هل الصناعات الغذائية اللبنانية قادرة على المنافسة في الاسواق الخارجية ؟

على مر الأزمات التي عاشها لبنان كانت الصناعات الغذائية هي خير رافد له إذ كانت تلبي الحاجة وحاضرة دائما لكنها ككل الصناعات في لبنان تعاني من جملة من المشاكل ولديها العديد من المطالب التي لا تجد لها آذانا صاغية.

رئيس نقابة الصناعات الغذائية اللبنانية رامز بونادر يتناول هذه الأمور وهو يقول انها تسجل حضورا دائما رغم أنها لم تتراجع بينما لم تتقدم أيضا .

عن دور النقابة في زيادة التصدير يقول بو نادر :

في السنوات الماضية قبل الأزمة الأخيرة كان للصناعات الغذائية ريادتها وحضورها المميز وقد استمرت خلال الأزمة منذ العام ٢٠١٩ حاضرة دون تراجع او تقدم بينما تراجعت كل الصناعات الأخرى وقد سجلت نموا متقدما وكذلك في التصدير قياسا بمجمل التصدير في لبنان . لقد سجل التصدير إجمالا رقم ٤ مليار دولار كان للصناعات الغذائية حصة ١٠٠مليون منها . لقد تراجع التصدير بالمجمل بحكم الظروف الصعبة الا التصدير الغذائي الذي بقي على أرقامه ولم يتراجع او يتقدم كما سبق وقلت .

ويتحدث بو نادر عن الحكومة ودورها في حماية الصناعات الغذائية فيقول :

اننا منذ ثلاثين عاما نطالب بالمطالب نفسها تقريبا ونحاور الحكومات المتعاقبة كلها ونشرح لها هواجسنا ونفاجأ احيانا أن الوزير المختص على علم بمشاكلنا ورغم ذلك لا تتغير الأمور ابدا او تتقدم نحو الأحسن ولا نعرف السبب، هل هو نتيجة عدم قدرة او عدم ارادة ؟!… لقد لاحظنا على مر السنوات اننا نعمل احيانا في بيئة ليست صديقة للصناعات الغذائية إذ لا توجد مساعدات بينما الدول حولنا كمصر مثلا تساعد صناعاتها وكذلك تركيا . لقد تعبنا كثيرا للحصول على اي مساعدات دون جدوى، وقد تعبنا لتخفيف اكلافنا في ساعات الكهرباء اذ ندفع على الكهرباء مثلنا مثل الغير دون تمييز فإذا لم تساعدنا الدولة باكلافنا هذه كيف سنعمل ؟… ليس المهم حقا أن نبيع في الداخل فهذا ليس المهم إنما الأهم هو القدرة على المنافسة في دولة ثانية مع دول أخرى على سلعة معينة فنستطيع أن نصدر ونحول عملة صعبة إلى البلد. ان هذا الأمر لم نستطع الحصول عليه إلا بمجهودنا الخاص.

الحلول مكان المستورد

وعن قدرة الصناعات الغذائية اللبنانية على الحلول مكان الصناعات المستوردة خصوصا ان قيمة الاستيراد بلغت ١٧مليار دولار في السنة يقول بو نادر :

