تأثيرات متباينة للحرب التجارية على أداء المصانع حول العالم

أظهرت مسوحات خاصة أن نشاط المصانع في منطقة اليورو توسع لأول مرة منذ منتصف 2022، حيث عوض الطلب المحلي تأثير الرسوم الجمركية الأميركية، بينما شهد قطاع التصنيع الآسيوي انكماشًا.

ومع ذلك، كانت هناك إشارات متباينة بشأن الاقتصاد الصيني، حيث أشار أحد المسوحات، على نحو غير متوقع، إلى توسع متواضع، وهو ما يتناقض مع قراءة رسمية صدرت في اليوم السابق وأظهرت استمرار انكماش النشاط.

وشهدت القوى التصديرية الكبرى، اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، انكماشًا في نشاطها الصناعي خلال شهر أغسطس الماضي، ما يُبرز التحدي الذي تواجهه آسيا في مواجهة تداعيات الحواجز التجارية المتزايدة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وفي أوروبا قادت اليونان وإسبانيا نمو المصانع، بينما انكمش قطاع التصنيع في ألمانيا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، وإن كان بوتيرة أبطأ.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي (بي.أم.ىي) لمنطقة اليورو، الصادر عن أتش.سي.أو.بي، إلى أعلى مستوى له في أكثر من ثلاث سنوات عند 50.7 نقطة في أغسطس، من 49.8 نقطة في يوليو، متجاوزًا عتبة 50.0 التي تفصل بين النمو والانكماش.

وصرح سايروس دي لا روبيا، كبير الاقتصاديين في بنك هامبورغ التجاري، لرويترز بأن “الانتعاش حقيقي، لكنه لا يزال هشًا.” وأضاف “تستمر مستويات المخزون في الانخفاض، ويُظهر الانخفاض المتسارع الطفيف في تراكم الطلبات أن الشركات لا تزال تعاني من حالة من عدم اليقين.”

وتابع “لقد ارتفعت الطلبات المحلية، وهي تُعوّض عن ضعف الطلب الخارجي. في الواقع، قد يكون أفضل علاج للرسوم الأميركية هو تعزيز الطلب المحلي.”

ونما قطاع التصنيع في ألمانيا إلى أعلى مستوى له في 38 شهرًا عند 49.8 نقطة، ما يقل قليلاً عن مستوى 50 نقطة، ما بعث الأمل في الاقتصاد الذي انكمش بنسبة 0.3 في المئة بالربع الأخير نتيجة تباطؤ الطلب من الولايات المتحدة، شريكها التجاري الرئيسي.

وأبرم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة اتفاقية تجارية إطارية في أواخر يوليو الماضي، ولكن لم يُطبق حتى الآن سوى التعريفة الجمركية الأساسية البالغة 15 في المئة.

وفي بريطانيا، خارج الاتحاد الأوروبي، عانى نشاط المصانع من انتكاسة جديدة في أغسطس بعد بوادر انتعاش نتيجة المخاوف بشأن التوترات التجارية وزيادة الضرائب في الداخل.

وعلى النقيض تبدو آسيا تعاني، فقد بلغ مؤشر مديري المشتريات التصنيعي التابع لشركة ستاندرد آند بورز العالمية في اليابان 49.7 نقطة في أغسطس، متحسنًا من 48.9 نقطة في يوليو، ولكنه بقي دون مستوى 50 نقطة لشهرين متتاليين.

كما انكمش نشاط المصانع في كوريا الجنوبية، حيث بلغ مؤشر مديري المشتريات التصنيعي العالمي 48.3 نقطة في أغسطس، مرتفعًا من 48.0 نقطة في يوليو، ولكنه انكمش للشهر السابع على التوالي.

وأبرمت الدولتان اتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة، خففت الضغط عن اقتصاداتهما المعتمدة على التصدير، لكنها لم تُلغِه. وقال تورو نيشيهاما، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في معهد داي – إيتشي لايف للأبحاث، لرويترز إنها “ضربة مزدوجة للاقتصادات الآسيوية، إذ تواجه رسومًا جمركية أميركية أعلى ومنافسة من الصادرات الصينية الرخيصة.”

وأضاف “من المرجح أن نشهد تفاقمًا في تأثير الرسوم الأميركية مستقبلًا، وستكون الدول التي تعتمد على الشحنات المتجهة إلى الولايات المتحدة، مثل تايلاند وكوريا الجنوبية، أكثر عرضة للخطر.”

ومع ذلك ارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي العام الصيني من رايتنغ دوغ، الذي تعده ستاندرد آند بورز، بشكل غير متوقع إلى 50.5 في أغسطس من 49.5 في يوليو، متجاوزًا بذلك مستوى 50 الذي يفصل بين النمو والانكماش.

وتُخالف هذه القراءة مسحًا رسميًا صدر الأحد وأظهر انكماش النشاط الاقتصادي للشهر الخامس على التوالي، نتيجة ضعف الطلب المحلي وعدم اليقين بشأن نتائج اتفاقية بكين التجارية مع الولايات المتحدة.

وفي منتصف الشهر الماضي مدد ترامب هدنة التعريفات الجمركية مع الصين لمدة 90 يومًا أخرى، مُبقيًا على فرض رسوم مكونة من خانتين حتى 10 نوفمبر.

وفي الوقت نفسه حققت الهند نموًا بنسبة 7.8 في المئة في الربع الأخير، وهو معدل أفضل بكثير من المتوقع، كونها حالة استثنائية في المنطقة. وتوسع النشاط الصناعي في ثالث أكبر اقتصاد في آسيا بأسرع وتيرة له منذ أكثر من 17 عامًا في أغسطس.

لكن الرسوم الباهظة التي فرضتها إدارة ترامب بنسبة 50 في المئة على واردات الولايات المتحدة من السلع الهندية، مثل الملابس والأحجار الكريمة والمجوهرات، تُهدد بكبح النمو في الأرباع القادمة.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةتوسع الأنشطة الصناعية يكبل جهود مكافحة تغير المناخ
المقالة القادمةموازنة 2026… إعفاء جديد للمعتدين على الأملاك البحرية