التدقيق الجنائي والمالي في أموال الدعم: الشفافية أولاً

منذ نحو الشهر، أعلن مصرف لبنان بالتنسيق مع وزارتَيّ المال والعدل، التحضير للانطلاق بالتدقيق الجنائي والمالي من قِبَل جهة خارجية، لتحديد مسار أموال المستفيدين من برنامج الدعم الحكومي بعد تاريخ 17 تشرين الأول 2019.

كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل يذكّر عبر “المركزية” بأن “المناقصة المتعلقة بعملية التدقيق ستتم من خلال هيئة الشراء العام، وحتى اليوم لم يتم اختيار الشركة المولجة بهذه المهمة، إنما التحضيرات جارية بالتأكيد في هذا الموضوع بالتعاون والتنسيق طبعاً مع وزارتيّ المال والعدل”، مؤكداً أنه “عند اختيار الشركة سيتم الإعلان عن اسمها بكل شفافية، وعن مهامها ومسؤولياتها والمهلة الزمنية التي ستستغرقها عملية التدقيق المالي والجنائي، وبالتالي يجب تجنّب التكهّن وعدم استباق الأمور ترقّباً للخطوات التالية التي سيقوم بها البنك المركزي وهيئة الشراء العام.

ويشير في السياق، إلى أنه “سبق للبنك المركزي أن أوضح في هذا الموضوع، هدف هذه الخطوة وحصره باختيار شركة متخصّصة تتولى عملية التدقيق المالي والجنائي، وليس في ما يتعلق بدعم السلع المستوردة وحسب، إنما ستغطي أيضاً التحاويل المالية لحسابات مصرفية في الخارج، والنفقات التي تكفّل بها مصرف لبنان نيابةً عن الدولة بين عامي 2019 و2023. كما يهدف التدقيق إلى تصويب أي مدفوعات غير واضحة المسار أو سوء إدارة للأموال العامة كما أي سوء استخدام للسلطة الذي قد يكون حصل من خلال برنامج الدعم… كما أن مصرف لبنان سيُتيح لكل الشركات المختصّة والتي لديها القدرة والخبرة، إجراء تدقيق جنائي للحكومات والمصارف المركزية والمؤسسات العامة”.

ويلفت إلى أن “أرقام الدعم في حدّ ذاتها سبق وقال في شأنها النائب السابق لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري أن الكلفة الشهرية للدعم بلغت 800 مليون دولار تقريباً من مجموع احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية، ما يُظهر أن كلفة الدعم بكاملها تراوحت ما بين 12 و14 مليار دولار”.

من هنا، يؤكد غبريل أن “الهدف من هذه الخطوة هو التزام الشفافية التي تعهّد بها حاكم مصرف لبنان كريم سعَيد عند تسلّمه سدّة حاكمية مصرف لبنان من جهة، ومن جهة أخرى معرفة مسار أموال الدعم والمستفيدين منها، ومحاولة استردادها… فهي في نهاية المطاف، أموال المودِعين ونعلم جيداً مدى استخدام تجار الأزمات لقرار الدعم والشعبوية الزاحفة في هذا الموضوع”.

ويرى أن “خطوة مصرف لبنان ستحدّ من المزايدات الشعبوية، خصوصاً أننا مقبلون على انتخابات نيابية حيث بدأت جهات معيّنة استخدام هذه الورقة لدغدغة مشاعر المودِعين في الفترة التي تسبق الانتخابات النيابية”.

إن ما يقوم به مصرف لبنان بالتنسيق مع وزارتيّ المال والعدل، بحسب غبريل، “تتقدّم الشفافية أولويّاته، يليها تحديد مسار أموال الدعم وماهية المستفيدين، لكن هذا التدقيق يقطع الطريق بشكل غير مباشر، على استغلال ملف الودائع في المرحلة المقبلة التي تسبق الانتخابات النيابية”.

وعما إذا كان حاكم مصرف لبنان سيتمكن من تحديد مسار الأموال، يقول: ليس من مسؤولية الحاكم تحديد ذلك، إنما التدقيق المالي والجنائي. أما مصرف لبنان فيتخذ الخطوات والإجراءات من ضمن الصلاحيات المنوطة به قانوناً. أما بالنسبة إلى استرجاع هذه الودائع، فذلك يعود إلى ما ينصّ عليه القانون في هذه الحالة، فالمسؤولية لا تقع بأكملها على مصرف لبنان بل هناك سُلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية. فالبنك المركزي يتصرّف وفق الصلاحيات التي يمنحها له القانون…

ختاماً لا يغفل غبريل الإشارة إلى “وجوب تعاون السلطات الأخرى في هذا الموضوع… وتوفّر الإرادة السياسية”! هل تبادر الأخيرة بعيداً عن الشعبوية الانتخابية؟!

مصدرالمركزية - ميريام بلعة
المادة السابقةضبط أدوية دخلت المطار بتأشيرات مزوّرة من وزارة الصحة