2 .1تريليون دولار كلفة الرسوم ألجمركية “الترامبية ” للعام 2025… والشركات العالمية تدفع الثمن ألاكبر

لطالما رُوِّج للتعريفات الجمركية باعتبارها أداة فعالة لإعادة التوازن التجاري، وهي ضريبة يُفترض أن تُستوفى من المصدرين الأجانب الذين يسعون للوصول إلى السوق الأميركية. لكن يبدو أن الحقيقة المُرّة التي يكشف عنها تحليل جديد لشركة S&P Global تتعارض جذرياً مع هذه الرؤية الرسمية.

فالأرقام تتحدث بوضوح عن تحويل منهجي للعبء المالي، حيث تشير التقديرات إلى أن تكلفة التعريفات المفروضة من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سترتفع لتصل إلى 1.2 تريليون دولار على الشركات العالمية في عام 2025 وحده. والأكثر أهمية، أن هذه التكلفة الضخمة لا تستقر في الغالب على عاتق الجهات الأجنبية كما هو مُعلن، بل تُمرَّر لتثقل كاهل المستهلك المحلي.

في ظل هذه المعطيات، أصبحت أسئلة التمويل والمسؤولية الاقتصادية هي المحور. هل يمول المستهلك الأميركي بالفعل “حرب ترامب التجارية”، حيث تشير التقديرات إلى أنه سيتحمل ثلثي العبء؟ هل يدفع الأميركيون تريليون دولار لدعم هذه التعريفات؟ والأهم، في خضم أزمة التريليون هذه، هل يتحمل المستهلك الأميركي ضريبة التعريفات التي وُعد بأن يدفعها غيره؟

حجم الضربة وتوزيع العبء

تُظهر بيانات ” S&P Global ” أن الضربة المالية للتعريفات الجمركية على الأعمال العالمية ليست هامشية، بل تتخذ حجماً غير مسبوق. وتشير التقديرات إلى أن إجمالي النفقات الإضافية على الشركات سيصل إلى ما يزيد عن 1.2 تريليون دولار في عام 2025.

هذا الرقم، الذي وُصِف في التقرير بأنه تقدير متحفظ، يمثل تحويلاً منهجياً للثروة، حيث تعمل التعريفات كضرائب مباشرة على سلاسل التوريد، تتفاقم بفعل التكاليف اللوجستية وتأخيرات الشحن، بحسب تقرير نشرته شبكة “سي إن بي سي” واطلعت عليه سكاي نيوز عربية.

المثير في التقرير هو الكشف عن الطرف الذي يتحمل التكلفة الفعلية. فعلى الرغم من إصرار الإدارة على أن المُصدّرين الأجانب هم من سيتحملون الحصة الأكبر، تشير البيانات إلى أن الشركات المعنية ستتحمل الثلث فقط من هذا العبء. أما الثلثان المتبقيان، فإنهما يقعان على كاهل المستهلكين. وعندما يدفع المستهلكون “أكثر مقابل أقل” بسبب تراجع الناتج الحقيقي، فإن ذلك يؤكد أن حصتهم البالغة الثلثين تمثل الحد الأدنى من العبء الحقيقي الذي يواجهونه.

وأوضح التقرير أن هذه التكلفة تأتي من المعلومات المقدمة من حوالي 15,000 محلل مبيعات عبر 9,000 شركة تساهم في S&P ومؤشراتها البحثية الخاصة.

وقال المؤلف دانيال ساندبرغ في التقرير: “مصادر هذا الضغط الذي يبلغ تريليون دولار واسعة. تعمل التعريفات الجمركية والحواجز التجارية كضرائب على سلاسل التوريد وتحوّل الأموال إلى الحكومات، كما أن تأخيرات الخدمات اللوجستية وتكاليف الشحن تضاعف هذا التأثير”.

وأضاف: “بشكل جماعي، تمثل هذه القوى تحويلاً منهجياً للثروة من أرباح الشركات إلى العمال والموردين والحكومات والمستثمرين في البنية التحتية”.

وكان ترامب قد فرض في أبريل الماضي تعريفات بنسبة 10بالمئة على جميع السلع التي تدخل الولايات المتحدة وأدرج تعريفات “متبادلة” فردية لعشرات الدول الأخرى. ومنذ ذلك الحين، دخل البيت الأبيض في سلسلة من المفاوضات والاتفاقيات مع إضافة رسوم جمركية على مجموعة متنوعة من الأصناف الفردية مثل خزائن المطبخ والسيارات والأخشاب.

بينما أصر مسؤولو الإدارة على أن المُصدّرين سيُجبرون على تحمل الحصة الأكبر من الرسوم، يشير تحليل S&P إلى أن هذا صحيح جزئياً فقط.

في الواقع، تقول الشركة البحثية “s&p”:”إن ثلث التكلفة فقط سيتحمله الشركات، بينما يقع الباقي على عاتق المستهلكين، وذلك بموجب تقديرات متحفظة. تضمنت الأرقام ضربة قدرها 907 مليارات دولار للشركات المشمولة مع ما تبقى من شركات غير مغطاة بالإضافة إلى الأسهم الخاصة ورأس المال الاستثماري”.

وقال ساندبرغ، الذي شارك في كتابة تقرير بيانات الشركة مع درو باورز، كبير المحللين الكميين في S&P Global: “مع انخفاض الناتج الحقيقي، يدفع المستهلكون المزيد مقابل القليل، مما يشير إلى أن حصة الثلثين هذه تمثل حداً أدنى لعبئهم الحقيقي”.

تحليل التكلفة والعائد

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عماد الدين المصبح، أستاذ الاقتصاد في كليات الشرق العربي، في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “إن الحرب التجارية تُموَّل بشكل أساسي من الداخل الأميركي. فالمستهلكون يدفعون الثمن عبر أسعار أعلى للسلع اليومية وقطع الغيار وغيرها، بينما تستفيد الخزانة الفيدرالية من زيادة الإيرادات الجمركية. ورغم أن الصناعات المحلية المحمية قد تحقق مكاسب محدودة، إلا أن قطاعات أخرى، كالزراعة، تعرضت لخسائر فادحة نتيجة الرسوم الانتقامية التي فرضتها الدول الأخرى”.

مصدرالديار
المادة السابقةممثلة “الفاو”: نحو 20% من سكان لبنان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد
المقالة القادمةكل موسم سياحي بحري وانتم بخير