من أكثر المواسم النشطة في الفترة الأخيرة في البلد، هو موسم الأعراس، وفق ما أكّده العديد من القطاعات ذات الصلة به، مثل قطاع المطاعم، الفنادق، التصوير، الورود، الأزياء، المجوهرات…. ألخ .
ومع تزايد الإقبال على إقامة حفلات الزفاف بتفاصيلها الفاخرة وتكاليفها المتنوعة، بات من المهم جدًا تسليط الضوء على مدى تأثير هذا الموسم في الاقتصاد المحلّي.
لذلك ومن دون شكّ، يُعتبر موسم الأعراس في لبنان، من القطاعات الاقتصادية الحيوية، حيث يُسهم بشكلٍ ملحوظٍ في الاقتصاد اللبناني، رغم التحديات الاقتصادية التي يمر بها البلد.
حجم الإنفاق الاقتصادي على الأعراس
تشير التقديرات إلى أنّ تكلفة تنظيم حفل زفاف في لبنان تتراوح بين 30,000 و50,000 دولار أميركي، وقد تصل إلى أكثر من 100,000 دولار في بعض الحالات. ويشمل هذا المبلغ تكاليف القاعة، الطعام، الديكور، التصوير، الملابس، والمجوهرات، بالإضافة إلى تكاليف إضافية مثل حفلات الخطوبة والعمادات. وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة، لا يزال اللبنانيون يخصصون جزءًا كبيرًا من ميزانياتهم لهذه المناسبات، مما يُظهر أهمية القطاع في الاقتصاد المحلي .
بالإضافة إلى ذلك، يُسهم موسم الأعراس في تعزيز السياحة المحلية، حيث يزور العديد من اللبنانيين المناطق السياحية لإقامة حفلات الزفاف، مما يُعزز من النشاط الاقتصادي في تلك المناطق.
تأثير موسم الأعراس في الاقتصاد المحلي
تُعتبر الأعراس مصدرًا مهمًا للعديد من القطاعات، بما في ذلك قطاع المطاعم، حيث تُنفق مبالغ كبيرة على تقديم الطعام والشراب للضيوف.
قطاع الملابس والمجوهرات، الذي يشهد طلبًا مرتفعًا على فساتين الزفاف، بدلات العريس، والمجوهرات.
قطاع التصوير ويشمل التصوير الفوتوغرافي والفيديو، بالإضافة إلى خدمات البث المباشر.
قطاع الديكور والتأثيث الذي يشهد نموًا في الطلب على خدمات تصميم القاعات وتنسيق الزهور.
في دراسة نُشرت عام 2025، تم تسليط الضوء على ارتفاع تكاليف تنظيم الأعراس في لبنان، حيث لوحظ أنّ الأسعار قد تضاعفت مقارنة بالسنوات السابقة. فمثلًا، ارتفعت أسعار القاعات والخدمات المرتبطة بها بشكل ملحوظ، مما شكّل تحديًا للعائلات التي ترغب في إقامة حفل زفاف فاخر .
فلا شكّ أنّ موسم الأعراس، ساهم بشكلٍ كبيرٍ في دعم العديد من الصناعات المحلية، وفي تحريك عجلة الدولة الاقتصادية.
ورغم تفاوت الأرقام بين دراسة وأخرى، فإنّ التقديرات العامّة تشير إلى أنّ موسم الأعراس قد يُدخل المليارات للبلد.
لماذا ترتفع الأسعار؟
تُعتبر الأسعار في لبنان مرتفعةً مقارنةً بالقدرة المعيشية ومتوسط الرواتب، فمثلًا، إذا كان الموظف يتقاضى راتبًا يبلغ 1000 دولار شهريًا، فهو بحاجة إلى توفير ما لا يقل عن 30 راتبًا كاملًا، ومن دون أي نفقات أخرى، فقط ليتمكن من تغطية تكاليف حفل الزفاف!
وبحسب العاملين في مجال تنظيم الحفلات والأعراس، هناك عدة عوامل تؤدي إلى هذا الارتفاع. أولها الزيادة الكبيرة في أسعار المواد الأولية والخدمات المتعلقة بالحفلات. كما أن للثقافة الاجتماعية دورًا في الأمر، فغالبًا ما تُعتبر الأعراس في المجتمع اللبناني مناسبة مهمة يجب أن تكون كبيرة واحتفالية، ما يفرض بطبيعة الحال كلفة أعلى.
ولا يمكن تجاهل تأثير المغتربين، الذين يشكلون نسبة لا يستهان بها من العرسان خلال موسم الصيف. فهؤلاء غالبًا ما يملكون قدرة شرائية أعلى من المقيمين، ما يرفع مستوى الطلب على الخدمات الفاخرة، وبالتالي ترتفع الأسعار بشكل عام خلال هذا الموسم.
تستفيد صناعات متعدّدة من موسم الأعراس، مثل صناعة الذهب والمجوهرات، فترتفع معدلات الشراء بشكلٍ كبيرٍ، خاصّة مع ما يشكّله “المهر” من جانب تقليدي واجتماعي في الكثير من المجتمعات.
وفي ما يتعلّق بخدمات النقل، من تأجير السيارات الفاخرة، إلى تنقلات الضيوف، فهي تُساهم في تحريك قطاع النقل أيضًا.
وفي حديثه للدّيار، يؤكد أحمد، وهو مدير ومؤسس شركة محلية لتأجير السيارات الفاخرة في بيروت، أنّ “موسم الأعراس في هذه الفترة، كانت تشكل فرصة ذهبية لنهضة قطاعنا بالدرجة الاولى، وبالبلد أيضًا بالدرجة الثانية”.
ويؤكد أنّ “الحجوزات ارتفعت بنسة تصل إلى 70% عن العام الماضي، سيّما سيارات الرولز رويس، المرسيدس س كلاس، اللمبورغيني للزفة أو لجلسات التصوير”.
ويضيف:” نحن ندفع الضرائب المنتظمة، ونوظف أكثر من 30 شخصًا بين سائقين وفنيين وموظفين. وبشكلٍ غير مباشرٍ، نحن من يحرّك سوق الزينة، الوقود، الصيانة وحتّى التسويق الرقمي. ومعظم الشركات مثلنا، تعتمد على موسم الأعراس لتحقيق ما لا يقلّ عن 40% من دخلها السنوي”.



