الموازنة في يومها الثاني: هدوء ما قبل التصويت

من المقرر أن يرد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على مداخلات النواب بعد ظهر اليوم قبل الشروع في مناقشة بنود مشروع الموازنة والتصويت عليها بنداً بنداً وسط تحول برز في موقف «تكتل الجمهورية القوية» عبّر عنه النائب غسان حاصباني لجهة المشاركة في النقاش والتصويت على المشروع وفق الصيغة التي أنجزتها لجنة المال والموازنة وهو ما فسره البعض بأنه قد يكون تصويتاً لصالح الموازنة، إلا أنّ مصادر «التكتل» أكدت التصويت ضد الموازنة رغم المشاركة في نقاش بنودها.

سجلت الجلسة خلال المناقشات على مدى يومين تناغماً في مواقف بعض الكتل الرئيسية الكبرى في المجلس، فقد تم تجاوز الجدل الذي جرى في بداية الجلسة بهدوء من خلال الردود النيابية التي بقيت تحت سقف الدعوة للحوار والتفاهم التي برزت في مواقف غالبية النواب، وبقي اقتراح رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بالنسبة لتبني الاقتراح كبديل عن مشروع الحكومة، محل رفض وانتقاد من مختلف الكتل والنواب، وبقيت الكلمات تتراوح بين التنديد بالعدوان على غزة والجنوب والتضامن مع فلسطين وأهالي الجنوب، والتركيز على أولوية انتخاب رئيس الجمهورية وإن كانت المواقف أصبحت شبه واضحة لجهة التصويت مع وضد الموازنة.

وبدا جلياً أنّ هناك بعض المواد ستخضع للتعديل انطلاقاً من الملاحظات ولا سيما ما يتعلق بالاملاك البحرية وفرض ضريبة على الشركات التي استفادت من منصة صيرفة وغيرها من البنود الأخرى التي يمكن أن تؤمن مداخيل إضافية للخزينة. كذلك سجلت الجلسة أنها كسرت مقاطعة إنعقاد البرلمان والتشريع. وهكذا سينتقل البرلمان ما بعد الموازنة إلى الحديث مجدداً عن انتخاب الرئيس والمبادرات والدعوات للحوار والتفاهم.

الجولة الصباحية

استهلت جلسة مناقشة الموازنة في يومها الثاني بكلمة للنائبة حليمة قعقور تحدثت فيها عن خرق الدستور من قبل الحكومة التي لا نستطيع محاسبتها أو مساءلتها طالما هي مستقيلة ولا يمكن مناقشة الموازنة بغياب رئيس الجمهورية معلنة أنّها ستصوت ضد الموازنة التي حمت كبار التجار.

النائب ألان عون قال «نغصت علينا الحكومة فرحة تحويل الموازنة ضمن المهلة الدستورية من خلال غياب الرؤية واعتماد تجميع الإرقام، داعياً إلى إعادة النظر بالقطاع العام الذي يضم 340 ألف موظف منهم 120 ألف متقاعد كما دعا لتخفيف عديد الجيش ودمج بعض الأجهزة الامنية التي تحولت إلى علاقات عامة كما دعا إلى وقف المزايدات والتفاهم على تسوية ضمن سلة متكاملة تحفظ التنوع اللبناني الذي يمثله هذا المجلس.

النائبة سينتيا زرازير التي تتحدث للمرة الأولى تحت قبة البرلمان استذكرت ثورة 17 تشرين والعناوين التي حملها الناس. النائب رازي الحاج قال: «كأن من كتب فذلكة الموازنة هو غير من أعد مشروعها وهذا يدل على انفصام في الدولة العميقة»، معتبراً أنّه لايجوز القبول بموازنة بلا قطع حساب لأن المضمون يعبر عن لعبة «حلها واحتلها».

النائب أسامة سعد دعا المجلس النيابي لإصدار بيان تضامني مع الشعب الفلسطيني ضد العدوان الذي يتعرض له كما طالب بوضع سياسة دفاعية للبنان يكون عمادها الجيش اللبناني، ووصف الموازنة بأنها صندوق أسود كصناديق منشآت النفط في طرابلس والزهراني. النائب بلال عبدالله دعا إلى وقف تقاذف الكرة بين الدولة والمصارف في موضوع استعادة حقوق المودعين منوهاً بالجهد الذي أعطى القطاع الصحي 10% من الموازنة، داعياً إلى رفع الحد الادنى للأجور في القطاع الخاص إلى 20 – 30 مليون ليرة.

النائب سليم الصايغ طالب باستعادة الشرعية وقيام مجلس النواب بواجبه الأساسي وانتخاب رئيس جمهورية، وقال: «نحن ما زلنا نؤمن بالدستور لذلك تعاملنا مع الموازنة التي قيل عنها الكثير وهي ليست متوازنة خصوصاً أنّ 60 % من الشركات والمؤسسات تتهرب من الضرائب».

النائب فيصل كرامي دعا «إلى عدم مقايضة الدم وتصنيفه ووضع الخلافات السياسية الداخلية في مكانها الصحيح والتركيز على الوحدة الوطنية التي تجمع كل اللبنانيين من الجنوب إلى الشمال، وطالب الرئيس ميقاتي بتخصيص مبلغ من الفائض لمعرض رشيد كرامي في طرابلس.

