أسعار معسّل «النخلة» تقفز 60%: استهلاكه زاد الاستهلاك 2000 طن

تقول الريجي إنّ الزيادة التي طُبّقت على صنف المعسّل «النخلة» مؤخّراً، بناء على طلب الشركة المصنّعة، تبلغ فقط 5% ما أدّى إلى ارتفاع في سعر «كفّ» المعسّل بوزن 250 غرام، من 855 ألف ليرة إلى 902 ألفاً فقط. غير أنّ ما يجري في السوق يبتعد كثيراً عن هذا الإطار الضيق، إذ كان يفترض أن تباع هذه العلبة بـ10 دولارات ثم صارت تباع بـ 16 دولاراً، أي بزيادة 60% من دون أي مبرّر تجاري أو استهلاكي ما يشير إلى سوء رقابة على سعر المبيع بين الوكلاء وتجّار التجزئة الذين لم يلتزم أي منهم بالأسعار الرسمية.

رغم هذا الارتفاع «الجنوني» في هذا الصنف، وهو الأكثر مبيعاً، إلا أنّ الطلب يبقى في ذروته. ففي هذه السنة، وبحسب مؤسّسة حصر التبغ والتنباك، يقدّر أن تسجّل مبيعات معسّل النخلة في نهاية السنة الجارية نحو 7000 طن، مقارنة مع 5000 طن في السنة الماضية ومع 3000 طن في 2020، ما يعني أنّ الاستهلاك يزيد بشكل مطّرد عاماً بعد عام، حتى في ظلّ الفروقات الكبيرة في الأسعار بين آونة وأخرى. ويضاف إلى ذلك أنّ جزءاً أساسياً من السوق أيضاً يتعلّق بالمبيعات غير النظامية لكميات مهرّبة أو مزوّرة ما يرفع الاستهلاك الفعلي إلى مستويات أكبر بكثير ممّا يظهر في البيانات الرسمية.

هذا الارتفاع في الاستهلاك لا يبدو طارئاً أو مفاجئاً، بل هو مسار ممتدّ منذ سنوات. لا شيء يشكّل عائقاً بين المقيمين المدخّنين وبين «كفّ» المعسل. وبحسب أرقام مصدرها المدير التجاري في الـ«ريجي» جورج حبيقة، فإنّ سوق معسّل النخلة يساوي 20% فقط من مبيعات الأصناف التبغية الأخرى. ففي عام 2020، سجّلت «ريجي» مبيعات بلغت 3000 طن، ثم ارتفعت إلى 4000 طن في 2021، وبلغت 4500 طن في 2023 ثم 5000 طن في 2024، وها هي اليوم تسجّل 7000 طن.

ويشدّد حبيقة على أنّه يتوافر في السوق اللبناني حالياً نحو 130 صنف معسّل، وجميعها تُباع وفق الأسعار الرسمية الصادرة عن الإدارة، باستثناء صنف «النخلة»، وهو ما يجعل الحديث عن «مشكلة في سوق المعسّل» توصيفاً غير دقيق، إذ إنّ الإشكالية محصورة بصنف واحد نتيجة الطلب الكبير عليه مقابل محدودية الإنتاج. ويكشف أنّ بعض تجّار المفرّق لا يلتزمون بالأسعار الرسمية، لافتاً إلى أنّ الإدارة بالتنسيق مع الشركة صاحبة العلامة التجارية تعمل على زيادة طلبية المواد الأولية لصنف «النخلة»، على أن تُرفع القدرة الإنتاجية تدريجياً ابتداءً من مطلع العام القادم.

وفي مراجعة لمسار الأسعار في أثناء السنوات الثلاث الماضية، يظهر أنّ صنف «النخلة – 250 غرام – تفاحتين» شهد ارتفاعاً تدريجياً، أي أنّ الارتفاع المسجّل أخيراً ليس الأول ولا الوحيد. فالصندوق كان يُباع بنحو 274 دولاراً في نهاية 2023، ارتفع إلى 296 دولاراً في نهاية 2024، قبل أن يصل إلى 312 دولاراً في تشرين الأول 2025. أي أنّ هناك زيادة تراكمية على مدى السنوات. أمّا على مستوى التوزيع، فيلفت حبيقة إلى أنّها تُنفّذ عبر رؤساء البيع، ويبلغ عدد رخص البيع في لبنان نحو 800 رخصة. ويشدّد على أنّ الادّعاء بوجود «احتكار» لا أساس له، خصوصاً أنّ نسبة عمولة التوزيع البالغة 13% موزّعة بين أكثر من طرف منها 3% لرؤساء البيع و10% لتجّار المفرق.

في المقابل، يؤكّد أحد الباعة بالمفرق أنّ المشكلة الأساسية في شحّ الكميات المتوافرة للتسليم. فالحصص التي كانت تصل إلى المحالّ تقلّصت بشكل ملحوظ لأنّ الوكلاء يبلّغون بأنّ الكمية التي تزوّدهم بها «الريجي» ضئيلة، ما خلق الـ«فلتان» في التسعير. ويشير إلى أنّ تشديد ملاحقة التهريب في أثناء المدّة الماضية أدّى دوراً أساسياً في تغيير ديناميات السوق. فإقفال قنوات التهريب والتشدّد في ضبط البضائع «غيّر المشهد»، على حدّ تعبيره، وجعل جزءاً من السوق الذي كان يعتمد على بضائع غير نظامية يخضع لقيود جديدة.

في هذا المنحى، تشير «الريجي» إلى أنّ الإدارة تعتمد سياسة تسعير مدروسة للحدّ من التهريب، إذ ترى أنّ الإبقاء على الأسعار المنخفضة هو أحد أهمّ أدوات مكافحة التهريب. وبرأي حبيقة، فقد أسهمت هذه السياسة في خفض نسبة التهريب إلى أقلّ من 15%، وتمكّنت الإدارة من تحقيق عائدات بلغت نحو 400 مليون دولار في 2024، مع توقّعات بتجاوز 500 مليون دولار هذا العام. ويشدّد على لو أنّه ضبطت الحدود بشكل كامل، واعتمد التسعير الطبيعي للمصنوعات وفق معايير القوة الشرائية، لكانت أرباح الإدارة قد قاربت المليار دولار.

مصدرجريدة الأخبار - زينب بزي
المادة السابقة“قانون الفجوة المالية” في لمساته الأخيرة… وصندوق النقد يحضّر ملاحظاته للمسودّة الأولى
المقالة القادمةتكبّد المقيمون 1.5 مليار دولار إضافية نتيجة خفض ساعات التغذية: وزارة الطاقة يعلوها الصَّدَأ… والعتمة