حمَل رئيس إدارة حصر التبغ والتنباك “الريجي” مديرها العام المهندس ناصيف سقلاوي خلال احتفال بتكريم موظفيها الذين بلغوا سنّ التقاعد عام 2023 امس، في مقر الإدارة في الحدث ،على الدعوات إلى رفع الضرائب على التبغ لزيادة ايرادات الدولة، واصفاً إياها بأنها “تصريحات غير مدروسة”، وأوضح أن هذه الضرائب يجب ألاّ توضَع بالمقارنة “مع بلدان لديها مستويات تهريب متدنية جداً”.
وقال سقلاوي في الاحتفال الذي حمل عنوان “عُمْر…عِشناه سَوا” احتفاءً بمسيرة عمل الموظفين المتقاعدين: “كلما التقينا في هذا الوقت من السنة لنكرم زملاء لنا حان الوقت أن يغادرونا، نتذكر مجدداً أن المؤسسة التي تكبر على أكتاف أشخاص أعطوا من قلوبهم ومن ذواتهم، تبقى مستمرة، فلا هم يغادرونها ولا هي تغادرهم، ولا هم ينسونها ولا هي تنساهم”.
وأضاف متوجّهاً إلى المكرّمين: “قطعة منكم تبقى هنا. قطعة من ذاتكم، من خبرتكم، من بصمتكم، من حماستكم، من أمانتكم، من الأثر الذي تتركونه وراءكم، وقطعة من الريجي تبقى معكم. زواياها، مكاتبها، الذكريات اللي عشتموها فيها، التضحيات التي بذلتموها لأجلها… كله يبقى في الذاكرة وفي القلب محفوراً، وليس لذلك عمر ولا سن قانونية”.
واعتبر أن اللقاء التكريمي “ما هو الا محطة، وقفة صغيرة” تعبّر فيها إدارة “الريجي” عن “تقديرها لسنوات من العطاء الوظيفي” الذي قدمه المتقاعدون، “وساهم كثيراً في نمو الريجي وتطورها ووصولها لما وصلت إليه اليوم”. واضاف : “لقد شهدتم على ازدهار الريجي وساهمتم، كل واحد من موقعه، في تطور هذه المؤسسة التي أصبحت باعتراف الجميع مفخرة للقطاع العام ودعامة أساسية من دعائم الاقتصاد الوطني”.
وتابع قائلاً: “نرفع رأسنا بما حققناه بشكل خاص في السنوات الماضية، فرغم كل الظروف المعاكسة (…) تمكنت الريجي بفضلكم وبمساعدتكم من أن تحقق انجازات جديدة”، ومنها “مضاعفة القدرات الإنتاجية وزيادة خطوط انتاج جديدة لتلبية الطلب المتزايد على منتجات الريجي” وأضاف: “استطعنا أن نكون السبّاقين ونطلق الطابع المرمز لنكافح التهريب، وأن نحصد شهادة ايزو جديدة للصحة والسلامة المهنية بعد الشهادات السابقة التي نلناها، وأن نواكب التكنولوجيا ونطلق منصة الكترونية للمزارعين لنكون إلى جانبهم ونرافقهم خطوة بخطوة، وأن نتحدى الظروف ونشتري محاصيل تبغ اهلنا بالجنوب قبل الموعد المقرر، ولم نقف عند هذا الحدّ، إذ سنستثمر اراضي الادارة ونزرعها لندعم بمحصولها كل مُزارع في الجنوب”. وذكّر بدور “الريجي” في مواجهة “الاقتلاع والتهجير والعدائية بالزرع والتجذير والصمود”.
وشدّد سقلاوي على أن “هذه المؤسسة كافحت وحاربت لتستمر ووقفت في مواجهة ابواق الفشل الي حاولت ان تنال من نجاحها.” واستغرب أن “يطرح احدهم رفع الضرائب على التبغ لزيادة ايرادات الدولة اسوة بالدول الاوروبية، وكأن المتكلم من كوكب زحل، فهل حدود لبنان كحدود فرنسا؟”. ودعا إلى “التعلّم من التجارب السابقة عندما وقعت المؤسسة في عجز مالي كبير نتيجة رفع الضرائب وتراجعت ايرادات الخزينة لا بل انعدمت”. وأضاف: “فلنتجنب إطلاق تصريحات غير مدروسة يمكن تكون عواقبها وخيمة على لبنان وعلى الاقتصاد”. وأوضح أن “اية ضرائب على التبغ يجب ان تأخذ في الاعتبار عدم المقارنة مع بلدان لديها مستويات تهريب متدنية جداً”.
