شهدت الشركات الصناعية تقلبات حادة هذا العام في محاولتها التكيف مع السياسات التجارية المتغيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، لكن هذا الربع، أشار مسؤولون تنفيذيون إلى أن الاضطراب قد ينحسر.
ويؤكد قادة الصناعة أن الشركات أتيح لها الوقت الكافي للتأقلم مع الرسوم الجمركية المرتفعة على واردات الولايات المتحدة من السلع الأجنبية.
وعلى عكس النصف الأول من 2025، نجحت بعض الشركات الرائدة في الولايات المتحدة، التي تعكس “الاقتصاد الحقيقي”، – شركات الآلات الثقيلة والمحركات وشركات البناء – في التكيف مع هذه البيئة من خلال الطلب القوي وخفض التكاليف وزيادة الأسعار.
وبينما لا تزال هناك مخاوف كثيرة بشأن الأرباع القادمة، إلا أن عامل عدم القدرة على التنبؤ قد تضاءل، كما يقول المسؤولون التنفيذيون.
وقال مايكل لارسن، المدير المالي في شركة إلينوي تول ووركس، خلال مكالمة هاتفية مع محللين بعد إعلان النتائج الأسبوع الماضي، “بالتأكيد، من منظور التكلفة، وربما من منظور الطلب أيضًا… لم تعد الرسوم الجمركية الحدث الرئيسي هنا”.
ووفقًا لتحليل رويترز، قدرت الشركات التي أعلنت نتائجها بين 16 و31 أكتوبر إجمالي الخسائر المتوقعة على صافي أرباح الشركات العالمية بنحو 7 مليارات دولار، على الرغم من أن الأسواق العالمية لا تزال في منتصف موسم الأرباح.
وخلال الربع الثاني من العام الحالي، قُدِّر هذا الرقم بما يتراوح بين 16.2 مليار دولار و17.9 مليار دولار.
وتُعلن الشركات الصناعية الأميركية حاليًا عن أفضل نمو في الإيرادات على أساس سنوي منذ الربع الأول من عام 2023 بنسبة 6.3 في المئة، وفقًا لبيانات جمعتها مجموعة بورصات لندن (أل.أس.إي.جي).
وخلال الصيف، قدّرت شركة كاتربيلر، المُصنّعة للمعدات، أن الرسوم الجمركية ستُكلّفها ما بين 1.5 مليار دولار و1.8 مليار دولار في عام 2025.
وفي النتائج الصادرة السبت الماضي، ضيّقت الشركة هذا النطاق إلى ما بين 1.6 مليار دولار و1.75 مليار دولار بعد الإعلان عن نتائج ربع سنوية قوية، وارتفعت أسهمها بنسبة 12 في المئة.
وصرح جوشوا شاختر، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة إيسترلي لإدارة الأصول “بشكل عام، تُبلي الشركات الصناعية بلاءً حسنًا في إدارة حالة عدم اليقين والتغيرات في مشهد الرسوم الجمركية”.
وخفّضت شركتا الخدمات اللوجستية العملاقتان يو.بي.أس وفيدكس التكاليف لتعويض إلغاء الإعفاء الجمركي لشحنات التجارة الإلكترونية منخفضة القيمة.
ومع ذلك، خفّضت يو.بي.أس أيضًا عدد موظفيها بشكل حاد، حيث شطبت 48 ألف وظيفة في مواجهة الضغوط المستمرة على أعمالها هذا العام.
ويخشى المحللون من أن تمتدّ التوقعات القاتمة لأصحاب الدخل المحدود والمتوسط، والتي أثّرت على شركات استهلاكية مثل نيويل، إلى قطاعات أخرى من الاقتصاد.
وبالإضافة إلى ذلك، توصلت إدارة ترامب إلى اتفاقيات مع العديد من الدول تفرض بموجبها رسومًا على الواردات الأجنبية تتراوح بين 15 و20 في المئة، بعد أن كانت قد استقرت عند عشرة في المئة خلال فترة توقف سابقة. ولم يُلمس هذا التأثير بشكل كامل بعد.
وصرحت أنجيلا سانتوس، الشريكة ورئيسة مجموعة ممارسات الجمارك في شركة أرينت فوكس شيف قائلة بأن “هذه هي البداية الحقيقية لتأثيرات الرسوم الجمركية.”
وأضافت في تصريح لرويترز “ما زلنا في أكتوبر، وقد بدأت زيادات الرسوم الجمركية المتبادلة في أغسطس، لذا لم يمضِ وقت طويل على فرضها”.
وواجهت بعض الشركات الأوروبية التي تعتمد على المبيعات الأميركية وضعًا أسوأ، حيث أصبح المستوردون في الولايات المتحدة أقل ميلًا لشراء منتجاتها بسبب الرسوم المرتفعة.
وتتوقع أس.كي.أف، وهي شركة سويدية لتصنيع المحامل تُعتبر مؤشرًا عالميًا للتصنيع، ضعف الطلب على المدى القصير، نظرًا لتردد المستهلكين بسبب الرسوم الجمركية وعدم اليقين.
وقال ريكارد جوستافسون، الرئيس التنفيذي للشركة، لرويترز “إذا تمكنا من تحقيق المزيد من الهدوء والاستقرار، فأعتقد أننا سنشهد عودة الطلب”.
وأفادت شركة هياب السويدية لتصنيع معدات البناء لرويترز أن الطلبات تتباطأ منذ منتصف فبراير بسبب التوترات التجارية.
وحذّر الاتحاد الألماني للهندسة (في.دي.أم.أي)، الذي يُمثّل 3600 شركة، من أن أكثر من نصف صادرات الآلات الألمانية والأوروبية قد تتأثر برسوم جديدة إذا أدرجت واشنطن المزيد من المنتجات في قائمة رسومها على الألومنيوم والصلب.
وقد تضررت شركات صناعة السيارات الأوروبية، مثل فولكسفاغن، بشكل خاص، حيث أعلنت الأخيرة عن فرض رسوم بقيمة 5.8 مليار دولار في أحدث نتائجها.
ويُشير مختبر الميزانية التابع لجامعة ييل، والذي يتتبع السياسات التجارية، إلى أن معدل الرسوم الجمركية الأميركية الفعلي بلغ 18 في المئة اعتبارًا من منتصف أكتوبر، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من 90 عامًا.
ومن المقرر أن تبدأ إدارة ترامب تطبيق الرسوم الجديدة بنسبة 25 في المئة على الشاحنات وقطع الغيار المتوسطة والثقيلة المستوردة في الأول من نوفمبر، بما في ذلك الشاحنات القلابة والجرارات ذات الثمانية عشر عجلة، إلى جانب رسوم بعشرة في المئة على الحافلات المستوردة.
وقال دون مارلو، المدير الإداري للمعادن والسلع الرأسمالية في ستاندرد آند بورز غلوبال، إن “الآثار الكاملة لم تظهر بعد، إذ تستهلك الشركات الصناعية مخزوناتها التي لم تُفرض عليها رسوم جمركية بعد.”
وأضاف “في كثير من الحالات، لم ترتفع تكاليف الرسوم الجمركية بعد. لدينا تقديرات أعلى لتكاليف الرسوم الجمركية.”



