يكفي لأي مواطن لبناني أن يُراقب أساليب تعاطي التيار الوطني الحرّ في الملفات المتعلقة بالطاقة والمياه، ليتأكد أن التيار البرتقالي يتسبب في كل مرة بأزمات وفضائح لا يمكن تجاهلها، نتيجة الخلافات الداخلية وتصفية الحسابات والكيديات السياسية.
فأزمة الكهرباء الأخيرة نتج عنها انقطاع تام للتيار الكهربائي عن كافة الأراضي اللبنانيّة، بما فيها المرافق الحيوية والوزارات الرسمية والمشافي الحكومية وقصور العدل.
داخل قصر عدل بيروت، يسيطر الظلام. هذا ليس تفصيلًا، فأزمة الكهرباء لم تُحلّ بعد، وخلال الأيام الماضية، ومع بدء التحقيقات القضائية في ملف الكهرباء، توفّر التيار الكهربائي لأيام قليلة، وانقطع فجأة.
استجواب أعضاء الإدارة
داخل النيابة العامة التمييزية، تتوسع التحقيقات حول أزمة الكهرباء الأخيرة، بهدف معرفة الأسباب الرئيسية التي منعت مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان من عقد اجتماع طارئ في ظل غياب رئيس مجلس إدارة مؤسسة كهرباء، كمال الحايك، خصوصًا بعد الحصول على موافقة من مجلس الوزراء حول شراء كميات من مادة الفيول العراقي.
وكان لافتًا انقطاع التيار الكهربائي عن مبنى العدلية خلال جلسة استجواب المدعي العام التمييزي، القاضي جمال الحجار، لأعضاء مجلس إدارة كهرباء لبنان، ما دفع بالحجار إلى استكمال الجلسة في الظلام.
تابع القاضي الحجار تحقيقاته في هذا الملف اليوم الثلاثاء، 27 آب، وذلك نتيجة الكتاب الرسمي لرئيس مجلس الوزراء، نجيب ميقاتي، الذي حوّله للنيابة العامة التمييزية مطالبًا بفتح تحقيق قضائي موسّع ومُلاحقة كل من تسبّب بأزمة انقطاع التيار الكهربائي عن كافة الأراضي اللبنانية نتيجة انقطاع مادة الفيول، مُتهمًا مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان بالاهمال.
عند العاشرة صباحًا، حضر أعضاء مجلس إدارة كهرباء لبنان إلى قصر عدل بيروت، لحضور جلسات استجوابهم، وهم طارق عبد الله، سامر سليم، كريم سابا. كما استمع الحجار إلى مفوض الحكومة أحمد الموسوي. وأيضًا، استمع للمرة الثانية للمهندس كمال الحايك، رئيس مجلس الإدارة في مؤسسة كهرباء لبنان.
وحسب معلومات “المدن”، فقد استمرت جلسة استجواب الحايك حوالى الساعتين، وغادر النيابة العامة التمييزية من دون أن يتخذ أي إجراء قضائي بحقه وتُرك الجميع رهن التحقيق.
وثائق رسمية وأدلة
في السياق هذا، أكدت مصادر قضائية لـ”المدن” أن الحجار توجه نحو السرايا الحكومي منذ أيام، واستمع لرئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، بهدف تجميع معطيات إضافية، وحصل على مجموعة من المستندات المتعلقة بهذه القضية، وهو في صدد الإطلاع عليها لاتخاذ القرار المناسب.
ووفقًا للمصادر القضائية فإن أعضاء مجلس إدارة كهرباء لبنان قدموا العديد من المستندات الرسمية والوثائق، تهدف لإبعاد شُبهة المسؤولية عنهم.
وبالتدقيق في كتاب ميقاتي، فإنه يشير إلى أن مجلس إدارة كهرباء لبنان هي المسؤولة عن فضيحة انقطاع التيار الكهربائي عن كافة الأراضي اللبنانيّة، بسبب عدم عقد أي جلسة طارئة لمعالجة هذه الأزمة، أو لتدارك المشكلة في ظل غياب الحايك، الذي كان يقضي إجازته في اليونان من دون أن يفوض أي أحد من أعضاء المجلس صلاحية التوقيع المالي، كما أنه لم يتواصل مع أي أحد من أعضاء مجلس الإدارة. لكن، بعد انقطاع التيار الكهربائي عن كافة الأراضي اللبناني، جمّد الحايك إجازته، وعاد إلى لبنان لعقد اجتماعٍ طارئ!
كيديات سياسيّة؟
من جهة أخرى، يجرى التداول ببعض المعلومات التي تشير إلى تدخل التيار الوطني الحر بشكل مباشر في هذا الأمر، فخلال تواجد الحايك خارج الأراضي اللبنانيّة، كان مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان يتجهز لعقد اجتماع طارئ، وطُلب من كمال سابا، وهو عضو مجلس الإدارة عدم حضور اجتماع مجلس الإدارة وذلك لتطيير نصاب الجلسة.
وحسب مصادر “المدن”، فقد حضر سابا إلى قصر العدل لشرح أسباب تمنعه عن حضور الاجتماع، متمسكًا بمعذرة طبية، تفيد بأن كان مريضًا وصحته متدهورة في ذاك اليوم بالتحديد، فلم يحضر الاجتماع، وفُقد النصاب.
وحسب المصادر القضائية فإن الحجار سيتابع جلسات الاستجواب خلال الأيام المقبلة، وبناءً على المعطيات المتوفرة لديه، سيقوم بالادعاء على كل من تسبّب بهذه الأزمة.
إذن، يبقى التعويل الأساسي على الحجار الذي من المفترض أن يحدد المسؤوليات والاتهامات. وهو افتراض قد يطول تحقّقه، وفقاً لتجارب اللبنانيين مع القضاء.