وخاطب المحتفى بهم بالقول: “فضلكم على هذه المؤسسة لا يُنسى. مكانتكم فيها محفوظة دائماً وقلب الريجي وأبوابها ستظل مفتوحة لكم. تأكدوا ان غيابكم سيبقى حضوراً في كل زاوية ومصنع ومكتب ومستودع، وان خبرتكم وحكمتكم واخلاصكم سيستمر في الجيل الذي سيتابع مسيرتكم ويحفظ انجازاتكم ويبني عليها. (…) نشكركم على العمر الذي أمضيتموه في حضن هالمؤسسة، وعلى الوقت الذي قضيتموه فيها اكتر من الوقت الذي قضيتموه مع عائلاتكم. ولذلك بذلنا كل جهدنا لنحصنكم من النواحي المادية في نهاية مسيرتكم. الريجي أمينة ووفية ومخلصة لكم كما كنتم مخلصين لها، وستبقى قربكم كما كنتم دائما قربها”.
أما رئيس نقابة موظفي وعمال الادارة حسام شريف فأشاد بـ”اللمسة الحضارية الراقية” المتمثلة في تكريم إدارة “الريجي” أجراءها المنتهية خدمنهم، وتوجّهَ إلى المحتفى بهم “بتحية التقدير والاحترام لمرحلة من مراحل عطائهم الوظيفي الذي أخذ سنوات من أعمارهم تميزت بالتضحية ونكران الذات في سبيل أداء الأمانة”.
ووصف سقلاوي بأنه “النقيب الاول، إذ لا يترك شاردة وواردة تخص شؤون وشجون الموظفين و الاجراء والعمال بمختلف مراكزهم و فئاتهم و مسمياتهم الا و يتابعها شخصياً (…) و يكون السبّاق دوماً في دعمهم والوقوف الى جانبهم في كل المراحل الصعبة التي مر بها القطاع الوظيفي في لبنان بشكل عام منذ تسعينات القرن المنصرم”. وذكّر بمواكبته “ازمة العام 2019 و ارتفاع سعر صرف الدولار الاميركي وتاثيره السلبي على قيمة الأجر (…)لدعم معاشات الاجراء”.
وشكر للنقيب السابق كمال يتيم “مسيرة العطاء الوظيفي بشكل عام و النقابي بشكل خاص الذي تميز بالاقدام و المثابرة والجهد الملحوظ الذي بذله في سبيل احياء العمل النقابي قلباً و قالباً”.
وإذ تمنى “وضع خطة متكاملة خاصة بالمتقاعدين تهدف الى تسهيل التقديمات لهم (…) والتعاون على تسهيل امور كل ما له صلة بطبابتهم و استشفائهم”، أمل في أن يعجّل مجلس الوزراء “في استصدار المراسيم التطبيقية لقانون التقاعد والحماية الاجتماعية الذي ابصر النور أخيراً بعد سهر و اصرار دولة الرئيس نبيه بري على مدار عشرين عاماً”.
ولاحظ أن إدارة “الريجي” “لا تترك موظفيها السابقين كما الحاليين مهما كانت الصعاب و المحن، و ما سنوات الازمة الاخيرة الا خير دليل على ذلك، إذ وقفت شامخة متطورة بجانب اجرائها على الدوام في ظل انهيار اغلب المؤسسات العامة و الخاصة محلياً ودولياً”.
وكانت رئيسة العلاقات العامة نهلا سليم ألقت كلمة ترحيبية أوضحت فيها أن شعار “عمر…عشناه سوا” لهذا الاحتفال اخير لكونه “يعكس العَلاقَة القَوية بين أعضاء الفريق الواحد في الريجي، ويحمل ذكريات وتجارب مشتَركة، وتعاوناً وتحديات ونجاحات”. وأكدت أن المتقاعدين سيظلون دائماً “جزءاً من عائلة الريجي”، وأن “الإدارة وفيِّة لتعبهم وجهدهم اللذين تميّزت بفضلهما، وهي تفتخر بهم”. وشددت على أن “بين الريجي وأُجَرائها رابِطاً مِن القلب، لا يتقيد بالأعمار او بالسنين”.