الذهب مستمر بالإرتفاع الجنوني والولايات المتحدة أكثر المستفيدين؟!

يسجّل الذهب إرتفاعات قياسية في الأسعار لعدّة عوامل، أبرزها الاغلاق الحكومي في الولايات المتحدة، الخلاف ما بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والاحتياطي الفيدرالي، والتبدلات في أسعار الفائدة… ولكن اللافت أن سعر الذهب يحلّق إلى مستويات لم يكن أحد ليتخيل أنها قد تصل اليها في هذا الوقت السريع.

هذا المشهد له تداعياته على الاقتصاد والأسواق. ويشرح الخبير الاقتصادي محمود جباعي أن “سعر الذهب دائماً تصاعدي والمعادن، الثمينة ومنذ العام 2020 إلى اليوم هناك مؤشرات بأنها ستكون ​الملاذ الآمن​. وهذا الأمر أدى إلى نشوء سوقين، الأول مرتبط بالذهب والثاني مرتبط ب​العملات الرقمية​ التي تفقد سنوياً ما بين 5 و6% من قيمتها، بينما الذهب يبقى هو الملاذ الامن في ظل ​التوترات الجيوسياسية​ التي تحدث”. ويلفت جباعي إلى أن “أرقام الذهب كان متوقعاً أن تتصاعد، ولكن بسبب الأوضاع التي تحصل والتوترات بين أميركا والصين وعدم اليقين بالوضع السياسي العالمي إرتفع بشكل جنوني”.

“العملات لم تعد مصدراً للإدخار، فأصحاب الثروات باتوا يلجأون إما إلى شراء العقارات أو إلى الاستثمار بالذهب والفضّة مستقبلاً”. هذا ما يؤكده جباعي، مشيراً إلى أن “الطلب على الذهب مرتفع من الولايات المتحدة”، ويضيف: “من قال إن أميركا ليس لها مصلحة أيضاً بإرتفاع سعره وهي تملك 8000 طناً، فهذا يساعدها على اعادة تقييمه وتخفيف الهوّة بين الدين العام والناتج المحلي، إذ إن قيمته الذهب في الولايات المتحدة بلغت تريليون و100 مليون دولار”. هذا ما يؤكده أيضاً الخبير الاقتصادي ميشال فياض، مشيراً إلى أن “أميركا تمتلك أكبر احتياطيات ذهب في العالم، بحوالي 8133 طنًا، وهو حجم ظل مستقرًا لسنوات. وبفضل ارتفاع الأسعار، تجاوزت القيمة السوقية لهذه الاحتياطيات تريليون دولار بحلول أيلول 2025، مقارنةً بقيمة دفترية أقل بكثير وتبلغ حوالي 11 مليار دولار، بناءً على سعر تاريخي قدره 42.22 دولارًا للأونصة”.

ويعود فياض ليشير إلى أنه “مع ازدياد التضخم، والدين العام، والتوترات في عدة مناطق حول العالم، وانعدام الثقة بالدولار، يتجه العديد من المستثمرين والبنوك المركزية نحو الذهب. اضافة إلى ذلك، تشتري الصين وروسيا والهند كميات كبيرة منه لتنويع احتياطياتها وتقليل اعتمادها على الدولار وهذا يزيد الطلب”، ويضيف: “أما الولايات المتحدة، فالأمر غريب بعض الشيء. فهي تمتلك أكبر ​احتياطيات الذهب​ في العالم، لذا فإن هذه الزيادة تزيد من قيمتها. ولكن من المفارقات، أن ارتفاع سعره بشكل كبير غالبًا ما يكون بسبب فقدان الناس الثقة بالدولار، لذا فهو ليس بالضرورة خبرًا سارًا لها”.

“الولايات المتحدة ليست مسؤولة عن الارتفاع، ولكنها أيضًا لا تتأثر به بشكل مباشر”. هنا يشير فياض إلى أنه “في الأساس هو كمؤشر على سعي الأسواق لمزيد من الأمان”، مشدداً على أنه “يمكن اعتبار الارتفاع الأخير في السعر “طبيعيًا” في السياق الاقتصادي والجيوسياسي الحالي، حتى وإن كان استثنائيًا في حجمه”.

صحيح أن إرتفاع سعر المعادن الثمينة والذهب خصوصاً جنوني، ولكن الأكيد أن الولايات المتحدة تستفيد من هذا الارتفاع بكل كبير، بحيث فاقت قيمة الذهب الموجود لديها كل التوقعات…

مصدرالنشرة - باسكال أبو نادر
المادة السابقةالبنك الدولي: التكلفة التقديرية لإعادة إعمار سوريا تتجاوز 216 مليار دولار
المقالة القادمةالبساط: حققنا أفضل نمو اقتصادي منذ 2011