لم تترك الأزمة الاقتصادية شيئاً إلا وطالته كيف لو كان الأمر متعلق بالسياحة التي تٌعتبر الرافعة الأساسية للإقتصاد لما تدخله من عملات صعبة لبنان بأمس الحاجة لها .
في كلّ دول العالم، يحقّ لغير المقيمين استرداد الضريبة على القيمة المضافة، وهذه الخدمة تطبّق على اللبنانيين المغتربين، أو السيّاح الأجانب، وهذه الآليّة، كانت متوافرة منذ أكثر من 20 سنة.
قبل حوالى السنة، توقّفت هذه الخدمة بسبب الاضطرابات الماليّة والنقديّة. فقد أوقفت مؤسسة استرداد ضريبة القيمة المضافة Global blue عملها في لبنان نتيجة الأزمة المالية و ما نتج منها من عدم استقرار سعر الصرف.
تُعدّ امكانية استرداد الضريبة على القيمة المضافة خطوة تحفيزية للسياح لشراء السلع الفاخرة من البلد الذي يقصدونه، وهذه الخطوة تُعتمد في غالبية دول العالم ومن المؤكد ان توقف هذه الخدمة في لبنان أدى الى إحجام السياح عن التسوق من لبنان خلال رحلاتهم وخصوصاً انّ حسم الضريبة على القيمة المضافة والمحدّدة بـ11% يشكّل مبلغاً لا بأس به من الفاتورة.
وقد أضرّ غيابها القطاع التجاري لأنّه اظهر وكأنّ اسعار السلع فيه أغلى لدى مقارنتها ببقية البلدان، الامر الذي حرمه الاستفادة من الطفرة السياحية التي شهدها لبنان مؤخّراً بسبب تفضيل السياح التبضّع من بلدان تقدّم خدمات استرداد الضرائب.
مدير شركة في لبنان جو يعقوب كشف أن مؤسسة Global blue ستعاود عملها في لبنان و ستصبح خدمة استرداد الضريبة على القيمة المضافة قيد التنفيذ في شهر حزيران المقبل .
وقال في حديثه للديار : منذ سنة بدأت المناقشة مع وزارة المالية بعد أن أيقنا أننا لا يمكننا الاستمرار إذ كنا ندفع للسياح ثم نقبض من الدولة بالليرة اللبنانية في ظل أزمة المصارف الموجودة وتكبدت الشركة خسائر كبيرة مما اضطرت الى التوقف .
وتابع يعقوب بدأ وزير السياحة وليد نصار بالخطوة وتشاورنا مع التجار وتواصلنا مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي أبدى تجاوباً لإيجاد حل قانوني وشفاف مشيراً أن هذا الحل يقضي بان الشركة تدفع إلى السائح وتقبض من التاجر بعدما كانت الالية المتبعة بأن الشركة تدفع للسائح ال tva التي كان يدفعها للمحال وكل ثلاثة أشهر نقدم تصريحاً للمالية التي بدورها تدفع لنا بعد حوالى شهرين او أكثر و بالليرة اللبنانية “وهذا الأمر كان مقبولاً قبل الأزمة حيث كانت المصارف تقوم بدورها وتقدم القروض لكن بعد توقف عمل المصارف منذ العام ٢٠١٩ أصبحنا ندفع من جيوبنا ألى العام ٢٠٢٣ لكن وصلنا إلى مرحلة لم نعد قادرين على الاستمرار فاقترحنا هذه الفكرة بأن ندفع للسائح ال tva وبدلاً من أن نقبض من الدولة نقدم تصريحاً للتاجر الذي يدفع لنا وبدوره يقدم تصريحاً للدولة دون أن يدفع لها ال tva “.
ولفت يعقوب إلى أن هذه الخدمة تشجع السياح على التسوق بعدما انخفض بشكل ملحوظ بعد توقف هذه الخدمة، حيث أصبح السياح الذين كانوا يقصدون لبنان للتسوق يذهبون إلى البلدان الأوروبية كالمصريين والأردنيين والعراقيين والسوريين المتمكنين واللبنانيين الذين يعملون في الدول العربية وفي كندا وفي دول أفريقيا .
