بدلاً من إجراء مناقصات عمومية، أطلقت إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي 12 اتفاقاً رضائياً لتقديم خدمات متنوّعة من بينها أعمال الضيافة والتشريفات. هذا السلوك يخالف قانون الشراء العام ويضرب قانون العمل بعرض الحائض، إذ أنه يحوّل المؤسسة المعنية بالحفاظ على حقوق العمال إلى «قدوة» في تبديد حقوق العمال.
في الأسابيع الأولى من السنة الجارية، أطلقت إدارة الضمان 12 اتفاقاً رضائياً مع مورّدين وأشخاص ومؤسسات بقيمة إجمالية تبلغ 4 مليارات و628 مليون ليرة. وبحسب نصوص العقود التي أبلغت الإدارة بها هيئة الشراء العام، ونشرت على الموقع الالكتروني للهيئة، تعاقدت إدارة الضمان مع أشخاص للقيام بأشغال مختلفة في مكاتب الضمان في بيروت والمناطق، مثل «القيام بأعمال الضيافة والتشريفات وما تتطلبه المديرية العامة من أعمال، ومتابعة الحملات الإعلامية، والتدقيق والتصحيح اللغوي للبيانات الصادرة عن إدارة الصندوق، فضلاً عن صيانة الأثاث الخشبي، والحمامات والصرف الصحي، والسنترالات الهاتفية، والكهرباء والمولدات، والإشراف على النسخ الاحتياطية الخاصة ببيانات الضمان والمضمونين».
وللتعمية على حقيقة مخالفة قانون هيئة الشراء العام، ادّعت الإدارة في كلّ العقود أنّها استندت إلى الفقرة الأولى من المادة 46 في قانون الشراء العام، والتي تجيز استخدام العقد الرضائي في حال عدم توافر موضوع الشراء إلا عند مورّد أو مقاول واحد، علماً بأن ما تطلبه إدارة الضمان هو عبارة عن خدمات يمكن لأيّ مقاول تنفيذها، مثل صيانة الكهرباء في المراكز، أو المولدات، أو تنظيف الحمامات، أو حتى القيام بالتشريفات وأعمال الضيافة.
تطلب إدارة الضمان خدمات
يمكن لأيّ مقاول تنفيذها مثل صيانة الكهرباء والمولدات
أو تنظيف الحمامات
وفي المقابل، لم تقدم أيّ تبرير لعدم استدراج العروض أو طلب إجراء مناقصة عمومية لتأمين صيانة السنترال، على سبيل المثال. وبحسب العقود الرضائية الاثني عشر الموقعة بمعظمها يومي الرابع والخامس من شباط الجاري، ستتعاقد إدارة الضمان مع عدد من الأشخاص والمؤسسات الصغيرة للقيام بأعمال يمكن للمستخدمين في الصندوق تنفيذها.
فعلى سبيل المثال، ستوكل الإدارة أمر «ترحيل الحسابات عن عام 2024، وإصدار ميزان مراجعة، وتحديد الفروقات في اليوميات» للسيد سعيد القعقور (هو موظف سابق في الضمان أثير حوله جدال واسع بشأن كفاءته ولا سيما أنه كان عراب تنفيذ العقد الاستشاري لتطوير الضمان الممول بهبة أوروبية). وفي المقابل، ستدفع الإدارة للقعقور مبلغ 380 مليون ليرة، أو 4 آلاف و245 دولار في الشهر الذي سينفذ فيه العمل، لأنّ مدّة العقد تبدأ من 15 شباط الجاري، وتنتهي في 15 آذار المقبل.
وعلى إثر استئجار الإدارة مكتباً جديداً لفرع النبطية، ستدفع 206 ملايين ليرة، أي ألفي و300 دولار، للسيد محمد غازي هاشم بدل «إعداد خرائط تفصيلية للمكتب». وبحسب العقد الموقع مع هاشم، تطلب الإدارة في مقابل المبلغ المدفوع لهاشم تصوراً فقط لعدد من المكاتب في المركز الجديد، علماً بأنّ هاشم لن يكون المشرف على التنفيذ.
كما ستدفع الإدارة مبلغ 330 مليون ليرة، أي 3 آلاف و687 دولاراً للسيد أسامة الزهيري (موظف سابق في الضمان) بدل «تقديم دراسات متعلقة بتوحيد مسالك وانتظام العمل في المكاتب، وزيادة إنتاجيتها، وإبداء الرأي بكافة المواضيع التي يطلبها منها المدير العام»، علماً بأن الزهيري لم يكن يقوم بهذه المهام عندما كان مستخدماً في الصندوق، وأنّ هذه المهمة هي من صلب مهام مديريات أخرى في الصندوق ولا حاجة لاستقدام متعاقدين للقيام بها.
من جهة ثانية، تقوم إدارة الضمان بإجراء عقود من خارج قانون العمل، مع أنّها المعنية مباشرة بمراقبة حسن تنفيذ أرباب العمل لقانون العمل. فتقوم بالدفع لمتعاقدين لقاء خدماتهم مبالغ مقطوعة، وتضع في العقود مواد تعتبر أنّ «العقد ليس بعقد عمل، ولا يخضع لأيّ من أحكام قانون العمل أو الضمان الاجتماعي». مثلاً، ستدفع الإدارة بشكل مقطوع للسيد محمد عطوي مبلغ 330 مليون ليرة، أي 3 آلاف 687 دولاراً، بدل القيام بتأمين أعمال الضيافة والتشريفات في المديرية العامة للضمان، وما تطلبه أمانة سر الصندوق. وتمتد مدّة العقد على 6 أشهر، لذا سيتقاضى عطوي قيمة العقد على 6 دفعات متساوية كل شهر.