بدأ العد العكسي لمهلة تسليم شركة Total-Energies تقريرها المتعلق بنتائج الحفر في البلوك رقم 9 للدولة اللبنانية، ممثلة بوزارة الطاقة. فعملية الحفر في البلوك المذكور توقفت في منتصف شهر تشرين الأول من العام 2023. وعليه، تنتهي مهلة ستة أشهر المخصصة لرفع الشركة تقريرها منتصف شهر نيسان المقبل.
ولأن المدة شارفت على نهايتها، وبناء على عوامل عديدة، تطرح علامات استفهام حول أداء الشركة الفرنسية وتعاملها مع ملف التنقيب. ولذا، أرسلت وزارة الطاقة كتاباً إلى توتال تطالبها فيه بضرورة تسليم التقريرخلال أسبوعين.
التقرير ملك الدولة
مهما تأخرت شركة توتال في تسليم التقرير الناتج عن عملية الحفر في موقع “قانا” ضمن البلوك رقم 9، إلا أنها مضطرة في نهاية الأمر أن تسلمه. فهو ملك للدولة اللبنانية قانوناً. وتقول ديانا القيسي، الخبيرة في مجال حوكمة الطاقة والمديرة التنفيذية للمبادرة اللبنانية للنفط والغاز LOGI، إن البيانات (التقرير) التي خرجت بها شركة توتال من تنقيبها في البلوك 9 هي بحسب الأصول والعقود المبرمة ملك لبنان. ولا شك أنه سيحصل عليها عاجلاً أم آجلاً. ولكن التأجيل المستمر من قبل توتال غير واضح الأسباب وغير مبرّر، خصوصاً أن الشركة تبرر تأجيل تسليم التقرير بحجج ضعيفة جداً. ما يطرح علامات استفهام. وتختصر القيسي بالقول: مهما ماطلت الشركة، فإنها مُلزمة في نهاية المطاف أن تقدم التقرير ضمن المهلة القانونية.
مع الإشارة إلى أنه كان مقرراً أن يتجه وفد من هيئة إدارة قطاع البترول منذ يومين، أي في 26 آذار، إلى باريس لتسلم التقرير من الشركة ومناقشته معها. غير أن الأخيرة أرجأت الزيارة من دون أي تبريرات. وهو ما استدعى من وزارة الطاقة مراسلتها بكتاب رسمي للمطالبة بحق بديهي بالحصول على بيانات الحفر.
بين البلوك 9 و4
الملفت للنظر في مسألة مماطلة شركة توتال في تسليم التقرير للبنان هو أن الشركة تناولت الموضوع باستخفاف كبير، حتى أنها لم تصدر بياناً صحافياً واحداً. كما لم تحضر أي من الاجتماعات المتتالية التي خصصت للبحث بعمليات التنقيب في المياه اللبنانية، بالرغم من دعوتها والطلب إليها من قبل مجلس النواب حضور اجتماع لجنة الأشغال والطاقة النيابية، لكنها لم تحضر. وتستغرب القيسي في حديثها إلى “المدن” الاختلاف الواضح في تعاطي شركة توتال مع البلوك 4 بالمقارنة مع تعاطيها بالبلوك رقم 9.
هذا التفاوت في تعامل شركة توتال بين ملفي التنقيب في البلوك 4 أو البلوك رقم 9 إنما يدفع إلى الواجهة ربط الملف بالسياسة، واحتمال دخول الشركة على خط ممارسة الضغوط على لبنان، في إطار ملف الحرب بين لبنان واسرائيل وعموم المنطقة.
أهمية التقرير
التقرير مهم جداً بالنسبة للبنان. فهو يفسر لنا بشكل دقيق ما الذي يحصل في قاع البحر، على ما تقول القيسي، ويعطي صورة ثلاثية الأبعاد تعكس حقيقة الواقع والتربة على عمق 3900 متر ما دون قاع البحر، كما أنه من المفترض أن يفسّر لنا التقرير كيف يكون تكوين الخزان reservoir. ففي الرقعة رقم 9 تم التوصل إلى خزان. والحال لم يكن مشابهاً للرقعة رقم 4 حيث لم يتم التوصل إلى خزان، بصرف النظر أن الخزان في البلوك رقم 9 لم يكن يحتوي على الغاز. وتقول القيسي أن من شأن التقرير والبيانات الواردة فيه أن تصوّب مسار التنقيب التالي، خصوصاً أن لبنان فتح جولة تراخيص ثالثة.
من جهته، يؤكد مصدر مسؤول في وزارة الطاقة بأن الدولة اللبنانية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام مماطلة شركة توتال، بصرف النظر عن الأسباب غير الواضحة، “فالتقرير مهم جداً بالنسبة إلينا والمعلومات الحيوية الواردة فيه هي ملك لبنان، ولا يمكن التعامل معها بهذا لإستخفاف”. ويتحفظ المصدر عن ذكر الإجراء الذي يمكن أن تلجأ إليه الدولة فيما لو انتهت المهلة دون تقديم الشركة تقريرها. واكتفى بالقول “لن ننتظر إلى اليوم الأخير من المهلة”.
وذكّر المصدر بأن تأجيل موعد تسليم التقرير من قبل شركة توتال ليس الأول. فقد سبقه مرات عدة كانت الشركة قد وعدت فيها بتسليم التقرير نهاية شهر شباط الفائت. وهو ما لم يحصل. ثم ضربت موعداً آخر في النصف الأول من شهر آذار الحالي، كذلك لم يحصل. ثم تم الاتفاق على الاجتماع مع الشركة في النصف الثاني من هذا الشهر. لكن الشركة ألغت الموعد من دون تبرير الأسباب أو تحديد موعد جديد.