تجارة الطرود ضحية أخرى لرسوم ترامب المثيرة للجدل

تسللت تداعيات الحرب التجارية وما خلفته من ندوب عميقة على وجه الاقتصاد العالمي إلى قطاع الطرود هذه المرة، والتي وجد الشركات نفسها تكافح للحفاظ على نشاطها مع أحد أهم الأسواق نموا.

وألغت الولايات المتحدة الجمعة الإعفاءات من الرسوم الجمركية المخصصة للطرود الصغيرة التي تدخل البلاد من الخارج، في خطوة أثارت مخاوف الأعمال التجارية وتحذيرات من ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين.

وأرجعت إدارة الرئيس دونالد ترامب الخطوة إلى استخدام الشحنات منخفضة القيمة لتجنّب الرسوم وتهريب المخدرات، بعدما كانت الطرود التي تقدّر قيمتها بحوالي 800 دولار أو أقل مستثناة من الرسوم.

وهذا السقف المرتفع مقارنة بالدول الأخرى فتح الباب أمام شركات شحن دولية ومنصات تجارة إلكترونية أجنبية، لإغراق السوق الأميركية بمنتجات زهيدة الثمن دون دفع أي رسوم، ما أثار جدلًا واسعًا حول مدى عدالة هذا الإعفاء وتأثيره على الاقتصاد المحلي.

وبينما يرى المستهلكون في هذا الانفتاح فرصة للحصول على سلع أرخص، ينظر إليه صناع السياسة والمُصنّعون كمصدر ضغط على قطاعي الصناعة والتجزئة، خاصة في ظل عدم تكافؤ الشروط التنظيمية والجمارك بين المنتجات المحلية وتلك المستوردة وستكون حاليا الطرود عرضة إما لرسوم تعادل تلك المطبّقة على البلدان التي تنتجها أو لرسوم محددة تتراوح ما بين 80 و200 دولار للسلعة. لكن ما زالت بعض السلع الشخصية والهدايا معفاة من الرسوم.

وتشكل قضية الطرود والرسوم الأميركية تجسيدًا دقيقًا للتحولات التي تشهدها التجارة العالمية في عصر الرقمنة، حيث لم تعد المعارك تُخاض فقط عبر السفن والموانئ، بل من خلال تطبيقات الهواتف الذكية وسلال التسوق الإلكترونية.

وبين عامي 2015 و2024، ارتفع الحجم السنوي للشحنات الصغيرة جدًا الداخلة إلى الولايات المتحدة من 134 مليون شحنة إلى أكثر من 1.36 مليار شحنة. وتعالج الجمارك الأميركية أكثر من 4 ملايين شحنة صغيرة جدًا يوميًا.

وقال مستشار ترامب للشؤون التجارية بيتر نافارو للصحافيين إن سد هذه “الثغرة” يساعد على الحد من تدفق “المخدرات وغيرها من السلع الخطيرة والمحظورة” بينما يدر على الولايات المتحدة المزيد من عائدات الرسوم.

لكن فترة الشهر التي سبقت أمر ترامب أدت إلى موجة قلق. وأعلنت خدمات البريد في بلدان بينها فرنسا وألمانيا وإيطاليا والهند وأستراليا واليابان في وقت سابق أنها لن تقبل إرسال معظم الطرود المخصصة للولايات المتحدة.

كما أعلنت خدمة البريد الملكي البريطاني التي اتّخذت خطوة مشابهة، عن خدمات جديدة الخميس الماضي، لزبائنها الذين ما زالوا يرسلون منتجات إلى الولايات المتحدة.

وأفاد الاتحاد البريدي العالمي التابع للأمم المتحدة الثلاثاء بأن 25 من مشغلي البريد في البلدان المنضوية فيه علّقت الخدمات البريدية إلى الولايات المتحدة.

وقال نافارو الخميس إن “على مكاتب البريد الأجنبية أن تضبط الأمور لديها في ما يتعلق بمراقبة وضبط استخدام البريد الدولي لأغراض التهريب والتهرب من الرسوم الجمركية.”

ويشدد مسؤولون أميركيون على أن 5 في المئة فقط من شحنات الطرود الصغيرة المعفاة من الرسوم الجمركية تصل عبر شبكة البريد، بينما يمر أغلبها عبر خدمات البريد السريع. ومع ذلك، أدى التغيير إلى حالة إرباك وأثار قلق الأعمال التجارية الصغيرة.

وكان ترامب قد استهدف سابقًا الطرود الواردة من الصين وهونغ كونغ. وألغى مشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي وقّعه ترامب قبل أسابيع الأساس القانوني للإعفاء الضئيل عالميًا اعتبارا من الأول من يوليو 2027.

ومنذ مطلع مايو الماضي، فُرضت ضرائب على الشحنات المرسلة من الصين وهونغ كونغ بمعدل وصل في البداية إلى 145 في المئة، قبل أن يستقر عند 30 في المئة بعد انفراج تجاري بين الولايات المتحدة والصين في منتصف ذلك الشهر.

وتشكّل التجارة الإلكترونية منخفضة القيمة من آسيا نسبة متزايدة من الشحن الجوي العالمي، مما يعزز أعمال الشحن الجوي لشركات الطيران.

وفي العام الماضي، شكلت هذه الشحنات التي بلغت 1.2 مليون طن 55 في المئة من البضائع المشحونة من الصين إلى الولايات المتحدة جواً، مقارنةً بنسبة 5 في المئة فقط خلال عام 2018. وقد استخدمتها شركات مثل منصات التجارة الإلكترونية منخفضة التكلفة مثل شي إن وبي.دي.دي.أس.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةإقامة ذهبية عمانية تذكي التنافس الاستثماري في الخليج
المقالة القادمةالخطط والإصلاحات مجرد شعارات: دولة “سيري وعين الله ترعاكي”