ان الصناعات الغذائية في لبنان جيدة وواعدة والأهم اننا نعمل على الجودة قبل الكمية وان تبقى الصناعة اللبنانية محافظة على جودتها المميزة لكي تستطيع المنافسة في الأسواق العالمية فالسوق اللبناني صغير جدا ولا يساعد المؤسسات في الصناعة الغذائية على النمو بشكل كاف. أما بالنسبة للكميات فالصناعات الغذائية كما اي صناعة في لبنان عاشت أزمات متلاحقة لا سيما في السنوات الخمس الأخيرة فهي تعمل ب٣٠ او ٤٠% من طاقتها ، واي صناعة بإمكانها حاليا أن تضاعف حجمها دون الدخول باستثمارات وهي ان دخلت في استثمارات جديدة فبامكانها الذهاب إلى مدى ابعد . نحن لدينا الطاقة الكافية والقدرة والمعرفة التي تقف خلفها خبرة طويلة تجعلنا قادرين للبدء تدريجيا في الحصول على حصة أكبر في السوق. لكن علينا الا ننسى أن المواد الأولية باكثريتها تأتي من الخارج بحيث اننا لا نستطيع القول اننا اذا صنعنا في لبنان فبامكاننا إقفال حدودنا بينما هدفنا هو توسيع حجم الاقتصاد الغذائي المنتج فنخلق ثروة واذا صنعنا اي منتج فهو يحتاج إلى مكون رقم ١ ورقم ٢ ورقم ٣ لخلق هذا المنتج ، وإذا كان مجموع ثمن المكونات ١٠ دولار فنستطيع بيع المنتج ب١٥ دولارا والخمسة دولارات هي قيمة مضافة وهذه القيمة بالنتيجة تم خلقها اي اننا خلقنا ثروة للبنان وهي بمعنى أدق ثروة للصناعي الذي يعود فيوزعها أولا على الموظفين وثانيا على الإيجارات ثم للدولة كضرائب ورسوم وهي بمعظمها ضرائب هائلة بالإضافة إلى ضرائب الدخل . إذن الثروة هذه توزع على كل الاقتصاد الوطني لذا نحن ركن اساسي في الاقتصاد وعندما نريد تكبيره سنلجأ الى الأسواق الخارجية كتصدير وسنعمد إلى تصدير بضاعة ذات جودة حتما ومنافسة لأن موضوع المنافسة بالسعر هو أمر مهم لكن احيانا تكون السلعة اللبنانية أغلى من سواها في السوق ورغم ذلك يتم شراؤها بسبب الثقة بجودتها وهذه الثقة أمر تم بناؤه على مدى السنوات الطويلة من قبل الصناعيين الذين عملوا على تحسين جودة بضاعتهم إذ ان المنافسة في الخارج وفتح الأسواق أمام بضاعتنا والحفاظ تاليا على هذه الأسواق وتنميتها لا يكون إلا بوجود عنصر الجودة .

نأمل أن يكون وزير الصناعة في الحكومة الجديدة على دراية تامة بالمواضيع الصناعية وحبذا لو يكون صناعيا من ضمن الهيئات الاقتصاديه. إذن نحن نأمل أن يكون على معرفة بالمشاكل الصناعية وان يكون ذات خبرة والمام بادارة المواضيع ومعرفة بأهمية الصناعة وقدرتها على المساهمة في الاقتصاد الوطني وبانها العمود الفقري لهذا الاقتصاد. كما نتمنى أن يكون هذا الوزير لديه القدرة على اقناع الوزراء الآخرين ورئيس الحكومة بأن الصناعة هي التي ساعدت لبنان على قطع مراحله الصعبة وانها بقيت في كل الازمات مستمرة ومنتجة وفي الحرب الأخيرة زادت مبيعاتها لأن السوق اعتمد على هذه الصناعة المحلية أكثر ولم يستطع تأمين احتياجاته من الخارج وقد طولبنا بذلك عبر الإعلام إذ كنا نُسأل دائما “أين أنتم من الأمن الغذائي؟”وقد كانت إحدى اجاباتي: في ايام الشدة والفاقة يطالبوننا بالأمن الغذائي أما في أيام الخير فلا احد يسألنا ماذا نحتاج للاستمرار في تأمين هذا الأمن الغذائي وعن ارتفاع الاسعار ينفي بو نادر ذلك ويقول لقد ارتفعت الأسعار قليلا بسبب كلفة الشحن التي تضاعفت ورفع اسعار التأمين بسبب حالة الحرب لكنه إنتاج وطني؟ أن المواد الأولية كلها او اغلبيتها مستوردة . علينا أيضا أن نبحث مع الوزارات المعنية بالأمن الغذائي المستدام وليس بحث ذلك عند الأزمات فقط. علينا أن نعد امورا للأمام وهذا للأسف لا يلاحظه المسؤولون الا عند وقوع الأزمات ولا توجد استراتيجية ما بهذا الخصوص.

