كلّما إرتفعت وتيرة الحديث عن الأزمة اللبنانية ووضع الدولة، يأتي الجواب دائماً “هيدا القطاع العام هالك الدني”… نعم قد يكون إدخال الموظفين عشوائياً إلى الدولة، هو الّذي أثقلها بأعباء كبيرة، إضافة إلى أن أغلب هؤلاء يتقاضون الأموال ولكن انتاجيتهم قليلة أو معدومة، وهو ما زاد الطيّن بلّة، لكن الحقيقة ما نحتاج اليه اليوم هو إعادة هيكلة القطاع المذكور، فكيف ذلك؟!.
إعادة هيكلة القطاع العام باتت حاجة ملحّة، ولكن هذا لا يعني أننا نقصد فقط موظفي الدولة، فهم لم يعودوا يشكّلون عبئاً كبيراً أو كلفة كبيرة. هذا ما تؤكده مصادر مطلعة، عبر “النشرة”، لافتة إلى أنه “بإعادة الهيكلة نقصد تشغيل مؤسسات الدولة بالشراكة مع القطاع الخاص، ما يعني تلزيم خدمات الدولة للخاص، عبر الشراكة بين القطاعين المذكورين دون خصخصة”.
وتضيف المصادر: “يجب البحث أيضاً عن قضية بنية مؤسسات الدولة، بتقرير للجنة المال والموازنة صدر في السنوات السابقة، حيث ذُكر أن هناك أكثر من 90 ألف مؤسسة غير مجدية… فلماذا لا يتمّ إقفالهم”.
“موظفو القطاع العام لا يتعدّى عددهم 13 إلى 14 ألفاً، أما البقيّة فهم من المتعاقدين”. هنا تشير المصادر إلى أنه “يجب أن يُصار إما إلى تثبيت هؤلاء أو الاستغناء عن خدماتهم، إذا تبيّن أن لا جدوى من بقائهم أو لا حاجة لهم”، لافتةً إلى وجود أكثر من 300 إلى 350 الفاً ييتقاضون رواتب من الوزارات ومن الدولة، والذين نجحوا بامتحانات الخدمة المدنيّة هم حوالي 13 الفاً”، موضحة أن “هناك إشكالية كبرى تكمن في القطاع التربوي والوزارات الخدماتية”، أكثر من ذلك تكشف المصادر “عن وجود أشخاص لزوم ما لا يلزم في الدولة وظيفتهم هي تحت عنوان “حكواتي” مهمته قراءة الروايات والقصص للمساجين… فهل يجوز ذلك”؟.
وتشدّد المصادر على أن “الكلفة هي أقلّ من مليار دولار، بما معناه أننا لم نعد بنفس عمق الاشكالية، من هذا المنطلق يجب إزالة الشوائب بالقطاع العام، وبعدها نعود إلى قضيّة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومن هنا يُمكن إعادة بناء وتطوير وربّما تأهيل من يلزم، وبالتالي البدء بمعالجة الأزمة التي نمرّ بها”.
لا يُمكن إعتبار قصّة معالجة إشكالية القطاع العام سهلة، فحتى ولو نظرنا إليها من زاوية علميّة أو تقنيّة تفضي إلى إبقاء ما نحتاجه من موظفين منتجين وإخراج من ما لانحتاجه، الا أن الحقيقة أن القطاع العام هو باب خدماتي لأحزاب معروفة حكمت البلد بواسطته منذ أكثر من ثلاثين عاماً… فهل سيقبل هؤلاء بالتخلّي عن الاداة، التي كانت تعتبر “سلاحاً” لكسب الاصوات وجني الأموال الطائلة طيلة الفترة السابقة، وكانت عاملاً أساسياً كرّسه زعماء الحرب اللبنانية على عرش دولة دمّروها كلياً بسبب تلك السياسات، وحتى اليوم يرفضون التخلّي عنها ولو مُزّق البلد أشلاء!.