في الوقت الذي يتهدد فيه لبنان بالحرب وتستمر المواجهات على الجبهة الجنوبية، يعود مجدداً التهديد بالعتمة، بعدما تعوّد اللبنانيون على عودة هذه المعادلة عند كل مفترق سياسي، قبل أن يكون أمنياً أو مالياً أو إقتصادياً يتعلق بتمويل شراء مادة الفيول لمؤسسة كهرباء لبنان. وأزمة العتمة “سياسية وليست علمية أو مالية “، وفق ما تكشف الخبيرة في شؤون الطاقة والمحامية كريستينا أبي حيدر لـ “الديار”، والتي تؤكد أنه “لطالما كان هذا التمويل بمثابة أزمة تطرأ بين الحين والآخر، وتتداخل فيها العوامل السياسية مع الإعتبارات المالية، في ضوء المعوقات التي تمنع تأمين السيولة اللازمة و صرف الأعتمادات في غياب أي قانون، سيما وأن موازنة العام الحالي، لم تلحظ أي عجز أو تسديد لمثل هذه الأموال، بالتزامن مع رفض أي تمويل لاي شحنة فيول من مصرف لبنان المركزي.
وعن اسباب التهديد بالعتمة، تقول إن “وزارة الطاقة والمياه تطالب مرة جديدة مصرف لبنان بتمويل الشحنة الجديدة من الفيول العراقي إلى كهرباء لبنان، وبقيد مبلغ بقيمة 164 مليون دولار على حساب المصرف المركزي العراقي لدى مصرف لبنان، بينما القيم المستحقة والمسجلة في حساب المصرف المركزي العراقي في مصرف لبنان لتغطية قيمة الفيول العراقي بلغت بتاريخ 26 حزيران 2024 مبلغ 531 مليون دولار”.
وتكشف عن “موقف عراقي استجد أخيراً”، موضحةً أن “مؤسسة كهرباء لبنان، تعتمد على مصدر واحد للفيول وهو الفيول العراقي، وكانت وزارة الطاقة بصدد إطلاق مناقصة لشراء الفيول لرفع مستوى الإنتاج، وهو ما دفع الحكومة العراقية، إلى المطالبة بتسديد الديون للدولة العراقية بعدما وجدت أن الدولة اللبنانية، قادرة على الدفع شراء الفيول”.
وعن الحلول، تشير إلى “تواصل ديبلوماسي ضروري مع الدولة العراقية، بالتوازي مع تأمين سلفة من مصرف لبنان المركزي وذلك من خلال آلية قانونية يطرحها الحاكم بالإنابة وسيم منصوري، وذلك مع العلم أن مؤسسة كهرباء لبنان، أصبحت تجبي الفواتير بالدولار و بالليرة، ولكن بالمقابل، فإن كهرباء لبنان مدينة وتخصص كل أموال الجباية بالدولار لدفع ديون مقدمي الخدمات والشركات المشغلة للمعامل وهي شركات خاصة، وبالتالي فإن دين الشركة هو حوالى 300 مليون دولار هي عبارة عن فواتير جباية مكسورة من مقدمي الخدمات”.
وفي هذا السياق، تذكر أبي حيدر باستحقاق آخر ينتظر هذا القطاع، وهو أن “عقد مقدمي الخدمات ينتهي في أيلول المقبل، ولكن إلى اليوم من غير الواضح ما سيحصل لأنه لم يتم إطلاق أي مناقصة، حيث من المعلوم أن أي مناقصة ستحصل يجب أن تتمّ عبر قانون الشراء العام، ولكن حتى الساعة لم يبدأ العمل على تحضير دفتر الشروط الذي يستغرق وقتاً، وليس هناك أي مؤشرات على إطلاق أي مناقصة، حيث أن كل شيء يدل على أنه في أيلول سيتم التجديد للشركات ذاتها أي مقدمي الخدمات، من خلال وضع الجميع تحت الأمر الواقع، من أجل تسيير المرفق العام خصوصاً وأن مؤسسة كهرباء لبنان عاجزة عن ذلك، وبالتالي، وتحت عنوان تسيير المرفق العام ستواصل الشركات الحالية العمل بعد التمديد لها، وإن كان الجميع يعرف الطريقة التي وصلت فيها هذه الشركات إلى هذه المرحلة، وهو ما يطرح اليوم علامة استفهام كبيرة حول الموضوع”.