سعر البيض يتراجع 45%

تغطي مزارع إنتاج البيض في لبنان كامل الاستهلاك المحلي، من دون حاجة الى الاستيراد نهائياً. فتنتج 3000 مزرعة حوالي 400 مليون بيضة سنوياً. وفي ظل الحرب الصهيونية على لبنان، وعلى الرغم من خروج منطقة الجنوب، حيث الاعتداءات اليومية، من دائرة الإنتاج، إلا أن العرض في السوق لا يزال أعلى من الطلب. والسبب، إسقاط المزارعين للحرب من خطط الإنتاج، وتعويلهم على وجود 6.5 ملايين شخص في لبنان، فضلاً عن مواسم الأعياد التي يرتفع الاستهلاك خلالها. لذا، وبدل ارتفاع الاسعار، انخفض سعر كرتونة البيض، ولامس 2.75 دولاراً

ألقت الحرب الصهيونية على لبنان بظلالها على قطاع إنتاج البيض، إذ تأثرت سلاسل الإمداد، وتوقفت حركة النقل مرحلياً في بداية الحرب، ما أدّى إلى تراكم الإنتاج وتراجع الأسعار. بمعنى آخر، زاد العرض وبقي الطلب على حاله، فوصل سعر «كرتونة البيض» إلى 2.75 دولار، بتراجع بلغ 45%، بعدما كانت تسلّم بـ4 دولارات لنقاط البيع قبل الحرب.
بحسب عدد من منتجي الدجاج والبيض، فإن الكساد ضرب إنتاج «بيض المائدة». وذلك يعود إلى بُعد المزارع الجغرافي عن المدن الرئيسية حيث الثقل السكاني الاستهلاكي، إذ تقع غالبيتها في البقاع. فمع بداية الاعتداءات الصهيونية، أقفلت مزارع الجنوب ولا سيما في المناطق التي تتعرض للقصف واستهدافها بشكل مباشر من الكيان الصهيوني، فيما لم يبلغ عن استهداف مباشر لمزارع البقاع، إلا أن أصحاب الشاحنات امتنعوا عن نقل الكميات من مزارع البقاع إلى المدن خوفاً من التعرّض للقصف، ما وجّه ضربة كبيرة لسلسلة التوريد الداخلية وأدّى إلى تراكم البيض المنتج يومياً في المزارع. كذلك استهدفت المزارع في الجنوب.

وفي مواجهة مخاطر التلف، عَمَد المزارعون إلى خفض سعر البيض تحت سعر الكلفة. فقد انخفض سعر «كرتونة بيض المائدة» (30 بيضة)، من 5 دولارات إلى 2.75 دولار، بحسب تاجر البيض خليل قبيسي. قبل بداية الحرب، بلغ أعلى سعر لـ«الكرتونة» نحو 6.7 دولارات لدى تاجر الجملة للنوعية الأعلى بوزن 3 كيلوغرامات للكرتونة، وفقاً لقبيسي. أما اليوم، يُراوح سعر «الكرتونة» بين 2.8 دولار للبيض ذو الحجم الصغير، و5 دولارات للبيض ذو الحجم الكبير.
ويشير رئيس النقابة اللبنانية للدواجن وليم بطرس إلى عاملين أسهما في استقرار السعر على ما هو عليه الآن: «حركة النزوح وانتقال السكان من مناطق إلى أخرى، وإقفال عدد كبير من السوبرماركت ونقاط البيع في المناطق التي تتعرّض للاعتداءات». ورغم ذلك، كان «الطلب في السوق جيّداً مقارنة بالوضع العام، خاصة في المناطق التي تشهد كثافة النازحين، مثل بيروت. مقابل انعدام الطلب في المناطق التي تتعرض للاعتداءات، مثل الضاحية الجنوبية» يقول قبيسي. غير أن الطلب الإضافي في مناطق استضافة النازحين لا يعوّض استهلاك الضاحية من الأسر «ومن مصانع الحلويات والمطاعم والأفران التي كانت تحجز حصتها من البيض قبل أسابيع من موعد التسليم وتشتري بالصناديق».