النائب مارك ضو تحدث عن انتفاضة 17 تشرين على الفساد وعلى المتهمين بجريمة المرفأ، داعياً إلى حوار حقيقي في مجلس النواب لتحديد أي لبنان نريد كما دعا لرد الموازنة باسم تكتل نواب «التغيير».

النائب عدنان طرابلسي وصف الموازنة بالهجينة. النائب بلال الحشيمي انتقد «من يتباكى ويدعي بتغيير الدستور بسبب الشغور بينما هو المتسبب بتعطيل انتخاب الرئيس وسبق وعطله أكثر من سنتين»، واصفاً الموازنة بأنها اقرب إلى الكلام الإنشائي.

النائبة بولا يعقوبيان رأت أنّ «ما افتتحت به جلسات الموازنة مثل مضبطة إتهام للمنظومة التي تعطل انتخاب الرئيس ربما بإنتظار الخماسية أو غير ذلك»، واتهمت المنظومة بتبادل الأدوار والتغطية على الصفقات والزبائنية. النائب جهاد الصمد وصف الموازنة بأنها أفضل الممكن في هذه الظروف التي نمر بها مسجلاً للحكومة ما قامت به في مواجهة العدوان الإسرائيلي وتعويض المواطنين في الجنوب.

النائب نبيل بدر اعتبر أنّه لا يمكن أن تلزم الدولة حماية حدودها والدفاع عنها لأي حزب مهما كان دور هذا الحزب المقاوم وقدرته التسليحية وتضحياته التي نقدر.

آخر المتحدثين في الفترة الصباحية كان النائب فراس حمدان الذي انتقد غياب الحكومة عن إعلان خطة الطوارئ منذ بداية العدوان على الجنوب. وقال إنّ كل نائب يصوت مع هذه الموازنة يكون فاسداً أو شريكاً لأنّها تشريع للفساد والهدر والاختلاس الذي تحدث عنه تقرير لديوان المحاسبة عن العام 2022 بسبب غياب قطع الحساب.

الجولة المسائية

استؤنفت الجلسة عند السادسة وكانت الكلمة الأولى للنائب علي حسن خليل الذي أكد أنّ العدو هو الذي فرض علينا الحرب والمقاومة، مشيراً إلى «أننا في حركة «أمل» حريصون على اتفاق الطائف والشراكة وحماية الشراكة ومعنيون باستكمال تطبيقه وتحقيق اللامركزية الإدارية الموسعة كما نص عليها وإعادة النظر بقانون الانتخاب وتشكيل مجلس الشيوخ ونريد انتخاب رئيس والتفاهم الشامل».

النائب حسين الحاج حسن استعرض أهداف العدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان ومصر والأردن وكل الدول العربية، مسجلاً جملة ملاحظات على الموازنة ومنها الكلام عن صفر عجز.

النائب غسان حاصباني أكد أولوية انتخاب الرئيس وعدم التطبيع مع التشريع بغياب الرئيس، معتبراً أنّ العراضات البهلوانية هي في بدعة تقديم الموازنة باقتراح قانون خلافاً للدستور. النائب طه ناجي طالب بإطلاق مشاريع خاصة بطرابلس لعودتها عروس البحر المتوسط.

النائب فؤاد مخزومي وصف الموازنة بأنها غير إصلاحية، متسائلاً عن خطة الطوارئ ودعم النازحين من اهلنا في الجنوب وعن البديل عن خطة صندوق النقد. النائب عبد الرحمن البزري رأى أنّه «يبدو أن راجح هو المسؤول عن الأزمة التي نعيشها»، منوها بأجواء الحوار التي يجب أن تستمر في مجلس النواب للوصول إلى الحلول، منتقداً التشوهات التي تتضمنها الموازنة.

النائب حيدر ناصر رأى أن لبنان يستحق منا التنازلات من أجل التفاهم على انتخاب رئيس وأن الدستور أعطى الأولوية لمناقشة الموازنة. النائب وليد البعريني أثار مطالب منطقة عكار ولا سيما مسألة الموقوفين في المحكمة العسكرية مهدداً بالتحرك الميداني إذا لم تحل هذه القضية.

النائب محمد خواجة تناول ما يحضر له العدو ضد لبنان من تهديد ووعيد خلال عدوانه على غزة، داعياً إلى تعزيز الوحدة الداخلية لمواجهة العدوان. النائب علي فياض تحدث عن الشهداء الشباب الذين يسقطون في الجنوب، معتبراً أنّ الحرب هي إختبار، مستغرباً انبراء رئيس حزب لبناني لدعوة الدولة لعدم التعويض على أهالي الشهداء والمتضررين من العدوان. وطالب النائب هادي أبو الحسن بضرورة أن تجد الحكومة حلاً لموضوع الأملاك البحرية.

مصدرنداء الوطن - أكرم حمدان
المادة السابقةموازنة 2024 وتعديلاتها منفصلة عن أي خطّة للتعافي والإصلاحات البنيوية
المقالة القادمةتجهيزات الطاقة المتجدّدة… قنابل موقوتة بعد إنتهاء صلاحيّتها