خدمة الديون الخارجية للبلدان العربية تقفز إلى مستوى قياسي

أعطت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا) إشارات تحذيرية من تواصل صعود مستوى خدمة الديون الخارجية للبلدان العربية وخاصة متوسطة ومحدودة الدخل.

ويتسع قلق المنظمات الأممية والمؤسسات الدولية المانحة من أن يؤدي استمرار الأزمات إلى مراكمة الدول العربية ديونا أكبر قد تقف حاجزا يمنعها من وضع مؤشرات النمو على السكة الصحيحة، خاصة مع تنامي الإجهاد المالي لبعض اقتصادات المنطقة.

وأعلنت إسكوا في تقرير حديث بعنوان “آفاق الدين والمالية العامة للمنطقة العربية في عام 2024″، نشرته على منصتها الإلكترونية، عن بلوغ خدمة الدين العام في البلدان العربية متوسطة الدخل مستوى غير مسبوق بتجاوزها 40 مليار دولار في العام الحالي.

وذكر معدو التقرير أن “خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية متوسطة الدخل استحوذت على أكثر من 15 في المئة من الإيرادات العامة في عام 2023، مقارنة بنحو سبعة في المئة خلال عام 2010.”

وقالو إنها “بلغت رقما قياسيا هو 40 مليار دولار في عام 2024 أما في البلدان منخفضة الدخل فقد تجاوزت خدمة الدين المليار دولار خلال العامين الماضي والحالي.”

وتضم إسكوا 21 دولة عربية وهي واحدة من خمس لجان إقليمية تخضع لولاية المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، ويتمثل دورها في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا عبر التعاون والتكامل على الصعيدين الإقليمي ودون الإقليمي.

وتجد بعض الدول العربية، مع اتساع رقعة الديون بسبب الارتفاع الكبير في أسعار المواد الأولية في الأسواق العالمية، نفسها تائهة بين مواجهة الأزمات المتتالية وحماية الناس اجتماعيا منذ تفشي الأزمة الصحية العالمية في عام 2020.

وتشير بعض الإحصائيات إلى أن نصف الديون العامة في المنطقة العربية تقريبا يقع على كاهل البلدان متوسطة الدخل، حيث ارتفع إجمالي الدين العام من 250 مليار دولار تقريبا إلى 658 مليار دولار بين عامي 2008 و2020.

ويقدم تقرير لجنة إسكوا نظرة شاملة على مختلف التدفقات المالية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما فيها الديون والموارد المحلية والأدوات التمويلية المبتكرة الجديدة.

ويشير إلى أن منذ عام 2010 إلى عام 2023، زادت القيمة الحقيقية للناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بنحو 791 مليار دولار، في حين تضخم الدين العام المستحق بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة العربية.

ولفت إلى أنه “على الرغم من أن النمو الاقتصادي ظل دون ثلاثة في المئة، بقيت كلفة الاقتراض من السوق أعلى من 5 في المئة بالنسبة للديون بالعملات المحلية والأجنبية في البلدان متوسطة الدخل.”

وقالت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي إن “الاختلافات في أسعار الفائدة على ديون السوق تشير إلى وجود مجال كبير للتوفير.”

إذا زادت البلدان العربية متوسطة الدخل حصة ضرائب الدخل الشخصي والشركات إلى 6 في المئة من الناتج الإجمالي، يمكنها توليد 14 مليار دولار إضافية

وأوضحت أن في عام 2023، كان بإمكان البلدان العربية متوسطة الدخل الاحتفاظ بأكثر من 1.8 مليار دولار من مدفوعات الفائدة على ديون السوق لو طبق متوسط سعر الفائدة لاقتصادات الأسواق الناشئة على مستوى العالم.

وأضافت “إذا زادت البلدان العربية متوسطة الدخل حصة ضرائب الدخل الشخصي والشركات إلى 6 في المئة من الناتج الإجمالي، وهو المتوسط بالنسبة لهذه الفئة من الدول عالميا، يمكنها توليد 14 مليار دولار إضافية، وتوزيع الأعباء الضريبية بشكل أكثر إنصافا.”

وأكدت أن تقرير إسكوا يهدف “إلى زيادة جهوزية واضعي السياسات لمواجهة التحديات التمويلية الحالية والمستقبلية، من خلال زيادة المرونة المالية والاقتصادية، لتحقيق تنمية أكثر شمولا.”

وتتوقع دراسات صادرة عن المؤسسات المالية المانحة أن يرتفع إجمالي الاحتياجات التمويلية للبلدان العربية غير النفطية، المصنفة ضمن بلدان الأسواق الناشئة ومتوسطة الدخل، إلى 384 مليار دولار خلال 2023 و2024.

ويُرجع الخبراء ذلك إلى أسباب من بينها استمرار العجز المالي الأولي في ميزانياتها السنوية، وأيضا ارتفاع مدفوعات الفائدة، وزيادة الاعتماد على التمويل قصير الأجل.

وتكمن المخاطر التي تتهدد دول المنطقة في استمرار ارتفاع أسعار السلع الأولية ونقص الغذاء، مما قد يؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي وإثارة قلاقل اجتماعية وتعرض المالية العامة لضغوط أكبر قد تفضي إلى مخاطر على الاستقرار المالي.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةانخفاض أسعار الذهب يعزز الطلب الفعلي ويعيد تشكيل السوق
المقالة القادمةإقبال متفاوت بين مجالات الأعمال على اعتماد الذكاء الاصطناعي