في المحصّلة، ما زال إنتاج البيض من البقاع «يكفي السوق المحلية ويزيد» وفقاً لبطرس، ويلفت إلى أنّ «تخطيط المزارعين للإنتاج كان على أساس وجود 6 ملايين نسمة في لبنان، فضلاً عن مواسم الأعياد التي تسهم في زيادة الطلب على المواد الغذائية».

ويعدّ إنتاج البيض في لبنان من القطاعات القليلة التي تكفي السوق المحلية بلا استيراد، أقلّه على مستوى إنتاج «بيض المائدة». وتقدّر دراسة صادرة عن كلية الزراعة في الجامعة اللبنانية، أن في لبنان نحو 2000 مزرعة. ويعتقد بطرس أن هناك صعوبة في الإحصاء، إذ إن عدد المزارع «الصغيرة» التي تربي أقل من 300 طير، كبير وهو قابل للتغيّر باستمرار، بينما عدد المزارع الكبيرة التي تربي أكثر من 10 آلاف طير قليل جداً. وبشكل عام، ينتج في لبنان نحو 3 آلاف صندوق بيض يومياً (كل صندوق يحتوي على 12 كرتونة)، أي 36 ألف «كرتونة بيض» أو ما يوازي مليوناً و80 ألف بيضة. ويصل الإنتاج السنوي إلى 13 مليوناً و140 ألف كرتونة بقيمة 40 مليون دولار. وتستهلك السوق المحلية القسم الأكبر من هذا الإنتاج ويصدّر الباقي. وبحسب أرقام الجمارك، صدّر لبنان نحو 20 طناً من البيض في عام 2023، ذهب 19 طناً منها إلى قطر، واستخدمت الكمية المتبقية لتموين السفن على المرافئ. فيما اقتصر الاستيراد على أنواع محدّدة من البيض المخصص للتفريخ، بغية زيادة أعداد «الدجاج البيّاض» في المزارع، أي الدجاج المخصص لإنتاج البيض.

إنتاج البيض VS صناعة الفروج
يختلف الدجاج المخصّص للأكل، أو لـ«صناعة الفروج» عن «الدجاج البياض»، أو المخصّص لوضع البيض. بحسب سمير عاشور صاحب مزارع دجاج، فإن «الدجاج المخصّص للأكل، يعرف باسم البرويلر وهو نوع مهجن وينمو بسرعة حتى يصل وزنه إلى 2.5 كيلوغرام خلال 40 يوماً». أما «الدجاج البيّاض» فتتم تربيته على مراحل. أولاً، يشتري المزارع «الجدّات» المخصّصة لإنتاج صيصان تتم تربيتها على مدى 120 يوماً لتصبح «دجاجاً بيّاضاً». وتبلغ كلفة كل دجاجة بياضة قبل أن تبدأ بالإنتاج، نحو 8 دولارات، بينما تكلّف الدجاجة المخصّصة لتتحول إلى فروج 3 دولارات.

66 بيضة معدّل استهلاك الفرد
يبلغ معدّل الاستهلاك الوسطي من البيض لكل فرد في لبنان اللبناني نحو 66 بيضة سنوياً، بينما المعدّل العالمي هو 180 بيضة للفرد. ويعدّ الرقم اللبناني من الأرقام المتدنية عالمياً. مثلاً، تحتل مقاطعة هونغ كونغ الصينية المركز الأول عالمياً بمعدّل 518 بيضة سنوياً لكل مواطن فيها، وبعدها تأتي المكسيك بمعدّل 428 بيضة سنوياً. ويظهر الإحجام اللبناني عن استهلاك البيض في المقارنة مع سوريا حيث يصل المعدّل الفردي إلى 144 بيضة سنوياً، علماً أنّ النظامين الغذائيين في لبنان وسوريا متشابهان، إن لم يكونا متطابقين. وتعيد منظمة الأغذية العالمية «الفاو» ارتفاع استهلاك البيض في عدد من الدول حول العالم إلى تدنّي سعره. فالبيض هو مصدر أساسي للبروتين، وعادةً الأطعمة الغنية بالبروتينات أغلى ثمناً من غيرها، مثل اللحوم. بينما البيض أرخص من كلّ أنواع اللحوم.

مصدرجريدة الأخبار - فؤاد بزي
المادة السابقةالسيّد يسأل عن مصير الطحين العراقي
المقالة القادمة35% التمويل الخارجي لأعمال الإغاثة