وإذ أكد يعقوب ان هذه الخدمة تزيد من مبيعات التجار وتدخل العملة الصعبة إلى البلد وتٌعطي حافزاً للسائح بان يأتي إلى لبنان للتسوق ، كشف أن الخدمة ستصبح قيد التنفيذ في شهر حزيران المقبل بانتظار صدور القرار عن وزير المالية وموافقة مجلس شورى الدولة بعد أن كان قد تم إقرار المرسوم في مجلس الوزراء منذ حوالى ثلاثة أشهر.
وختم يعقوب بالقول: نحن شركة عالمية الشركة الأم في سويسرا ومن القلائل الذين لم يتركوا البلد ” وهذه رسالة من الشركة السويسرية بأن هناك أمل بعودة الحياة الى لبنان وهذا الأمل تٌرجم بهذا المشروع مع وزارة المال بالتضامن والتكافل مع التجار الكبار وجمعية تجار بيروت وغرفة التجارة والصناعة وبدعم من وزراء السياحة والاقتصاد والعدل والمال”.
بدوره أشار رئبس جمعية تجار بيروت نقولا شماس إلى أنّ غياب هذه الخدمة كان مكلفاً للاقتصاد اللبناني، إذ أصبح لبنان أغلى من الدول الأخرى بنسبة 11% (نسبة الضريبة)، ما ضرب الدورة التجاريّة والاقتصاديّة في البلد”، وبالأرقام شرح شماس أنّ “المغترب اللبناني الذي كان يتسوّق في لبنان، بالإضافة إلى 3 جنسيات عربية هي مصر، العراق، سورية، اشتروا من أوروبا بقيمة 208 ملايين يورو، كما أنّ المتسوّقين من 4 دول خليجية، هي السعودية، قطر، الإمارات، والكويت، اشتروا في العام 2023، بقيمة مليار و100 مليون يورو، بينما هذه الفئة من السيّاح كانوا يتسوّقون في لبنان. وهذه الأرقام هي فقط للنفقات التجارية، امّا النفقات السياحية فهي مضروبة بـ 5 أضعاف هذه الأرقام”.
ووفقاً لشماس على الرغم من أنّ الدولة لا تستفيد من آلية استرداد الضريبة على القيمة المضافة لغير المقيمين لأنها لا تخسر ولا تربح، إلّا انّ هذه الآليّة تشجّع المغتربين والسيّاح على المجيء إلى لبنان، وبالتالي، تدخل مداخيل أخرى إلى خزينة الدولة، إذ سترفع من نسبة الصرف السياحي في لبنان. “فالسيّاح سيصرفون في المطاعم، والفنادق، وسيستأجرون السيارات، والشقق المفروشة”
ومن جهة ثانية يشير شماس إلى الدولة ستستوفي الضريبة على الأرباح مما حققته المؤسسات التجارية من ربح في المواسم السياحية، نتيجة ارتفاع نسبة البيع، والأمر نفسه ينطبق على القطاعات السياحية لافتاً أنه عندما تزيد حركة البيع فالمؤسسات التجارية والسياحيّة ستوظف عدداً أكبر من المواطنين، وهذا ما يستولد المزيد من فرص العمل، ويرفع الأجور، وتالياً ترتفع ضريبة الدخل التي تجبيها الدولة،” كما أنّ لهذه الآليّة عامل تضاعف المعروف بالـ Multiplier effect، إذ ستبدأ القطاعات الاقتصاديّة بالتعافي الواحدة تلو الأخرى، مما ينشىء حلقة اقتصاديّة إيجابية Virtuous cycle، تعود بالمنفعة على المؤسسات والدولة”.
من جهته اعتبر رئيس نقابة أصحاب مكاتب السفر و السياحة جان عبود في حديث للديار أن عودة Global Blue إلى العمل في لبنان امراً مهماً جداً للاقتصاد والسياحة والتسوق ومحفز قوي لمجيء السياح للتسوق في لبنان سيما أن لبنان بلد تسوق بامتياز حيث يوجد لدينا كل البراندات.
واكد عبود انه من الأهمية بمكان أن تعود مؤسسة عالمية ك Global Blue معتبراً خروجها من الأسواق مؤشرا غير إيجابي للبلد منوهاً بكل من ساهم في عودة هذه المؤسسة والخدمة من قطاعات سياحية وتجارية وصناعية مؤكداً على أن إطلاق هذه الخدمة تزيد من نسبة الإنفاق في البلد وتساهم في انتعاش الحركة الاقتصادية.