مع احتدام الحرب المستعرة بين إسرائيل و”حزب الله” وتوسّع جغرافيّتها بأعنف الغارات والضربات الصاروخية حماوةً منذ بدء العدوان الإسرائيلي إلى اليوم، يتابع المراقبون بدقّة مسار الأخير على وقع التصريحات المتشنّجة من الطرفين، ما يشي إليهم باحتمال التصويب في اتجاه منصّات الغاز والنفط الواقعة على المياه الإقليمية الإسرائيلية، خصوصاً بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي في نهاية أيلول الفائت اعتراضه طائرة مسيّرة فوق المياه الاقتصادية الخالصة التابعة لإسرائيل في البحر المتوسط… حيث ذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن التقديرات تشير إلى أن “حزب الله” حاول مهاجمة منصّة غاز في “حقل كاريش” القريب من حدود المنطقة البحرية اللبنانية.
أعقب هذه الحادثة، تصريح وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، وصف فيه اتفاق الغاز الموقّع مع لبنان قبل نحو عامين بـ “الفاضح”، مؤكداً أنه يبحث عن “ثغرة لإلغائه”. ويشير هنا إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل والذي وقّعه البلدان في عهد الحكومة الإسرائيلية التي تناوب على رئاستها نفتالي بينيت ويائير لابيد نهاية عام 2022، وعارضه نتنياهو في ذلك الوقت إذ سبق وصرّح منذ عامين أنه سيلغي صفقة الغاز. كما نقلت منصّة إعلامية إسرائيلية أن نتنياهو أمَرَ بإلغاء “اتفاقية الغاز” مع لبنان.
تصريح كوهين يحمل إلى السؤال عن أحقيّة الجانب الإسرائيلي بإعادة النظر في اتفاق الترسيم البحري مع لبنان من الوجهة القانونية خصوصاً أنه موقّع من الجانبين بإشراف الأمم المتحدة؟
الخبير والمستشار في الشؤون النفطية ربيع ياغي يُجيب عبر “المركزية” بالقول: عندما تقضم إسرائيل مساحات من البَرّ اللبناني ستقضم تلقائياً مساحات من مياهه الإقليمية… أمامنا عدوّ أرعَن لا يُقرّ بالقوانين والاتفاقات والأعراف الدولية ولا بالحدود المُعترَف بها دولياً… فالاتفاق الرقم 1701 لم يعملوا على تطبيقه حتى الآن!
“يجب أن نكون واقعيين” يتابع ياغي “مَن يحاول أن يقضم البَرّ سيحاول قضم البحر، وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين تمهّد للتقدّم بحراً من شمال حقل “كاريش” في اتجاه البلوكات الرقم 8 و9 و10 الواقعة في المياه اللبنانية…”.
وهنا يطرح علامة استفهام حول “سبب عدم استهداف أيّ من منصّات الغاز الإسرائيلية حتى اليوم، إن كانت “كاريش” أو “تانين” أو ليفياتان”… وعندما حصلت محاولة لاستهداف أحدها تم التصدّي لها!”.
ويعتبر أن “لبنان بلد ضعيف ومستَضعَف وذاع صيته طوال السنوات الستّ الأخيرة بالفساد والانهيار النقدي والاقتصادي والإفلاس المصرفي… إنه لقمة سائغة عند عدوّ متربّص لديه أطماعاً بمياهنا وأراضينا وثرواتنا الطبيعية، إذ لا يمكن الفصل بين الأطماع البريّة عن الأطماع البحريّة، إنها رزمة متكاملة بالنسبة إلى العدو الإسرائيلي، أما بالنسبة إلى لبنان فـ”لا حولَ ولا قوّة”… يقف مستقبلاً ومودّعاً ويُطلق مواقف “رفع عتب”.
أما عن مجموعة “توتال إنرجي” وما إذا كانت تترقب حلول السلام او اتفاق هدنة، فيقول ياغي: “توتال” لم تكن سوى ذراع لإسرائيل، حيث كانت تحفر بئراً لتعلن لاحقاً أن لا وجود لثروة غازية في لبنان. فهي كانت تتآمر على لبنان منذ العام 2018 بالتنسيق مع إسرائيل… وما أن اندلعت حرب غزة في 7 تشرين الأول، حتى سارعت إلى توضيب آلاتها ومعداتها وسفينة الحفر التي استأجرتها… وعادت إلى بلادها!
…”لبنان في حالة انهيار على كل المستويات… وكل ما يُحكى ليس إلا لرفع المعنويات لا أكثر!” يختم ياغي.