واجه قطاع الذكاء الاصطناعي، الذي حرّك الأسواق خلال العامين الماضيين، لحظة حاسمة الأربعاء، عندما أعلنت شركة إنفيديا الرائدة عن نتائجها للربع الثاني من هذا العام.
وتذبذبت أسهم التكنولوجيا، بما في ذلك عدد من الأسهم المميزة في تجارة الذكاء الاصطناعي، هذا الشهر، مع إشارة المستثمرين إلى ظهور بعض علامات الحذر في صناعة الذكاء الاصطناعي.
وأدت هذه الانخفاضات إلى تراجع زخم مجموعة من أسهم التكنولوجيا وغيرها من الأسهم التي ازدهرت منذ أن أطلق روبوت الدردشة تشات جي.بي.تي موجة من الجدل حول إمكانات الذكاء الاصطناعي قبل حوالي ثلاث سنوات.
وارتفعت سلة من 50 سهمًا متعلقًا بالذكاء الاصطناعي، ذات أوزان متساوية، تتابعها مجموعة بيسبوك للاستثمار والتي تضم العديد من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم بنسبة تقارب 170 في المئة منذ نهاية عام 2022، اعتبارًا من الاثنين الماضي.
وقال بيتر بيريزين كبير الإستراتيجيين العالميين في شركة بي.سي.أي للأبحاث لرويترز “يُعدّ الذكاء الاصطناعي عنصرًا أساسيًا في قيادة أسواق الأسهم حاليًا.”
وهذا العام، ساهمت المكاسب القوية التي حققتها أسهم شركات التكنولوجيا الرائدة المعرضة للذكاء الاصطناعي في دفع مؤشرات الأسهم الرئيسية إلى مستويات قياسية.
وعززت إنفيديا، عملاق أشباه الموصلات، مكانتها كشركة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، لتصبح أول شركة تتجاوز قيمتها السوقية 4 تريليونات دولار الشهر الماضي.
ووفقًا لهوارد سيلفربلات، كبير محللي مؤشرات ستاندرد آند بورز داو جونز، فإن مكاسبها التي تجاوزت 30 في المئة هذا العام وحده قد مثّلت ما يقرب من ربع إجمالي عائد مؤشر أس آن دبي 500 البالغ 10.4 في المئة حتى الاثنين.
وبشكل أعم، ساهمت 10 من أفضل استثمارات الذكاء الاصطناعي بما يقرب من نصف عائد المؤشر حتى تاريخه، وفقًا لبي.سي.أي للأبحاث.
وتضاعفت أسهم شركة البيانات والتحليلات بالانتير تكنولوجيز، في حين تفوقت شركات أخرى لصناعة الرقائق، مثل برودكوم وأدفانسد مايكرو ديفايسز، بسهولة على السوق الأوسع.
وفي وقت سابق من فترة التقرير، كشفت شركات مثل مايكروسوفت وألفابت، الشركة الأم لغوغل، عن إنفاق رأسمالي كبير، حيث ساهم الذكاء الاصطناعي في تحقيق النتائج.
وامتد الحماس تجاه أسهم الذكاء الاصطناعي إلى ما هو أبعد من التكنولوجيا والمجالات المرتبطة بها، ليشمل شركات المرافق ومعدات الطاقة، في ظل ارتفاع الطلب على الطاقة المتوقع لدعم هذه التكنولوجيا.
وتُعدّ شركة جي.إي فيرنوفا الصناعية، وشركتا كونستليشن إنيرجي وفيسترا العاملتان في قطاع المرافق، من بين الأسهم غير التقنية التي حققت مكاسب قوية خلال العام الماضي، مدعومةً بحماس الذكاء الاصطناعي.
وساهم حماس الذكاء الاصطناعي في رفع تقييمات الأسهم إلى مستويات أعلى بكثير من المستويات التاريخية.
وبلغت نسبة السعر إلى الأرباح الإجمالية لمؤشر ستاندرد آند بورز 500، بناءً على الأرباح المتوقعة خلال الاثني عشر شهرًا القادمة، 22.4 مرة، وفقًا لشركة أل.أس.إي.جي داتا ستريم.
وهذا يقترب من أعلى مستوى له منذ أكثر من أربع سنوات، ويتجاوز متوسطه طويل الأجل البالغ 15.9 بنحو 40 في المئة.
وشهد قطاع التكنولوجيا الذي يتمتع بثقل كبير في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 من بين القطاعات الأحد عشر ارتفاعًا في مضاعف ربحيته المتوقعة إلى 29.2، أي أعلى بنحو 36 في المئة من متوسطه طويل الأجل البالغ 21.4، وفقًا لداتا ستريم.
وقال بيريزين “هناك خطر من أننا قد استبقنا الأمور قليلًا، وأن بعض التوقعات قصيرة الأجل لن تتحقق.”
ولا تزال تقييمات مضاعف الربحية لكل من قطاع التكنولوجيا ومؤشر ستاندرد آند بورز 500 أقل من أعلى مستوياتها التي بلغتها في أواخر التسعينات وبداية القرن الحالي، عندما ارتفعت أسعار العديد من الأسهم إلى مستويات باهظة في بداية عصر الإنترنت، ما أدى إلى انخفاض حاد في أسهم التكنولوجيا في السنوات التالية.
ومع ذلك، أشار المستثمرون إلى الحضور المتزايد لقطاع التكنولوجيا في مؤشرات السوق كمؤشر على أن السوق قد يعتمد بشكل مفرط على أداء المجموعة.
ويُشكل قطاع التكنولوجيا ما يزيد قليلاً عن ثلث القيمة الإجمالية لمؤشر ستاندرد آند بورز 500، وهي نسبة قريبة من مستوى 35 في المئة الذي بلغه في مارس من عام 2000، بحسب داتا إستريم.
وفي الوقت نفسه، بلغت القيمة المجمعة لأكبر 10 شركات في مجال الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك إنفيديا وبرودكوم ومايكروسوفت، 18 تريليون دولار، وفقًا لتقرير بي.سي.أي الصادر الأسبوع الماضي.
ويمثل هذا حوالي 33 في المئة من القيمة التسويقية لأسهم مؤشر ستاندرد آند بورز 500، بزيادة عن حوالي 15 في المئة خلال أواخر عام 2022.
وقال أنتوني ساجليمبين، كبير إستراتيجيي السوق في شركة أميريبرايز فاينانشال، في مذكرة إن مخاطر تركيز السوق “حقيقية ومتزايدة.”
وأضاف أن “تعليق إنفيديا الأربعاء قد يُسهم في تحديد مسار تطور اتجاهات الذكاء الاصطناعي حتى نهاية العام، وبالتالي، لسوقٍ يعتمد الآن على مجموعة صغيرة من أسهم التكنولوجيا الكبيرة والمؤثرة.”



