الاقتصادات الغنية تحت ضغط انفلات السيطرة على الديون المتفاقمة

تشهد الاقتصادات الغنية، وعلى رأسها دول مجموعة السبع، تصاعدًا مقلقًا في مستويات الدين العام، وسط تحذيرات متزايدة من انفلات السيطرة على العجز المالي.

ومع تزايد النفقات العامة، وارتفاع كلفة خدمة الدين، وتباطؤ النمو، باتت هذه الاقتصادات تواجه تحديا مزدوجا لا يتمثل في الحفاظ على الاستقرار المالي دون التضحية بمتطلبات التحفيز الاقتصادي.

ومن المتوقع أن تقدم الاقتصادات المتقدمة، من الولايات المتحدة إلى فرنسا، فصلا جديدا من المسرح السياسي أمام الأسواق المالية الأسبوع المقبل، وسط غياب أي بوادر حل لأزماتها المتصاعدة في الدين العام.

وفي أسبوع هادئ على صعيد قرارات البنوك المركزية والبيانات الاقتصادية، من المرجح أن تتجه الأنظار إلى الاضطرابات المالية والسياسية التي تعصف بمعظم دول مجموعة السبع، وما بعدها.

وإلى جانب التطورات المحتملة في أزمة الإغلاق الحكومي بواشنطن والمفاوضات لحل الأزمة المالية في باريس، تستعد اليابان لقيادة جديدة تتولى إدارة أكبر عبء ديون في العالم، بينما تمضي بريطانيا قدماً في معاناتها الطويلة مع إعداد ميزانيتها المقبلة.

99 تريليون دولار حجم ديون العالم، منها 61.3 تريليون إجمالي ديون مجموعة السبع

ويتضمن جدول أعمال اجتماع وزراء مالية الاتحاد الأوروبي، المقرر عقده الخميس المقبل، تمويل خطة الاتحاد المالية متعددة السنوات، في ما قد يكون مسرحاً لخلافات جديدة بين الدول الأعضاء.

وقد تعكس الصورة العامة كيف أن الخلافات السياسية ترهق الاقتصادات الكبرى التي تواجه ضغوطاً متزايدة بسبب تراكم الديون الحكومية الضخمة.

وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي التي كشف عنها الشهر الماضي، فإن الدين العام العالمي وصل الآن إلى 99 تريليون دولار.

ويبلغ إجمالي ديون دول مجموعة الاقتصادات السبع الكبرى حوالي 61.3 تريليون دولار تقريبًا، وهو ما يوازي 124.15 في المئة من إجمالي الناتج الإجمالي لهذه الدول مجتمعة.

وتتصدر الولايات المتحدة القائمة بواقع 37 تريليون دولار، ثم اليابان بنحو 10.1 تريليون دولار، والمملكة المتحدة بديون قدرها 3.69 تريليون دولار، تليها فرنسا بحوالي 3.6 تريليون دولار.

وتحتل إيطاليا المركز الخامس بنحو 3.2 تريليون دولار، ثم ألمانيا بقرابة ثلاثة تريليونات دولار، وأخيرا كندا بمقدار 2.48 تريليون دولار.

ومن المرجح أن تستقطب المواجهة داخل الكونغرس الأميركي أكبر قدر من الاهتمام، مع احتمال تصعيدها إذا مضى الرئيس دونالد ترامب في تهديده بفصل الموظفين الفيدراليين بدلا من منحهم إجازة إجبارية مؤقتة.

وفي الوقت نفسه، تواجه فرنسا مهلة نهائية وشيكة لتقديم ميزانيتها، وتحتاج إلى تشكيل حكومة للقيام بذلك.

وفرنسا ستكون الدولة الأكثر عرضة لأزمة سندات حكومية خلال العامين المقبلين، متفوقةً على نظرائها، بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وفقاً لمسح أجراه دويتشه بنك ونشر الاثنين الماضي.

أما في اليابان، فستتولى ساناي تاكايشي، الفائزة بانتخابات رئاسة الحزب الليبرالي الديمقراطي السبت، منصبها كأول امرأة تتولى رئاسة الوزراء لتقود بلدها عبر عملية إعداد ميزانية معقدة.

وقدمت وزارة المالية في أغسطس طلبا أوليا بقيمة 32.4 تريليون ين (219 مليار دولار) لتغطية احتياجات تمويل الديون للسنة المالية المقبلة، وهو أعلى مبلغ على الإطلاق يُخصص لتكاليف خدمة الدين.

وبحسب تارو كيمورا، كبير الاقتصاديين في “بلومبيرغ إيكونوميك”، فإن تاكايشي، المعروفة بموقفها الداعم للسياسات التحفيزية، خففت من دعواتها إلى التوسع المالي ومعارضتها لرفع أسعار الفائدة من قبل بنك اليابان في ظل ارتفاع التضخم خلال حملتها الانتخابية.

ولكن كيمورا قال “إنها مع ذلك، تبدو أكثر ميلا من غيرها إلى تحفيز الاقتصاد الياباني”.

في أسبوع هادئ على صعيد قرارات البنوك المركزية والبيانات الاقتصادية، من المرجح أن تتجه الأنظار إلى الاضطرابات المالية والسياسية التي تعصف بمعظم دول مجموعة السبع

وفي الوقت نفسه، من المرجح أن يستمر الجدل في المملكة المتحدة حول كيفية فرض الضرائب والإنفاق، بينما تسعى الحكومة إلى طمأنة المستثمرين القلقين بشأن أوضاع المالية العامة.

ويأتي ذلك في وقت تُكثف فيه وزيرة الخزانة رايتشل ريفز العمل على إعداد الميزانية المقرر طرحها في نوفمبر المقبل. ومن المتوقع أن تصدر وكالة ستاندرد آند بورز تقييما محدثا للتصنيف الائتماني لبريطانيا الجمعة المقبل.

وأيضا، من المقرر أن تصدر الوكالة تقريرا حول إيطاليا، التي أصبحت نقطة مضيئة نادرة في المشهد المالي لدول مجموعة السبع.

وتستعد البلاد للخروج من قائمة الاتحاد الأوروبي للدول ذات العجز المفرط، كما حصلت مؤخرا على أول ترقية لتصنيفها الائتماني من وكالة فيتش منذ 2021.

وعلى صعيد آخر، قد تتوجه أنظار الأسواق خلال الأسبوع المقبل صوب ثلاثة قرارات محتملة لخفض الفائدة في آسيا.

وسيكون ذلك إلى جانب نشر محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) وشهادة رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستسن لاغارد وخطاب محافظ بنك إنجلترا المركزي أندرو بيلي.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةلبنان يحمل إلى الخارج «التقدم المحقّق» بملفات اقتصادية شائكة
المقالة القادمةمحاولات لبنانية مضنية لإيقاظ الإنتاج الزراعي المتعثر