تسلل دولارات مزوّرة من تركيا إلى لبنان… فاحذروا!

بعد البلبلة التي اجتاحت الأسواق التركية على خلفية انتشار دولارات مزورة من فئتي الـ50 و100 دولار بكمّيات كبيرة قُدّرت بنحو 600 مليون دولار، لم يكن مفاجئاً أن يسود الخوف والهلع الأسواق اللبنانية خصوصاً مع دولرة الاقتصاد اللبناني، ووجود عدد كبير من اللبنانيين يقصدون تركيا على مدار السنة. ويبدو أن هذا الهلع في محله، بدليل أنه اكتُشفت كمّيات لا يُستهان بها من هاتين الفئتين مع مواطنين لم يستطيعوا اكتشاف الأمر إلا بعدما رفضها الصرّافون والمصارف. كذلك، لم تسلم ماكينات الصراف الآلي ATM التي وقعت بدورها في فخ العملات المزوّرة، حيث استطاع بعض الزبائن إدخالها في الماكينة من دون أن ترفضها. لذا، وتحسباً لعدم تكرار هذه العملية عمدت بعض المصارف اللبنانية إلى وقف الخدمة في انتظار تحديث الصرافات الآلية التي بلغ عددها خلال عام 2023 نحو 1.244 صرافاً آلياً، فيما استمرت مصارف أخرى في التعامل مع الزبائن بشكل طبيعي بعدما أجرت تحديثاً لماكيناتها.

توازياً، وفي إجراء احترازي، رفض صرافون قبول دولارات من فئتي الخمسين والمئة دولار، وذلك في انتظار انتهاء تحديث ماكينات عدّ الأموال الموجودة لديهم، خصوصاً أن الأرقام التسلسلية المزوّرة في تركيا لهاتين الفئتين هي عينها الموجودة في لبنان. كذلك يحاذر بعض التجار التعامل بهاتين الفئتين في انتظار عودة الأمور إلى نصابها.

وبسؤال مصرف لبنان عما إن كان ما يجري تداوله من أرقام عن عدد الدولارات المزوّرة في السوق صحيحاً، أو عما يمكن أن يتخذه من إجراءات للحد من انتشارها، أكدت مصادره أن “مصرف لبنان يطبع عملة الليرة ولا يطبع دولارات، وتالياً فإن المنوط بالتعليق على الموضوع هو الفيديرالي الأميركي أو الجهات الأمنية في لبنان التي يُفترض أنها تتابع الأمر”. وإذ أكدت أن مصرف لبنان يتبع تدابير داخلية تجعل من الصعوبة تسلل دولارات مزوّرة إليه، لم ينكر وجود دولارات مزيفة في لبنان خصوصاً أنه يمكن إيداع أموال في الـATM التي يقال إنها لم تتعرّف إلى الدولارات المزورة”. وقالت المصادر “إذا صحّ الأمر، فإن الصرافات الآلية ستتوقف عن قبول فئة الخمسين أو المئة دولار في انتظار تحديثها ليكون في مقدورها التعرّف إلى الدولارات المزوّرة، على أن تعاود قبولها بعد إجراء تحديث لها”.

وفيما يشاع أنه ضُبط نحو مليار دولار مزوّرة في مدينة إسطنبول قبل تهريبها إلى أفريقيا، أكدت مصادر مصرف لبنان أنه “في هذه الحالة يُفترض بالولايات المتحدة التدخّل لحماية عملتها، خصوصاً أنه سيصار إلى الحذر من استخدام الدولار واستبداله باليورو”.

أما بالنسبة لما يجري تداوله عن أرقام بملايين الدولارات المزوّرة قدّرها البعض بـ300 مليون دولار، فتؤكد المصادر أن “مثل هذه الأرقام هي بالتأكيد مضخمة، بدليل أن السوق اللبنانية لا يمكنها استيعابها، ولكن هذا لا يعني عدم وجود دولارات مزوّرة، وهو أمر يحصل دائماً”.

ومع وجود أعداد كبيرة من اللبنانيين في تركيا، يزداد التخوف من أن يحمل بعضهم دولارات مزوّرة إلى لبنان، ولكن المصادر تؤكد أن اللبنانيين يصرفون الدولارات بالليرة التركية لشراء حاجياتهم حيث يُمنع استخدام غير العملة التركية للتسوّق، اللهم إلا إن كان البعض يعمل على تهريب الدولارات من تركيا إلى لبنان”.

إلى ذلك أكد زبائن أحد المصارف الكبيرة، أن المصرف أوقف التعامل بفئة الخمسين دولاراً واستبدلها بفئات صغيرة، فيما أوضح الأمين العام لجمعية مصارف لبنان فادي خلف لـ”النهار” أن وجود دولارات مزيفة في السوق أمر غير جديد خصوصاً مع اعتماد الاقتصاد اللبناني على الكاش، لذا تجد المصارف مهيأة دائماً لهذا التحدّي، وهي تالياً تجري تحديثاً لماكينات العدّ، بما يعني أن الدولارات التي تودع في المصارف سليمة”.

وكانت قد انتشرت لدى الصرافين لائحة بالأرقام التسلسلية لفئة الخمسين دولاراً المزورة، ليتبيّن لاحقاً أن شركة Terra technology عمّمتها على زبائنها لتنبيههم من التعامل بها، فيما أكد مالك الشركة محمد حسين لـ”النهار” أن فئة الخمسين دولاراً المزورة منتشرة أكثر من فئة المئة دولار، وقال “لا يمكن إحصاء الكميات المزورة، ولكن أستطيع أن أؤكد أن الرقم كبير”. وكشف أن أحد زبائن الشركة اكتشف أن لديه 3 آلاف دولار مزورة من أصل 10 آلاف دولار كانت بحوزته، مؤكداً أن “التزوير يتم باحترافية عالية جداً يصعب على المصارف أو حتى الصيارفة وأصحاب الخبرة كشفها”.

وجزم بأن مصدر هذه الدولارات تركيا، موضحاً أن الارقام التسلسلية للدولارات المزورة هي عينها الموجودة في لبنان، لذا من غير المستبعد أن يكون قد تم تهريب كميات منها من تركيا إلى لبنان”. وإذ أشار إلى أن الشركة أبلغت زبائنها بضرورة تحديث ماكيناتهم، أوضح أن ثمة ماكينات للعد لا يمكن تحديثها، على اعتبار أنها لا تحوي على sensor لكشف التزوير.

 

مصدرالنهار - سلوى بعلبكي
المادة السابقةبعد سقوط الأسد: ترقُّبٌ وآمالٌ بازدهار اقتصادي في لبنان
المقالة القادمةالبنك الدولي حائر في نموّ لبنان