ونواجه مشاكل في معرفة الحقيقة، لأن هناك تفاصيل لا تزال مبهمة بالنسبة لنا»، شارحاً أن «اللجنة لم تعرف الى الآن على أي اساس قانوني تمّ تلزيم شركة انكربت، ولا نعرف لماذا تم توقيع العقد باسم الدولة اللبنانية (بقيمة 175 مليون دولار) من قبل الرئيسة السابقة لهيئة ادارة السير هدى سلوم وليس من قبل وزير الداخلية، ولماذا تمت الموافقة على دفتر الشروط الذي يعتريه أكثر من خلل، وهل ناتج عن عدم دراية أو عن قصد لاخفاء أمر ما». يجزم خواجة أن «اللجنة ستحاول كشف كل هذه التفاصيل المبهمة، من خلال لقاءاتها المقبلة مع ممثلي «انكربت» ومع من كان يتولى مسؤولية هيئة ادارة السير، علماً انه سبق أن طلب حضورهم الجلسة الاخيرة للجنة ولم يلبوا الدعوة وتم رفع هذا الامر الى رئاسة المجلس النيابي»، مؤكداً أن «هناك اتفاقاً على الاستمرار في هذا الملف حتى النهاية لكشف الخفايا والخبايا، وسنضعها في تصرف لجنة الاشغال التي ستضعه بدورها بتصرف رئاسة المجلس، وقد نحمل الملف الى القضاء في ما بعد. نحن متابعون لما يحدث وربما تتشكل لجنة تحقيق برلمانية، لكننا اليوم لا نزال في مرحلة استدعاء المعنيين مباشرة بهذا الملف». ويختم: «لا يمكن تحديد كيفية الخروج من هذه الازمة، لأننا لا نزال في طور التحقيقات ولكننا سنتابعها للنهاية. وسنعاود اجتماع اللجنة بعد اقرار الموازنة العامة».