على رغم المحادثات التي يجريها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين بين بيروت وتل أبيب لوقف إطلاق النار بين حزب الله واسرائيل، الا ان بعض الفجوات تعترض هذا الاتفاق عبرت عنها تصريحات بعض المسؤولين الاسرائيليين أبرزهم زعيم حزب “معسكر الدولة” الإسرائيلي الوزير السابق بيني غانتس الذي قال بشكل واضح وصريح ان “إذا لم يقبل لبنان اتفاقاً يسمح لإسرائيل بحرية العمل لمواجهة الانتهاكات فيجب توسيع نطاق الهجمات على البنية التحتية اللبنانية”.
فقبل اشتداد وتيرة القصف على لبنان، كان رئيس الوزراء الاسرائيلي يطمئن اللبنانيين عبر قوله بان حرب اسرائيل ليست معكم بل مع حزب الله الذي صادر قراركم وقرار الدولة اللبنانية واسرائيل تريد القضاء عليه لكي يعود سكان الشمال الى منازلهم.
التباين في المواقف بين المسؤولين الاسرائيليين يطرح تساؤلات عما إذا كانت اسرائيل تسعى لتدمير لبنان بشكل كامل عبر ضرب مؤسساته وبناه تحتية أسوة بما حصل في غزة إذا قرر لبنان رفض حرية العمل الاسرائيلي في الأجواء اللبنانية؟ وما هي الأهداف المحتملة؟
يقول العميد المتقاعد يعرب صخر لـ “المركزية” إن ما يقوم به المسؤولون الاسرائيليون هي طريقة لتبادل الأدوار في ما بينهم لتوجيه رسائل وممارسة أقصى الضغط على لبنان الرسمي للانصياع الى الشرط الإسرائيلي المدرج على هامش الوسائل التطبيقية للقرار الدولي 1701، حيث أن هذا الشرط يسمح لاسرائيل بحرية التدخل عندما تلمس أي انتهاك في التطبيق الحرفي للـ1701، كما توجد أيضا على هامش هذا القرار لجنة مراقبة مؤلفة من عدة دول منها الولايات المتحدة وفرنسا وغيرها وذلك للإشراف على تنفيذ مندرجات القرار. لكنّ إسرائيل تريد مراقبة على عمل هذه اللجنة من خلال استخدامها حرية التدخل”.
ويضيف: “كل ما نسمعه من آراء ومواقف سياسية اسرائيلية هي وسائل ضغط قصوى على لبنان الرسمي ليرضخ، لأنه يرفض ذلك، حينها يبقى الخوف من لبنان غير الرسمي أي حزب الله والرئيس نبيه بري ومن خلفهم أن يوافقوا على ذلك بطريقة سرية، غير مدرجة ضمن الاتفاقيات المكتوبة، حيث يكون اتفاق تعهدي إذا جاز التعبير من هذا الطرف الممانع لأميركا، كون أميركا تقول لإسرائيل انا ضامنة لهذه النوايا بالتالي ليس من خوف من قبل لبنان الرسمي لأن هذا شأن سيادي ولن يقبل به”.
وردا على سؤال، يلفت إلى أن الأمر حصل في اتفاقية الترسيم البحري حيث تخلى لبنان عن 1430 كلم2 من ثرواته البحرية وعن حقل كاريش، فلبنان الرسمي الممثل من خلال الجيش اللبناني وضع الخط رقم 29 الذي يضمن الحدود القصوى للبنان، مشيرا إلى أن الأطراف الممانعة وعلى رأسها حزب الله والرئيس السابق ميشال عون قاما بالتنازل عن هذا الخط ووقعا على الخط 23، وبالتالي السيناريو الذي حصل في ملف الترسيم البحري يمكن أن يعاد تكراره في اتفاق وقف النار لأن حزب الله والأطراف الممانعة باتوا تحت تأثير الضربات ويتعرضون للعديد من الخسائر.
ويتابع: “اسرائيل تحقق انتصارات عدة في الميدان وتريد استغلالها عبر الاستثمار السياسي، فيما حزب الله والمحور الممانع يريدون المحافظة على ما تبقى، لذلك سيقبلون بكل شيء شرط وقف إطلاق النار كي يحاولوا استعادة الأنفاس لاحقا”.
ويختم: “الخوف كبير من أن تتم هذه الصفقة بشكل سري وبرعاية أميركية وعدم ممانعة الممانع فالمقاوم يساوم والممانع يبايع، لكن لا أظن أن الأطراف السيادية في لبنان ستقبل بهذا الإتفاق، أما العتب الأكبر فهو على السلطة التنفيذية لأنها الجهة الوحيدة المخولة بالتفاوض، أما رئيس مجلس النواب فوظيفته التشريع وفتح أبواب المجلس لإنتخاب رئيس للجمهورية لذلك لا يحق له ان يستلم زمام المفاوضات كما فعل في الترسيم البحري. اسرائيل حينما يكون لديها اتفاق معين تقوم بعرضه على الاستفتاء الشعبي والنيابي للموافقة عليه، أما في لبنان لدينا شخص واحد وهو بري الذي يختصر كل السلطات”.