من جديد، تعود إلى الواجهة برامج المساعدات والمنح إلى لبنان، وهذه المرة، من باب العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية. ولطالما كانت باريس حاضرة لاستقطاب المجتمع الدولي لمواجهة تأثيرات الحرب ضد لبنان، والتي دخلت عامها الثاني بدءاً من 8 تشرين الأول وشهرها الثاني بعد توسّعها في أيلول الفائت.
هذه “المساندة المالية “من قبل المجتمع الدولي ليست الأولى، فعلى مر تاريخ لبنان وتحديداً منذ العام 1990، شكلت الأزمات بأنواعها واختلاف أحجامها، العنوان الرئيسي للمساعدات التي يتلقاها لبنان، لكن هذه المساعدات وبعيداً عن سياقها السياسي والاقتصادي، أدت وإن بطريقة غير مباشرة لجعل البلاد تفتقر إلى دعائم اقتصادية من شأنها أن تساند اللبنانيين بشكل أكثر استقلالية.
تاريخ طويل من المساعدات
في الرابع والعشرين من تشرين الأول 2024، عقد مؤتمر باريس لمساعدة لبنان، وتمكن من جمع ما يقارب من 800 مليون دولار لتخفيف الأزمة الانسانية ومساعدة النازحين، إضافة إلى نحو 200 مليون دولار دعم الجيش اللبناني، أي ما يقارب من مليار دولار وفق ما أعلنت الخارجية الفرنسية. ومنذ بدء العدوان المباشر الإسرائيلي على لبنان في أيلول الماضي، بدأت عدة دول خليجية بإرسال ملايين الأطنان من المساعدات الإغاثية، والطبية والغذائية إلى النازحين.
وبمقارنة أرقام مؤتمر باريس 2024، مع المساعدات التي تلقاها لبنان خلال الحروب السابقة، تتضح هزالة الدعم هذا العام وعمق الأزمة الإنسانية التي يواجهها لبنان. ففي العام 2006، وصلت قيمة المساعدات الإنسانية حينها إلى 280 مليون دولار.
في العام 2006، وبعد إنتهاء “حرب تموز” عُقد أيضاً مؤتمر دولي لإعادة إعمار لبنان، إذ أدت حرب تموز حينها إلى إجمالي خسائر قُدر بأكثر من ثلاثة مليارات دولار، وانتهى المؤتمر بتعهدات مالية تقدر بنحو 2.1 مليار دولار، و1.3 مليار دولار لضخها على شكل مشاريع، فيما وصلت حينها قيمة المساعدات الإنسانية إلى 280 مليون دولار.
مساعدات منح… وإصلاحات
تاريخياً، شكلت المساعدات أساساً لدعم لبنان. وكانت الدول الغربية والعربية حاضرة لتقديم الأموال إن بشكل مباشر كتقديم مساعدات مالية وهبات، أو بشكل غير مباشر على شكل مشاريع.
في العام 1993، حصل لبنان على نحو 2.9 مليار دولار، وتوالت بعدها المساعدات، في العام 1996، انعقد “مؤتمر أصدقاء لبنان” في واشنطن، وقدم أكثر من 3.2 مليارات، ومن ثم في العام 2002 تعهد “مؤتمر باريس 2” بتقديم 4.5 مليار دولار.
في العام 2007، ولمواجهة تأثيرات العدوان الإسرائيلي على لبنان في العام 2006، وتأثيرات الوضع السياسي، انعقد “مؤتمر باريس 3″، والذي تعهد بتقديم 7.6 مليارات دولار. بعد سنوات، وفي العام 2018، ومن أجل حث الحكومة على القيام بإصلاحات، تعهد المانحون في مؤتمر “سيدر” بتقديم 11 مليار دولار، لكن لبنان لم يحصل على الأموال، نتيجة عدم التزامه بتنفيذ الإصلاحات.
بعد انهيار الاقتصاد اللبناني في العام 2019، وما تلاه من انفجار للمرفأ، سعت باريس أيضاً إلى مساندة لبنان، حيث تعهدت من خلال مؤتمر دولي بجمع نحو 370 مليون دولار وتقديمها لمساندة اللبنانيين لمواجهة تبعات انفجار المرفأ.
وهكذا، ارتبط تاريخ لبنان الحديث بالمنح والمساعدات، ولم يكن هناك أي خطط داخلية من قبل القيميين على إدارة الدولة اللبنانية لاستغلال هذه المساعدات في تكوين اقتصاد قوي قادر على مواجهة الأزمات. لذا وفي كل مرة يتعرض لبنان لأزمة سياسية، اقتصادية أو عسكرية، تسعى الحكومات لطلب المساعدة من الخارج علها تستطيع إنقاذ ما يمكن إنقاذه.