تشهد أسعار الذهب إرتفاعاً جنونياً، يكاد يناهز 3000 دولار لسعر الأونصة، الّذي جاء نتيجة عدّة عوامل، أبرزها التوترات الجيوسياسية التي تعصف بالعالم، ومن المتوقّع أن تستمرّ هذه الأسعار بالصعود، في ظلّ عدم وجود حلول سياسية واستقرار واتجاه الأوضاع الاقتصادية إلى مزيد من التدهور، ما يدفع نحو زيادة الطلب على المعدن الاصفر ورفع أسعاره بشكل جنوني.
في هذا السياق، تشرح مصادر مطلعة أن “الكباش السياسي المحتدم في العالم، بعد الحرب الأخيرة على غزّة ولبنان، إضافة إلى الصراع الروسي-الأوكراني وما تبعه بعد فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورغبته في إنهاء الصراع هناك وتوتّر العلاقة بين كييف وواشنطن، كلّها عوامل ساهمت في زعزعة ثقة المستثمرين وشجّعتهم على اللجوء إلى الذهب، الذي يعتبر الملاذ الآمن في أوقات الأزمات”. هذا الكلام أكده الخبير الاقتصادي ميشال فياض، لافتا إلى أن “عدم اليقين الاقتصادي أدّى إلى التضخّم والركود، ودفع إلى التوجّه نحو الذهب”.
“لا يمكن أن ننسى تأثير سياسات البنوك المركزيّة، وخاصة فيما يتعلق بأسعار الفائدة، على سعر الذهب”. هذا ما يؤكده فياض أيضاً، مشيراً إلى أن “أسعار الفائدة المنخفضة تجعل الذهب أكثر جاذبية لأنّه لا يقدم عائداً خاصاً به”، معتبرا أن “الاتجاه نحو إزالة الدولرة في بعض البلدان، مثل مجموعة البريكس التي تسعى إلى تنويع احتياطياتها من النقد الأجنبي، يدعم أيضاً الطلب على الذهب”، شارحاً أن “الاتجاه الصعودي قد يستمر من الأمد القريب إلى المتوسط، بسبب حالة عدم اليقين المستمرّة”، كذلك فإنّ “تطور سعر الذهب سيعتمد على تطور الوضع الاقتصادي والجيوسياسي العالمي”.
على الرغم من أسعار الفائدة الحقيقية الإيجابية في الولايات المتحدة، منذ عام 2023، فإن توقع خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، خلال 2024 و2025، عزز الاهتمام بالذهب. هنا يشير فياض إلى أنه “عندما تنخفض أسعار الفائدة، تصبح الأصول التي تحمل عائدًا مثل السندات أقلّ جاذبية، ويكتسب الذهب قيمة أكبر. وعلاوة على ذلك، يظلّ التضخم، على الرغم من تراجعه والذي بلغ 2.9% في الولايات المتحدة في كانون الثاني 2025، مصدر قلق، وهو ما يشجع المستثمرين على حماية أنفسهم من خلال الذهب”.
بحسب مجلس الذهب العالمي، فإن البنوك المركزيّة تشتري كميّات ضخمة لتنويع احتياطياتها في مواجهة العقوبات الماليّة وتقلبات الدولار، الذي انخفضت حصّته في الاحتياطيات العالمية إلى 59%، وهو أدنى مستوى في 25 عاما. ويلفت فياض الى أن “Wallet Investor يتوقع ارتفاعًا معتدلًا إلى حوالي 3029 دولارًا، في حين أن Long forecast أكثر تفاؤلاً بتقدير 3913 دولارًا، وهي زيادة محتملة بنسبة 38% عن أوائل عام 2025″، واضاف: “توقعات أسعار العملات تشير إلى أن سعر الاونصة قد يصل إلى 5378 دولارًا، بحلول نهاية عام 2030، في حين تشير السيناريوهات المتفائلة إلى 7000 دولار، إذا ظل الطلب قوياً وظل الاقتصاد العالمي غير مستقر، وعلى العكس من ذلك، فإن السيناريو الحذر يضع السعر حول 4150 دولاراً إذا استقر الاقتصاد”، ويرى أنه “على المدى الطويل، أي بعد عام 2030، قد تتنافس عوامل، مثل ظهور العملات المشفرة، مع الذهب كمخزن للقيمة، خاصة إذا أصبح اعتمادها أكثر انتشارا”.
الحقيقة الاكيدة، أن شراء الصين والهند المعادن الثمينة والذهب، إضافة إلى أن التوترات الاقتصاديّة، دفعت بإتجاه شراء الذهب، الذي ومهما حدث يبقى سعره فيه…