أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أنّ الولايات المتّحدة ستفرض «قريباً جداً» رسوماً جمركية «كبيرة نسبياً» على وارداتها من أشباه الموصلات، المكوِّن الأساسي في السباق العالمي نحو الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي. وعلى هامش حفل عشاء أقامه في البيت الأبيض على شرف عدد من كبار رؤساء شركات التكنولوجيا في الولايات المتّحدة، مساء الخميس، قال ترمب: «سنفرض قريباً جداً رسوماً جمركية. لن تكون كبيرة جداً لكنّها ستكون كبيرة نسبياً». وقال ترمب، دون تحديد موعد أو مستوى محدَّدَين: «نعم، لقد ناقشت الأمر مع المسؤولين هنا. الرقائق وأشباه الموصلات. سنفرض رسوماً جمركية على الشركات التي لا تدخل السوق الأميركية. سنفرض رسوماً جمركية قريباً جداً». وصرَّح ترمب، الشهر الماضي، بأن الولايات المتحدة ستفرض رسوماً جمركية بنسبة 100 في المائة تقريباً على واردات أشباه الموصلات، لكنها لن تُطبَّق على الشركات التي تُصنّع في الولايات المتحدة أو التي التزمت بذلك. وقال ترمب في تعليقاته على أشباه الموصلات: «إذا لم تكن هذه السلع واردة، فستُفرض رسوم جمركية». وأضاف، بينما كان تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» يجلس على الطاولة المقابلة: «أعتقد أن كوك سيكون في وضعٍ جيد». وتابع بالقول: «الخبر السار لشركات مثل أبل، هو أنّكم إذا قمتم ببناء مصانع في الولايات المتّحدة أو التزمتم بذلك، فلن تضطرّوا إلى الدفع».
• استثمارات كبرى
وفي الأشهر الأخيرة، أعلن كثير من شركات التكنولوجيا الكبيرة، سواء أكانت مُصنِّعةً لأشباه الموصلات أم مُعتمِدةً عليها، استثمارات في الولايات المتّحدة. ومن بين هذه الشركات «أبل» التي وعدت باستثمار 600 مليار دولار على مدى 4 سنوات، و«مايكرون تكنولوجي» التي تخطط لزيادة استثماراتها إلى 200 مليار دولار. ويشهد قطاع أشباه الموصلات تنافساً شديداً بين الولايات المتحدة والبلاد المنتجة الرئيسية مثل الصين وتايوان. وسحبت واشنطن على وجه الخصوص الإذن الممنوح للعملاق التايواني «تي إس إم سي» لتصدير معدات أميركية لتصنيع الرقائق الإلكترونية إلى الصين دون ترخيص. وأعلنت شركة «تي إس إم سي» التايوانية العملاقة للرقائق، وشركتا «سامسونغ إلكترونيكس» و«إس كيه هاينكس» الكوريتان الجنوبيتان، استثمارات في تصنيع الرقائق في الولايات المتحدة. كما أنّ شركة «إنفيديا» العملاقة لم تتمكَّن في الرُّبع الثاني من بيع أيّ من رقائقها من نوع «إتش 2 أو» في السوق الصينية، رغم أنّ هذه الرقاقة طُوّرت خصيصاً لتلبية المتطلبات الحكومية الأميركية.
• ارتباك طويل الأمد
وجعل ترمب من تطوير الصناعات التحويلية على الأراضي الأميركية إحدى الركائز الأساسية لسياسته، وقد فرض رسوماً جمركية شاملة للحدّ من الواردات وتشجيع الإنتاج المحلي. ومنذ عودته إلى منصبه في يناير (كانون الثاني)، أدى تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية إلى نفور الشركاء التجاريين، وإثارة تقلبات في الأسواق المالية، وتأجيج حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي. وجعل ترمب من الرسوم الجمركية ركيزةً أساسيةً في السياسة الخارجية الأميركية، مستخدماً إياها للضغط السياسي وإعادة التفاوض على الاتفاقات التجارية، وانتزاع تنازلات من الدول والشركات التي تُصدّر سلعاً إلى الولايات المتحدة. وواجه ترمب معارضةً قانونيةً لاستخدامه الرسوم الجمركية. وقد طلبت إدارته من المحكمة العليا الأميركية النظر سريعاً في دعوى للحفاظ على الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها بموجب قانون صدر عام 1977، المُخصص لحالات الطوارئ، بعد أن ألغت محكمة أدنى درجة معظم الرسوم التي كانت محورية في أجندته الاقتصادية والتجارية.



