تفاصيل الإغلاق الحكومي الأميركي: كيف يؤثّر على العالم؟

إثر خلاف في الكونغرس حول إقرار تمويل مؤقّت للعام المالي 2026 قبل انتهاء التمويل السابق في 30 أيلول الماضي، دخلت الحكومة الفيدرالية الأميركية في حالة إغلاق جزئي (راجع المدن)، وهو إجراء تتوقّف فيه وكالات ومؤسسات فيدرالية عن العمل كلياً أو جزئياً، إذ أنّ الدستور الأميركي يفرض موافقة الكونغرس على الإنفاق الحكومي. وبالتالي، فإنّ أي خلاف بين الجمهوريين والديموقراطيين حول الإنفاق، قد يؤدّي إلى تعطيل التمويل، الذي بدوره يوقف الكثير من الخدمات الحكومية الأساسية. لكن هل ينحصر تأثير الإغلاق على الداخل الأميركي أم يتعداه إلى باقي الدول؟.

الخلافات الأساسية

الانقسام بين الجمهوريين والديموقراطيين تمحور بشكل أساسي حول نقاط منها المدفوعات الصحية ودعم التأمين الصحي، إذ أن الديموقراطيين طالبوا بتمديد دعم التأمين الصحي الذي سينتهي مع نهاية العام الجاري، ورفضوا قبول مشروع التمويل المؤقّت الذي يقدّمه الجمهوريون، إلاّ إذا شمل التمديد. فضلاً عن الخلاف حول مستوى الإنفاق العام وحجم الحكومة. فالجمهوريون سعوا لخفض الإنفاق على بعض البرامج الفيدرالية أو إعادة تشكيل المؤسسات، فيما يرى الديموقراطيون أنّ التخفيضات المقترحة قد تضرّ بالخدمات الاجتماعية.

في الشأن الداخلي

يؤثّر الإغلاق بشكل مباشر على مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين، إذ يتوقّفون عن العمل أو يعملون مؤقّتاً بلا أجر. وفي إغلاقات سابقة، تم إيقاف 40 في المئة من الموظفين الفيدراليين عن العمل، بينما واصل الباقون أداء مهامهم كموظفين أساسيين. لكن الجميع يتوقف عن تلقي الرواتب مؤقتاً، على أن تُدفع لاحقاً بعد انتهاء الإغلاق، وفقاً لقانون “معاملة الموظفين الفيدراليين بإنصاف”، الصادر عام 2019.

علماً أنّ بعض الخدمات توفّر للموظفين بعض المداخيل، مثل مكاتب الجوازات والقنصليات التي تعتمد على رسوم الخدمات. لكن في هيئات مثل إدارة الطيران الفيدرالية ووكالة أمن النقل، يتوقّف دفع الرواتب تماماً، ما يؤدّي إلى تغيّب الموظفين عن العمل، ويؤثّر ذلك على حركة المطارات. وعلى مستوى القطاعات الحيوية، وخصوصاً العسكرية والأمنية والصحية، فيستمرّ العمل فيها، لكن مع ضغط مالي كبير.

على المستوى الخارجي

تتجاوز تأثيرات الإغلاق المجال الأميركي لتطال المجال الدولي. فالإغلاق يرسل إشارات سلبية للأسواق المالية العالمية، إذ يعكس الانقسام السياسي وعدم الاستقرار في الاقتصاد الأميركي، ما يؤدّي إلى تقليص ثقة المستثمرين بالدولار والسندات الأميركية التي تُعدّ سندات آمنة. فضلاً عن أنّ احتمالات تباطؤ الاقتصاد الأميركي، تنعكس على التجارة العالمية، نظراً إلى كون الولايات المتحدة أكبر مستورد للسلع والخدمات.

وتجدر الإشارة إلى أنّ الإغلاق الذي بدأ اليوم الأربعاء، بسبب خلاف يتعلق بتخصيص 1.7 تريليون دولار لعمليات الهيئات الحكومية، سبقته سلسلة إغلاقات، أحدثها بين العامين 2018 و2019، واستمرّ 35 يوماً، بسبب خلاف حول تمويل بناء الجدار على الحدود مع المكسيك. وقبله في العام 2013 لمدة 16 يوماً، بسبب رفض الجمهوريين تمويل الموازنة ما لم يتم تأجيل أو إلغاء برنامج “أوباماكير” المتعلّق بإصلاح نظام التأمين الصحي. وكان قد سبقه إغلاق بين العامين 1995 و1996 واستمر 26 يوماً، إثر صراع بين الرئيس الأسبق بيل كلينتون والجمهوريين، حول خفض الإنفاق وإصلاح قطاع الرعاية الصحية. وقبل ذلك، حصلت عدة إغلاقات قصيرة بين العامين 1981 و1990، لم تدم لأكثر من 3 أيام، بسبب خلافات بين البيت الأبيض والكونغرس حول مستويات الإنفاق العسكري والاجتماعي.

مصدرالمدن
المادة السابقةما الذي يتطلبه إنهاء إغلاق الحكومة الأميركية؟
المقالة القادمةلبنان يخطو نحو استدامة مالية بوصايا خبراء المحاسبة