وعن رؤيته الصناعية بعد انتخابه رئيسا للنقابة قال :

لقد وضعنا برنامجنا في عدة أطر خارجية وداخلية اي داخل النقابة وخارجها وداخل لبنان وخارجه. لقد عشنا في الداخل مرحلة ترهل فالبلد كان شبه معطل ونحن الآن نريد النهوض وانا لا اريد هذا العمل وحيدا، إنما بمساعدة مجلس الإدارة والمنتسبين للنقابة . سنقيم لجانا صغيرة إذ طلبت من كل الاعضاء في مجلس الإدارة وضع مشاريعهم للنهوض بالنقابة وتنمية قدراتها. لكل واحد منا في مجلس الإدارة قدرة رئيس وترؤس موضوع ما والسير به نحو النجاح وانا كرئيس للنقابة ساكون الى جانبه بينما سيكون هو المحرك الرئيسي للموضوع للوصول به الى بر الأمان. انا لا اريد اختصار الشكر او النجاح بشخصي ولا اريد ان أنجح وحيدا . هذا الأمر للحقيقة وجد ترحيبا من كل الاعضاء وقد بدأنا نفرز عدة مواضيع للسير بها وأهمها الاستمرار في رعاية المعارض سواء بالداخل او الخارج وهي معارض عالمية كان للبنان دوره المهم فيها خصوصا ان لهذه المعارض دورها الحيوي في الصناعات . نحن لنا وجودنا في اهم المعارض حيث ننسقها ونفسح المجال للمنتسبين إلى النقابة بالمشاركة فيها، كما نستطيع توفير دعم لها من ايدال وللمناسبة ايدال ستعود إلى نشاطها ونأمل ان تنشط في هذا الموضوع. كما سنعقد مؤتمرات و “شراكات” مع عدة وزارات على أن تكون وزارة الصناعة الشريك الأساسي لنا وان تكون مسهلة لعملنا وان نبقي على تواصلنا معها ونقيم مشاريع مشتركة ودائمة . أيضا سنتعاون مع وزارة الزراعة وسنقوي أكثر هذا التعاون بالإضافة إلى اننا سنقوي تعاوننا مع ايدال إلى جانب المختبرات وفي مقدمتها معهد البحوث الصناعية وليبنور وهي المؤسسة التي تسجل المواصفات . اما على صعيد القوانين فيوجد مشاريع عديدة بإمكاننا البحث فيها لكن للاختصار هذه هي أهم الأمور التي تهمنا إذ يجب إعادة التفاعل مع الشركاء الاقتصاديين في البلاد من نقابات وغرف وجمعيات صناعية بحيث نستطيع خلق لوبي مشترك نستطيع عبره مساعدة بعضنا بعضا ونمنح بعضنا التسهيلات بحيث يكون بيننا بروتوكولات تعاون. كما نأمل أن نتعاون بشكل مباشر مع الملحقين الاقتصاديين في سفاراتنا بالخارج ويجب تفعيل دور هؤلاء ومنحهم المزيد من القوة من الحكومة المقبلة. أيضا اللافت أن كل دول العالم تساعد في فتح أسواقها عبر سفاراتها وملحقياتها التجارية لذا نريد العمل كهذه الدول في هذا المجال لا ان نخترع شيئا جديدا الدولة اليوم لا قدرة لديها على مساعدتنا لذا اتمنى على المستهلك اللبناني سواء في داخل لبنان او خارجه أن يشجع الصناعة اللبنانية ويشتريها.

مصدرالديار - جوزف فرح
المادة السابقةالأنظار تتجه إلى اجتماع «أوبك بلس» اليوم الاثنين وسط تسارع التطورات العالمية
المقالة القادمةنظام مصرفي جديد على أنقاض الودائع!