أكّد حاكم مصرف لبنان كريم سعيد أن النقاشات مع صندوق النقد الدولي هي طويلة الأمد والنفس ويجب أن نعتاد الاجتماعات التي تحصل بين لبنان والصندوق مشيرًا إلى حاجة لبنان إلى صندوق النقد لأنه بمثابة صكّ بالثقة من المجتمع الدولي في لبنان والذي تردنا بعده الأموال. وقال إن التعاون والتنسيق كاملان بين المركزي ووزارة المال حول مقاربة الأزمة المالية، نافيًا وجود أي خلاف في الموقف اللبناني الرسميّ. وجدّد التأكيد أن أيًّا من السلطات اللبنانية لا يتهرّب من مسؤوليته، في وزارة المال أو الدولة أو المصرف المركزي، وأن مسؤولية الجميع وواجباتهم العمل الحثيث على تأمين سداد الودائع.
وكان الحاكم استقبل وفدًا من جمعية الإعلاميين الاقتصاديين، وردّ على تساؤلاتهم بعرض للسياسة التي ينتهجها المصرف المركزي والقائمة على تأكيد استقلالية المؤسّسة وعملها في حماية النظام المالي، وكشف أن السياسة التي ينتهجها منذ توليه مهامه ترتكز على مجموعة مبادئ وأسس من شأنها أن تسهم في إيجاد الحلول للأزمة المالية. وقال إن الإجراءات المتخذة توزعت على أكثر من محور، بدءًا بتأكيد استقلالية المركزي ليس عن السلطة السياسية فحسب، وإنما أيضًا عن القطاع المصرفي حيث العلاقة تجارية وليست سيادية.
دور المركزي هو دور رقابيّ وتنظيميّ ولا يسمح بتضارب الصلاحيّات، كما حصل في السابق بعدما فقد المصرف استقلاليته، وأكد أن موقفه حازم في هذا الشأن على اعتبار أن المصرف المركزي هو مصرف الدولة، “ولسنا مصرفيي الدولة”. ورأى أن المرحلة الماضية حمّلت المركزي دورًا أكبر من دوره لجهة الاتكال عليه لتمويل الدولة.
التدابير الاحترازية
في المحور الثاني، تحدّث الحاكم عن التدابير الاحترازية التي اتخذها مصرف لبنان، إن عبر التعميم 169 أو التعميم 170 لضبط الاقتصاد النقدي وعمل شركات التحويل، آملًا أن تساعد هذه الإجراءات الاحترازية في إخراج لبنان من اللائحة الرمادية. وكشف أن التعاقد مع شركة “K2 Integrity” المتخصصة في طبيعة الاقتصادات النقدية، والتي قدمت تجربة ناجحة في العراق والإمارات العربية المتحدة وساعدت الأخيرة على الخروج من اللائحة السوداء، سيساعد لبنان في مسح الاقتصاد النقدي وتحديد حجمه وذلك من ضمن حلقات الأمان التي نعمل عليها لتأمين أعلى نسبة في الامتثال.
لا تمييز بين المودعين
أما في موضوع الودائع فرفض الحاكم التمييز بين صغار المودعين والكبار منهم، مشيرًا إلى أن إعطاء الأولوية للصغار يعود إلى أن قدرتهم على التحمّل أضعف. وأكّد أن هدف المركزي إعادة الودائع لأصحابها الشرعيين، والعمل الجاري اليوم يركّز على تقليص حجم الفجوة من خلال إلغاء كلّ الشوائب المتأتية إمّا من فوائد متراكمة أو تحويلات من الليرة إلى الدولار أو تحويلات مالية مجهولة المصدر. وقال إذا تمكّنا من تقليص المطلوبات، فهذا سيخرجنا من أزمة الملاءة إلى أزمة سيولة ربّما ولكن قابلة للمعالجة.
بالنسبة إلى دين الـ 16.5 مليار دولار، قال سعيد هناك مسؤولية على الدولة اللبنانية وهي عبارة عن سلفات وليست قروضًا. لافتًا إلى أنه فتح حساب في مصرف لبنان عام 2004 ولا يتمّ تحريكه إلّا من خلال وزارة المالية، دخل إليه 62 مليار دولار وخرج منه 79 مليار دولار فأين ذهبت الـ 16,5 مليارات دولار، من هنا ضرورة إعادة رسملته لتسديد أموال المودعين عبر إشراك الدولة على أن يتحمّل مصرف لبنان القيمة الكبرى.
وفي ما يتعلّق بزيادة السحوبات من خلال التعاميم في بداية السنة، قال إن المجلس المركزي لمصرف لبنان هو الذي يتخذ القرار في هذا الشأن وذلك إذا تبين أن هناك حاجة ملحّة، وأن القوانين التي ستحلّ المشكلة المالية ستتأخر وإذا كانت الكتلة النقدية مستقرة.



